شكلت الوضعية المالية للمجمع الكيميائي التونسي ومستقبله في ظل هذه الوضعية الحرجة محور اليوم الختامي للندوة التكوينية القطاعية التي نظمتها الجامعة العامة للنفط والمواد الكيمياوية على امتداد ثلاثة أيام 21 و 22 و23 نوفمبر الجاري.
وكانت المداخلة التي قدمها خبراء من المجمع الكيميائي التونسي صيحة فزع جراء الوضعية الحرجة التي يعيشها المجمع والتي انطلقت منذ 2011 وبلغت ذروتها في هذه الفترة فقد كان القطاع يساهم قبل 2011 من 5 الى 6 % في الناتج المحلي الإجمالي. كما كان يمثل 12 % من رقم معاملات التصدير الوطني واليوم نزل إلى 3 %. أما في ما يتعلق بالنتائج المالية للمجمع فقد نزل الرقم من 200 مليون دينار قبل 2011 إلى معدل سلبي يقدر بـ 80 مليون دينار. وكان الأخطر تآكل فائض الخزينة من 900 مليون دينار في موفى 2011 إلى الصفر حاليا. وتنامت بذلك الديون المتخلدة بذمة المجمع تجاه شركة فسفاط قفصة إلى ما قيمتة 380 مليون دينار متوقع مع نهاية 2019.
وباعتبار النتائج السلبية المذكورة سابقا فان مجموع الخسائر في الفترة المتراوحة بين 2012 و 2018 بلغ 610 مليون دينار اي ما يمثل 128 %. كل هذه التطورات السلبية أدت إلى خطر عدم قدرة المجمع على الإيفاء بتعهداته المالية بالعملة المضمونة من طرف الدولة والتي تقدر بـ 20 مليون دولار سنويا.
الاستعراض التاريخي للمجمع اثبت انه بين 1995 و 2010 كان يسجل أرباحا امتراكمة تقدر ب451 مليون دينار.ونزل الى 40 مليون دينار سنة 2011 وانطلاقا من 2012 أصبحت كل النتائج سلبية.
فقد نزل مؤشر استهلاك الفسفاط داخل المجمع من 6.6 مليون طن سنة 2010 إلى 2.2 مليون طن في 2018. وارتفعت أعباء الأعوان من 128 مليون دينار سنة 2010 إلى 269 مليون دينار في 2018. أما فيما يتعلق بشركات البيئة والغراسات فقد ارتفعت أعباؤها من 10 مليون دينار سنة 2011 إلى 81 مليون دينار في 2018.
أما عن الديون الخارجية للمجمع فقد رفض البنك الاوروبي سحب بقية القروض، وفي أكتوبر 2018 قام بإلغاء جميع المبالغ المتبقية المقدرة بـ 84 مليون يورو.
من الأسباب التي تم استعراضها والتي كانت وراء الانهيار الكبير للمجمع ذكر الخبراء ان الاحتجاجات الاجتماعية والمطلبية الخارجة عن التاطير النقابي كانت أهم الأسباب بالإضافة إلى الأسباب المتعلقة بالجانب التقني والكفاءات والتخلي عن مناولة نقل الفسفاط وتراجع نقل الفسفاط بالقطارات والتكاليف الباهظة الناتجة عن الإيقاف الاضطراري لوحدات الإنتاج ثم إعادة تشغيلها إلى جانب النقائص في الصيانة كما كان للانتدابات ذات الطابع الاجتماعي بعد الثورة تأثيرها، كما تأثر المجمع بتراجع الشعور بالانتماء للمؤسسة والخروج المكثف للإطارات والأعوان أصحاب الكفاءة.بالإضافة إلى الأسباب ذات الصلة بالإجراءات والتراتيب الخاصة بالمنشاة العمومية.
ومن الحلول التي أوردها الخبراء والتي يمكن اعتمادها في العام المقبل الترفيع من إمكانيات الشركة الوطنية للسكك الحديدية حتى يصبح بالإمكان نقل الفسفاط بسهولة اكبر وضمان جاهزية وحدات الإنتاج وتامين مواقع الإنتاج وضمان سلامة الأعوان واستحثاث نسق التصدير وانجاز المشاريع المعطلة والإسراع في انجاز برنامج التكوين المستهدف لأعوان التنفيذ وتعزيز المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة.