تباين مسار التعافي بين اقتصاديات العالم ففي الوقت الذي استطاعت فيه عدة بلدان إظهار قدرة على العودة الى مستويات قريبة مما كانت عليه قبل الجائحة مازالت العديد من الاقتصاديات تكافح لأجل الخروج من المناطق الحمراء لنموها الاقتصادي حيث حصل لديها انفجار غير مسبوق في نسبة البطالة.
بحلول العام الجاري بدأت ملامح أثار الجائحة تتضح أكثر فأكثر لتظهر أي الاقتصاديات نجحت في المرور بأخف الأضرار وأيها مازالت تعاني من كارثية الآثار فعندما بدأت الجائحة في الانتشار في كامل انحاء العالم انطلاقا من مدينة ووهان الصينية التي تعد مركز صناعي واقتصادي كانت كل الدلائل تشير إلى أن إجراءات حماية الأرواح ستكون كلفتها باهضة جدا ولن تستثنى اي دولة من الاثار. كانت السيناريوهات الاولية التي وضعت في افريل 2020 قد قدرت نتائج كارثية ستكون بالاساس انكماش الاقتصاديات نتيجة الاغلاق الكبير ومع انطلاق اجراءات تخفيف القيود والعودة التدريجية الى النشاط أصبحت الارقام التقديرية تترجم على ارض الواقع فقد تراجعت اساسا قطاعات السياحة والسفر وفقد القطاع نحو 1300 مليار دولار وتراجع عدد السياح في العالم بنسبة 74 % .
نمو اقتصادي متفاوت
يعد قطاع السياحة مهم لعديد الاقتصاديات وقد مثل التراجع الكبير في نشاطه تهديد بانهيار اقتصاديات عديدة اهمها الاقتصاديات النامية والناشئة على غرار تونس والاردن والمغرب .. وفعلا فقد اثر تراجع القطاع السياحي في اداء الاقتصاديات المعتمدة على هذا النشاط ليكون الانكماش كبير ففي تونس انكمش الاقتصاد في العام 2020 بـ8.8 % وفي 2021 لم يكن الاداء جيدا فالى حدود الثللاثي الثالث سجل الاقتصاد التونسي نموا بـ 0.3 %. وتراجع النمو الاقتصادي في المغرب بـ 7 % وانكماش ب 1.6 % في الاردن. وانكمش النمو العالمي بنسبة 3.5 %، انكمش النمو في منطقة اليورو بنسة 6.8 % وانكماش بنسبة 4.3 % في الاقتصاد الامريكي.
في العام 2021 من المتوقع ان يسجل العالم نموا بـ 5.9 % ومازالت النتائج غير نهائية الا ان منطقة اليورو تشير التوقعات الى ان منطقة اليورو قد تسجل نموا ب 5 % والولايات المتحدة الامركية نسبة 5.7 % في اخر تحديث.
أما الأسواق الصاعدة والاقتصاديات النامية، من المتوقع أن يسجل معدل النمو للعام 2021 نسبة 6.3 % في 2021 . إلا انه وحسب البنك الدولي فانه بحلول العام 2023 ستكون جميع الاقتصاديات المتقدمة قد حقَّقت التعافي الكامل بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، ولكن اقتصاديات الأسواق الصاعدة والاقتصاديات النامية سيظل منخفضا بـ 4 % مقارنة بمستويات ما قبل 2020.
تباين مسار تخفيض نسب البطالة
ومن المسارات غير المتساوية للبلدان في العالم ارتفاع البطالة تساهم هذه النتائج في زيادة معدلات البطالة وتفاقم أوجه عدم المساواة ن العديـد مـن البلـدان سـتكون بحاجـة لتحقيـق نمـو قـوي للغايـة للحـد مـن البطالـة في ظـل غيـاب الإصلاحـات
التشهوهات التي ألحقتها الجائحة باقتصاديات العالم وخاصة منها النامية والناشئة نسفت جهود تخفيض البطالة التي انفجرت في البلدان النامية والصاعدة وشهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أعلى معدل بطالة في العالم.
وتتوقع منظمة العمل الدولية ان تكون نسبة البطالة في العام 2022 نسبة 5.9 % ويبقى اعلى عن معدلات 2019 حين بلغت 5.4 % وتتباين النسب بين اقتصاديات العالم حييث مازالت مترفعة في عديد االبلدان ففي تونس تصل الى معدل 18.4 %
في الولايات المتحدة الامريكية تراجع معدل البطالة فيي نهاية 2021 الى 3.9 %. وتواصل المعدلات تراجعها في منطقة اليورو لتبلغ في اخر الاحصائيات معدل 7.4 %.
ويقول صندوق النقد الدولي ان البلدان ستحتاج إلى تصميم سياساتها حسب مراحل الجائحة المختلفة، اعتمادا على مزيج من الدعم الأفضل استهدافا للأسر والشركات المتضررة، والاستثمارات العامة. وبينما يستمر التحسن في تغطية اللقاحات وانحسار النقص في الإمدادات، ينبغي أن تركز هذه الجهود على توسيع شبكات الامان الاجتماعي وتخصيص موارد كافية للرعاية الصحية والتعليم.
ودعم الإنتاجية من خلال سياسات لتيسير عملية التشغيل وتشجيع المنافسة والابتكار. و تعزيز الاستثمار العام في البنية التحتية، ولا سيما البنية التحتية الخضراء للمساعدة على جذب استثمارات القطاع الخاص.
هذا بالاضافة الى اهمية التعاون الدولي لمعالجة التباعد المتزايد بين أوضاع البلدان. فمن الضروري أن تتاح للاقتصادات التي تعاني من قيود مالية فرصا كافية للوصول إلى السيولة الدولية لتمويل الإنفاق على التنمية.
وتشير اغلب التوقعات إلى أن الناتج الاقتصادي في الاقتصادات المتقدمة سيعود هذا العام إلى الاتجاهات العامة التي كانت سائدة قبل الجائحة ،فيما تحتاج معظم البلدان الصاعدة والنامية إلى سنوات أطول لتحقيق التعافي ،حيث سيكون للتأخر ضريبة على هذه الدول ،حيث ستواجه صعوبات اقتصادية طويلة الأمد.