وخاصة منها الصحة والتعليم، وترتكز بالخصوص على ضرورة إعادة دور الدولة كفاعل اقتصادي وسياسي واجتماعي في المجتمع، لاسيما من أجل ضمان حقوق الفئات الهشة.
ودعا المتدخلون في هذا الحوار الوطني الذي نظمته الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، تحت عنوان «من أجل تونس أخرى ممكنة» وبمشاركة ممثلين عن منظمات وطنية ومكونات من المجتمع المدني، الى ضرورة الاستثمار في التعليم العمومي من أجل القطع مع الخوف والفقر واستعادة دور التعليم في تخريج كفاءات تونسية ينتفع بها المجتمع على مر السنين.
وقالت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، يسرى فراوس، في تصريح لوكالة تونس افريقيا للانباء، إن «الهدف من تنظيم هذه التظاهرة الحوارية يتمثل في العودة بالمسائل الاقتصادية والاجتماعية في تونس الى مربع الحوار خاصة مع مرور 10 سنوات على الثورة التونسية».
واعتبرت أن تونس حققت منذ الثورة الى اليوم اصلاحا سياسيا هاما وفق مبادئ الدستور، الا ان الدولة أهملت الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لمواطنيها، منتقدة تراجع دور الدولة في تحقيق التزاماتها الحقيقية في القطاعات الحيوية، على غرار الصحة والتعليم والسكن الاجتماعي واثقال كاهل المواطن بالضرائب وعجزها عن توفير مواطن الشغل وعدم تكريس المبادئ التي قامت عليها الثورة التونسية من «شغل وحرية وكرامة وطنية».
ودعت الى استشراف عشر سنوات أخرى تقوم على اعتماد منوال تنموي جديد يرتكز على المشاركة المواطنية وتبادل الآراء والخبرات والاعتماد على ذكاء الكفاءات التونسية من أجل ايجاد حلول وبدائل تنموية اخرى بدليلة للواقع المعيشي الحالي.
ولاحظ الباحث في علم الاقتصاد، مصطفى الجويلي، خلال التظاهرة، أن نفقات التنمية في ميزانية الدولة تشهد ارتفاعا من سنة الى أخرى خلال الفترة الاخيرة الا انها لم تساعد على خلق مواطن شغل جديدة، واصفا الاستثمار في التنمية بالاستثمار «الطفيلي» باعتباره لا يرتكز على الجودة وعلى ايجاد حلول ناجعة لمعظلة البطالة.
ولاحظ ان بعض المرافق العمومية تشهد نقصا في عدد الموظفين، فضلا عن وجود شغورات عديدة في وزارة التربية والصحة وغيرها، مفندا ما يتم تداوله من قبل مسؤولي الدولة حول تزايد كتلة الاجور وكثرة الموظفين في الوظيفة العمومية مقارنة بدول اخرى.
واعتبر أن الدولة أخلت بوظيفتها الاقتصادية والاجتماعية مما أدى الى تردي الخدمات الاجتماعية من صحة وتعليم ونقل الامر الذي ساهم في توجه المواطن نحو القطاع الخاص ذي الكلفة الباهظة من أجل الظفر بخدمة راقية.
ومن جهته، قال رئيس المعهد العربي لحقوق الانسان، عبد الباسط بن حسن، خلال هذا الحوار الوطني، إنه «من أجل بناء تونس أخرى يجب اولا ارساء تعليم عمومي وفق رؤية جامعة لتعليم مجتمعي».
ودعا الى ضرورة الاستثمار في المربي واشراك التلميذ في كل ما هو محيط به من ازمات وجوائح وقضايا انسانية وعدم التخفيض من ميزانية وزارة التربية وتوفير كل ما يستحقه الاطار التربوي والتلميذ، وذلك من أجل انقاذ قطاع التعليم العمومي.
وأشار رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، عبد الرحمان الهذيلي، في مداخلته حول انعكاسات الوضع الاقتصادي على الوضع الاجتماعي وخاصة مسألة الانقطاع المدرسي الذي يسجل سنويا 100 ألف تلميذ منقطع، إلى ان معظم المنقطعين ينحدرون من الاحياء الشعبية والمناطق الداخلية وانخرط العديد منهم في الهجرة غير النظامية والجريمة والبطالة ومختلف السلوكيات المحفوفة بالمخاطر.
وانتقد تراخي الحكومات المتعاقبة منذ الثورة الى اليوم في التعاطي مع ملف القضايا الاجتماعية الذي «تركته جانبا واصبحت تخوض في مسائل أخرى»، حسب تعبيره، ملاحظا وجود قطيعة كبيرة بين الطبقة السياسية والمواطنين من الطبقة الفقيرة.