نحو تطوير الاقتصاد الدائري في صناعة النسيج التونسية: التدوير ضرورة للحفاظ على الصناعة و المحيط والبيئة

تنادى -قبل أيام بأحد نزل العاصمة في إطار التعاون بين تونس والاتحاد الأوروبي- جمع مهم من الخبراء والمهنيين، في مجال التنمية الصناعية المستدامة ،

و ممثلي الجامعة الوطنية للنسيج والمنظمة الأممية للتنمية الصناعية ( ONUDI ) ومن الاتحاد الأوروبي ، وصناعيي النسيج بتونس وممثلين عن وزارات الصناعة والشركات الصغرى والمتوسطة ووزارة الشؤون المحلية والبيئة ، حول مائدة حوار ونقاش لعرض موضوع التدوير في صناعة النسيج .

وقد كان اللقاء مناسبة لإطلاق مشروع Med Test 3 الممول من الاتحاد الأوروبي وستنفذه المنظمة الأممية للتنمية الصناعية بهدف تطوير الاقتصاد الدائري في صناعة النسيج التونسية. ويهدف البرنامج إلى تطوير صناعة النسيج التونسية في إطار تركيز سياسة تدوير مجدية لها عبر الحد من الاستهلاك المفرط و هدر للمواد الخام والمياه ومصادر الطاقة غير البديلة .ويأتي اختيار قطاع النسيج الذي سيحظى بهذه المتابعة خلال الفترة من 2020 إلى 2022، ليحقق في نهاية المطاف الاعتماد التام على نهج الاقتصاد الدائري في جميع مفاصل ومراحل سلسلة قيمة الإنتاج في النسيج، وهذا من شأنه ان يحد في الآخر من هدر الموارد ويحد من إنتاج النفايات الصناعية عبر إعادة الاستخدام، وبالتالي تحسين القدرة التنافسية للشركات المصنعة.

و سيعمل المشروع على تعزيز الإنتاج المستدام للنسيج الذي يحتل المرتبة الأولى من حيث التشغيل ومن حيث عدد الشركات، دون إغفال أهميته في المنظومة الاقتصادية للبلاد، وكذلك التأثيرات السلبية لهذه الصناعة على البيئة. وهذا ما يبرر اختيار البدء بقطاع النسيج لوضع أسس التدوير المجدي لهذه الصناعة، لدراسة جدوى هذه العملية على الاقتصاد الخطي (الإنتاج والاستهلاك والتخلص) والتي تتجاوز تكاليفها الآن الأرباح حسب ما أظهرته الدراسات.

وبرز من خلال الأطروحات والنقاشات المهمة التي أثيرت ، أن النظام الحالي للإنتاج والتوزيع والاستخدام يمثل خطأ العملية الصناعية في مجملها تقريبا كما تمت ملاحظة العوامل السلبية البيئية والاجتماعية المؤثرة في جميع مراحل سلسلة القيمة. وهذا ما يجعل الاقتصاد الدائري بديلا قابلا للاستمرار وذا مصداقية، وذلك لحفاظه على قيمة المنتجات والمواد والموارد لأطول فترة ممكنة إلى جانب الحط من إنتاج النفايات إلى أدنى مستوى.

وابرز الخبراء بشكل شامل ما يستهلكه قطاع النسيج من موارد مختلفة ، كالماء في زراعة القطن وفي الصباغة، من ذلك أنه ما بين 7 ألاف و 11 ألف لتر من المياه تستعمل لصنع الجينز، دون أن نغفل الاعتماد الكبير للصناعة على الطاقة الأحفورية التي تدخل في أنواع عدة من الألياف الاصطناعية المشتقة من النفط كالبوليستر والبولي أميد وغيرها، حيث يمثل اليوم البوليستر 60 % من الألياف المستخدمة حاليا ومن المتوقع أن يتضاعف استخدامها بحلول سنة 2030. كما لم يغفل التطرق إلى ما تولده صناعة النسيج من الملوثات أثناء إنتاج الألياف المستعملة على غرار المبيدات الحشرية والأسمدة للقطن التي تمثل 26 % من مجمل الألياف المستخرجة أثناء الإنتاج.

وبالتطرق إلى مضار صناعة النسيج أشار الخبراء إلى ما تمثله الألياف المجهرية البلاستيكية والألياف الاصطناعية التي تلقى في البحر الأبيض المتوسط دون تصفية أو تنقية لاحتواء جانب منها على مواد كيميائية سامة تتطلب عقودًا لتتحلل، مما يجعلها تنتهي في سلال غذائنا بكل مخاطرها غير المعلومة، هذا، دون أن نغفل ما يولده إنتاج ونقل المنسوجات من كميات كبيرة من الغازات الدفيئة.

وأجمع المنتدى في النهاية على ما يوفره الاقتصاد الدائري من حلول عدة لقطاع النسيج عبر وضع طرق جديدة للتصميم والإنتاج واستهلاك أكثر واقعية وكفاءة. وتنأى بالموارد في مجملها عن الهدر خاصة مع تزايد تنامي الحس بأهمية التدوير في صناعة النسيج من ذلك أن واحدا من كل ستة مستهلكين يقدم المسؤولية الاجتماعية والبيئية في تصنيع الملابس كمعيار جدي للشراء. وفي ضوء هذا الوعي المتنامي لا بد من تطوير تدوير صناعة النسيج في بلادنا، ومن ورائها كامل المنظومة عبر إبراز المسؤولية البيئية والاجتماعية التي لم تعد اليوم ترفا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115