على حساب الاستعمال الأسري لتحقيق أرباح غير مشروعة نتيجة الفارق في الأسعار، أو الى وجود صعوبة في عمليات المراقبة للكشف عن الفاعلين في ترويج هذه المواد بسبب تنوع الممارسات وتعقدها وتواطؤ الأطراف الفاعلة فيما بينها (إخفاء البضاعة/إعتماد أختام مدلسة/ فواتير غير مطابقة للواقع/بيع)، إلا أن ذلك لا ينفي وجود نقص بات شبه «هيكلي» في السوق، فمعضلة النقص الحاصلة في مادة الزيت المدعم أصبحت تناقش في مدى حدتها ،فالأمر في هذا المجال لا يرتبط لا بتقاطع مواسم ولا بتطور معدل الإقبال ولا بإضرابات لدى وحدات الإنتاج ولا بمناسبات استهلاكية... إنما هناك نقص يتغذى عبر السنوات وهو نقص يوحي بدخوله في مرحلة تحرير سعره مثل ما حصل مع معجون الطماطم.
تزايدت مخاوف المستهلك في الفترة الأخيرة من نقص غير معتاد في مادة الزيت النباتي ،مخاوف تبرأت منها الغرفة الوطنية لمعلّبي الزيوت النباتية بالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية منذ أيام في بلاغ أخلت فيه مسؤوليتها عن هذا النقص أو الغياب الكلّي لهذا النوع من الزيت معبّرة عن انشغالها اتجاه عدم انتظامية التزويد خاصة ونحن على مشارف شهر رمضان، بلاغ جوبه بعد فترة بتطمينات من الحكومة بتجاوز هذا الإشكال مع بداية الأسبوع الحالي و في هذا الإطار قال نائب رئيس الغرفة النقابية لتعليب الزيوت الغذائية محمود الدبابي في تصريح «للمغرب» أن أزمة النقص الفادحة في مادة الزيت النباتي المدعم التي جدت في الفترة الأخيرة في اتجاه الانفراج ذلك أن نسق تزويد المصانع بالزيت عاد إلى مستواه الطبيعي منذ بداية الأسبوع الجاري بعد توقف سابق للإنتاج دام حوالي أسبوعين.
والى جانب عودة نسق التزويد ،فقد أكد الدبابي تعهد وزارة التجارة بإرجاع النسبة التي وقع سحبها من الصناعيين في 2017 والمقدرة بـ5 % من مجموع الاستهلاك الوطني للزيت أي من 165 ألف طن أي 8250 طن وذلك بداية من غرة ماي المقبل وكانت وزارة التجارة قد أعطت هذه النسبة طابع الاحتياطي و يأتي هذا التعهد بعد جلسة في الغرض الجمعة المنقضي جمعت بين أعضاء من الغرفة ونظرائهم من منظمة كوناكت ومديرة وحدة التعويض بوزارة التجارة و سيكون لهذا الإجراء أثر إيجابي في تعديل السوق حسب الدبابي .
ولئن تؤكد وزارة التجارة أن فرق المراقبة الاقتصادية تعمل على التصدي لكل الممارسات الاحتكارية والتلاعب الذي يطال هذه المادة من أجل ضمان وصولها إلى الفئة المستهدفة ،فإن الزيت النباتي المدعم يباع «بالمعارف» أو مشروط وقد يفسر ذلك بوجود نقص واضح في كميات الزيت المتواجدة في السوق الأمر الذي تظهره بيانات وزارة الفلاحة في نشرية الميزان التجاري الغذائي الصادرة خلال الأسبوع الثاني من شهر افريل والتي تبين تراجع كميات الزيت النباتي الغذائي الموردة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي بنسبة 26.7 %، حيث تدحرجت الكميات المستوردة من 64.9 طن خلال الأشهر الثلاثة من سنة 2018 إلى 47.6 طن خلال الأشهر الثلاثة المنقضية وقد ساهم هذا التراجع في التقليص من فاتورة توريد المواد الغذائية بنسبة 22.1 %، حيث بلغت قيمة واردات الزيت الغذائي العام المنقضي 129.2 مليون دينار فيما وصلت خلال العام الحالي 100.6 مليون دينار وبذلك يكون معدل الاستهلاك الشهري في 2018 في حدود 21 طن مقابل 15 طن في 2019 للشهر الواحد وهو ما يفسر النقص المسجل في السوق مما يجعلها محل إحتكار وتلاعب.
وتجدر الإشارة إلى أن الدولة تدعم مادة الزيت النباتي بقيمة 240 مليون دينار وفقا لما ورد في قانون المالية لسنة 2019 مع العلم إن أسعار هذه المادة في السوق العالمية شهدت إرتفاعا بنسبة 6.5 % بين 2018/ 2019.