بموجب اتفاق «تسهيل الصندوق الممدد» على أن النجاح في ضبط المالية العامة يستوجب ضرورة زيادة الإيرادات الضريبية بصورة منصفة وكبح الإنفاق الجاري لتخفيض الدين وزيادة الإنفاق الاستثماري والاجتماعي وبالتوازي مع ذلك نشر الصندوق دراسة يؤكد فيها أن خطط النفقات عموما أقل ضررا بالنمو من الخطط القائمة على الضرائب.
قانون مالية تونس للعام 2018 الذي اتخذ صفة جبائي بامتياز منذ بدايات إعداده إلى حين المصادقة عليه وهو ما ولد فيما بعض احتقان اجتماعي واسع نتيجة ارتفاع الأسعار الناجم عن الزيادة بنقطة في الأداء على القيمة المضافة وزيادة في المعلوم على الاستهلاك. كان قد ثمنه صندوق النقد الدولي بقوله إن قانون المالية الطموح الذي وضعته السلطات التونسية لعام 2018، يؤكد التزام الحكومة باتخاذ إجراءات حاسمة قبل نظر المراجعة الثانية للبرنامج في المجلس التنفيذي للصندوق وانتهاء الفترة المتبقية من البرنامج. وأضاف الصندوق في بيان آخر أن السلطات التونسية اتخذت خطوة مهمة بالفعل باعتماد قانون المالية الجريء لسنة 2018، والذي يهدف إلى تخفيض عجز المالية العامة إلى أقل من 5% من إجمالي الناتج المحلي. وسيتطلب تحقيق هذا الهدف المالي الطموح تفعيل الإستراتيجية الضريبية التي وضعتها السلطات وتنفيذ إستراتيجية الإصلاح الشامل للوظيفة العمومية.
وفي الدراسة التي نشرها مؤخرا صندوق النقد الدولي أكد من خلالها مؤلفوها أن البلدان التي اختارت التقشف القائم على الضرائب تشهد كسادا أكثر عمقا من تلك التي اختارت خفض الإنفاق. ليخْلصوا إلى أن الخطـة القائمـة علـى الضرائـب التـي تسـتمر لفتـرة أطـول تـؤدي إلى كسـاد أعمـق. والمنافع الناتجة عـن إزالـة عـدم اليقيـن سـتتحقق علـى الأرجح حسب الدراسة في حالـة خطـط التقشـف القائمـة علـى الإنفـاق أكثـر مـن تلـك القائمـة علـى الضرائـب. وتقـل احتمـالات أن تـؤدي الخطـط القائمـة علـى الضرائـب التـي لا تعالـج النمـو التلقائـي والإسـتحقاقات والبرامـج الأخـرى مـع مـرور الوقـت إلى تأثيـر طويـل الأجـل علـى الموازنـة. وإذا لم تعالـج الخطـة الزيـادات التلقائيـة في الإنفاق، يجـب رفـع الضرائـب باسـتمرار لتغطيـة النفقـات الإضافية. وبالتـالي مـن المرجـح أن يكـون الأثـر علـى الثقـة أقـل بكثيـر في حالـة الخطـط القائمـة علـى الضرائـب، نتيجـة زيـادة التوقعـات بشـأن الضرائـب في المسـتقبل. ومـن الناحيـة الأخـرى، تـؤدي الخطط القائمـة علـى الانفـاق إلى تأثيـرات معاكسـة. والنتيجـة التـي تم التوصل اليها وفق الدراسة بشـأن اسـتجابة ثقـة الطبقة الشغيلة للتقشـف تدعـم هـذا الـرأي. فتزيـد ثقـة هذه الفئة فـورا في بدايـة خطـة التقشـف القائمـة علـى الإنفـاق، علـى عكـس مـا يحـدث في بدايـة الخطـة القائمـة علـى الضرائـب.
ويستعرض كتاب الدراسة تفسـيرات اخرى، وأحـد تفسـيرات ذلـك هـو أنـه بـدون خفـض في الإنفـاق، يجـب أن تكـون الزيـادات في الضرائـب طويلـة الأمـد، ممـا ينتـج عنـه انعكاسـات سـلبية طويلـة الأمـد بسـبب الضرائـب الأعلى التـي تحدث تشـوهات. وعلـى العكـس، يـؤدي خفـض الانفاق طويـل الامد الى كسـاد أكثـر اعتدالا لأنـه يشـير إلى أنـه سـيكون مـن الممكـن عاجـلا أو اجلا خفـض الضرائـب والتشـوهات المرتبطـة بهـا.والخلاصة هـي أن خفـض نسـبة الديـن الى اجمالي الناتج المحلي يعتمـد كثيـرا علـى طريقـة تصحيـح عجـز المالية العامـة. فـإذا زاد الفائـض عـن طريـق رفـع الضرائـب، فقـد يكـون تراجـع النمـو كبيـرا لدرجـة أنـه يرفـع نسـبة الديـن إلى اجمالي الناتج المحلي بـدلا مـن خفضهـا.