غير أن تحقيق هذه المعدلات يتوقف على قدرة الدولة على استمرار نمو القطاعات التي بدأت تتعافى العام المنقضي لا سيما في مجال الصناعات التحويلية وغير الصناعية (الفوسفات والنفط والغاز) .
ذكر البنك الإفريقي للتنمية في تقريره الذي تم تقديمه الأربعاء المنقضي بأبيدجان والذي يحمل عنوان «الآفاق الاقتصادية بإفريقيا- 2018» أنه من المنتظر أن ينمو الاقتصاد الوطني بمعدل 2.2 في عام 2017 بعد سنتين من الركود (2015 و 2016 بتسجيل نسبة نمو لا تتعدى 1 %). توقعات البنك للعام المنقضي جاءت بفضل تحسن الأداء خلال الربع الثالث من عام 2017, 1.9 % على أساس سنوي ,كما راهن على تسارع وتيرة الإصلاحات الهيكلية، وتطور أداء الصناعي لتلبية الطلب الخارجي، وتحسن أداء القطاع الفلاحي.
وفي ما يتعلق بــ «تطور المؤشرات الماكرو-اقتصادية»، قال البنك الإفريقي للتنمية أن تونس تهدف منذ عام 2011 إلى إحياء الاقتصاد من خلال الإنفاق العام, وقد أدت هذه السياسة، التي جعلت الاستهلاك (العام والخاص) المحرك الرئيسي للنمو على حساب الاستثمار العام (16.1 % من الميزانية 2017) إلى اختلالات كبيرة في الاقتصاد الكلي عن طريق إرساء أسس «العجز المزدوج» ( على مستوى الميزانية والحساب الجاري).
وأوضح التقرير أن تسلسل العجز المرتبط بزيادة النفقات الجارية وخاصة فاتورة أجور الوظيفة العمومية 41 % من الميزانية في عام 2017 (إلى زيادة الدين العام) 70 % من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2017 مقابل 39.7 % في عام 2010)، وقد أدت هذه العناصر إلى زيادة التضخم ورفع تكلفة الواردات ,كما لجأ البنك المركزي التونسي إلى تشديد سياسته النقدية من خلال زيادة معدل سوق المال إلى 5.22 % في سبتمبر 2017) مقابل 3.9 % في عام 2012.
وفي تطرقه لـ«العوامل الإيجابية» بالنسبة للاقتصاد الوطني، قال البنك الإفريقي للتنمية أنه من المتوقع أن تدعم عدة عوامل إيجابية نمو تونس في عام 2017 ثم في 2018 - 2019,على غرار تحسن الوضع الأمني وانعكاسه الايجابي خاصة على قطاع السياحة.
وأشار التقرير إلى انتعاش إنتاج الفوسفات وتطور صادراته ، فضلا عن بداية إظهار الاستثمار الأجنبي أو المحلي علامات الانتعاش وعلى الاقتصاد التونسي أن يستفيد من استمرار الانتعاش في منطقة اليورو الذي بدأ في عام 2012، وخاصة في إسبانيا وألمانيا وفرنسا ومن الدعم القوي من المجتمع الدولي.
وقال البنك أيضا أن تونس يمكن أن تستفيد من بعض الإصلاحات الإستراتيجية المعتمدة منذ عام 2015، على غرار قانون 27 نوفمبر 2015 بشأن الشراكة بين القطاعين العام والخاص وقانون الاستثمار الجديد .
وبشأن المخاطر قال البنك أن الإنفاق العام للبلاد لا يتماشى مع الاحتياجات الاستثمارية، كما أن التقدم المحرز على مستوى الإصلاحات لايزال ضعيفا نتيجة مقاومة التغيير في نموذج التنمية الذي صاحب الاقتصاد التونسي منذ السبعينيات.
وشدد التقرير على أن التسريع في الإصلاحات لا يزال أساسيا لتونس للاستمرار في الاستفادة من دعم شركاء التنمية وثقة الأسواق في إعادة تمويل ديونها. وأشار التقرير إلى تدهور الأمن بسبب الأزمة الليبية واحتمال عودة الصراعات الاجتماعية المتعلقة بإصلاح القطاع العام وتدهور القوة الشرائية إلى جانب تفاقم مواطن الضعف في الاقتصاد الكلي.
وأنهى التقرير في جزئه المتعلق بتونس أن اعتماد خطة جديدة لتحفيز الصناعات ذات القدرة التنافسية العالية يمكن أن تمتص مجموعة واسعة من العاطلين عن العمل .
تجدر الإشارة إلى أن تونس من بين أبرز المستفيدين من تمويلات البنك الإفريقي للتنمية في مشاريع قطاع النقل ,ومقابل توقعات البنك بتحقيق معدل نمو 2.8 % للعام الحالي,فإن التوقعات الرسمية ترنو إلى بلوغ 3 % فيما تذهب توقعات المؤسسات الاقتصادية على غرار وكالة موديز للتنصيف الائتماني والبنك الدولي إلى إنهاء سنة 2018 بــ 2.8 %.