تشير كل التوقعات الى ان نهاية السنة الحالية ستسجل رقما قياسيا على مستوى العجز في الميزان التجاري بعد المنحى التصاعدي الذي اتخذه في الأشهر الأخيرة وانطلاقا من نهاية السنة الماضية التي كانت قد سجلت عجزا بـ15.6 % والعجز التجاري المتأثر بانزلاق الدينار وارتفاع عمليات التوريد يبدو أنه لم يتأثر بما تم اتخاذه من إجراءات من قبيل تقييد الواردات أو ترشيدها.
اتخذت وزارة التجارة مؤخرا إجراءات تمثلت في حصر قائمة من منتجات استهلاكية غير ضرورية كما اسمتها ستصبح مقيدة اكثر في العام 2019 قائمة تضم عديد المواد على غرار الاجبان والبسكويت ورقائق البطاطس والموز والعصائر، والشكولاطة، ومواد التنظيف، مواد ومستحضرات التجميل. ويشمل أيضا الأحذية ولعب الأطفال، والسلع المنزلية، والهواتف المحمولة. قائمة وزارة التجارة تاتي تقريبا بعد سنة من إجراء آخر كان قد اتخذه البنك المركزي والذي كان قد نشر في رسالة وجهت الى البنوك تضمنت قائمة باكثر من 200 منتج بمختلف أصنافها والتي كانت لأجل التحكم في العجز المسجل في الميزان التجاري والذي كان آنذاك 11.5 مليار دينار.
وتحدثت الرسالة ايضا أنه تبعا لتفاقم عجز الميزان التجاري تقرر تفعيل الاقتراح المنبثق عن المشاورات داخل الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية بربط فتح خطابات الاعتماد لتوريد المواد غير الضرورية التي تعتبر بالنظر للظرف الاقتصادي الراهن غير ذات أولوية بتوفير الموردين المعنيين ضمانا مسبقا من أموالهم الذاتية يغطي قيمة الواردات موضوع
خطاب الاعتماد. على الرغم من التقييد عند توريد المواد «غير الضرورية» او الكماليات فان حجم الواردات ارتفع وان كان بنسب متفاوتة حسب المجموعات.
عجز تجاري قياسي
من جهة اخرى أصبح اتساع العجز في الميزان التجاري من التوقعات الثابتة من شهر إلى آخر وفي انتظار ما ستفصح عنه نتائج التجارة الخارجية لشهر نوفمبر فان شهر أكتوبر استقر فيه العجز في حدود 16 مليار دينار وهو من المعدلات التي لم تبلغها البلاد منذ سنوات. العجز التجاري المتسع يعكس ايضا ضعف ما تم اتخاذه من إجراءات سابقة للحد من الواردات خاصة.
كان الحديث دائما عن تأثير المواد الاستهلاكية في اتساع العجز التجاري وتحديد مواد بعينها ففي قراءة لما ينشره المعهد الوطني للإحصاء من بيانات حول المبادلات التجارة يتبين ان الميزان التجاري يتأثر اولا بالمواد الطاقية التي تساهم بنسبة تفوق ال30 % في العجز الجملي في آخر الأرقام.
المواد الطاقية الاكثر مساهمة في العجز التجاري
بيانات مؤسسة الإحصاء الرسمية في السنوات الثلاث الأخيرة تكشف ايضا تأثير واردات المواد الطاقية في الميزان التجاري حيث ارتفعت الواردات في العشرة أشهر من العام 2017 بـ 44.7 % بعد أن كانت قد سجلت في العام 2016 تراجعا بـ20.8 % وفي عشرة أشهر من العام 2018 ارتفعت واردات المواد الطاقية ب 38.4 %وارتفعت مساهمة قطـاع الطاقة في العجز التجاري الى 32.1 % من جانفي الى اكتوبر الماضي وكانت في السنتين الأخيرتين في حدود 25 %،
بالمقابل حافظت المواد الاستهلاكية على معدلات وارداتها في السنوات الثلاث الأخيرة حيث كان هذا الصنف من الواردات نقطة أساسية في الحديث عن تدهور الميزان التجاري فمساهمتها التي كانت في الأشهر العشرة الأولى من العام 2016 في حدود 10.7 % ارتفعت في الفترة نفسها من العام الحالي الى 17.3 %، اما عن المواد الفلاحية الأساسية فقد تراجعت منذ جانفي الى شهر أكتوبر الماضي الى 9.1% وذلك في مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي التي سجلت ارتفاعا بـ20.4 %. كما تواصل المواد الفسفاطية مساهمتها في العجز التجاري بنسبة تجاوزت ال19 % في العشرة أشهر الأولى من العام 2018 بعد ان كانت في العام 2016 في حدود 6.3 % فقط.