الأحواض المائية التونسية الجزائرية الليبية المشتركة: الجغرافيا فرضتها والسياسة أغفلتها

تونس في فقر مائي مدقع، هي الجملة التي يرددها الجميع فمادام هناك مياه صالحة للشراب والري يبقى تناول هذا الإشكال متواضعا رغم الحديث عن عدة حلول لها كلفة مالية ضخمة على غرار تحلية مياه البحر، وفي خضم هذا الموضوع يطرح مشكل الأحواض المائية المشتركة التونسية الجزائرية الليبية.

الوضع حرج بالمنطقة السفلى للجمهورية التونسية فبموارد مائية مشتركة تونسية جزائرية ليبية مفترضة تصل الى 60 مليار متر مكعب منها مليار متر مكعب فقط متجدد والبقية غير متجددة وفق ما صرح به عضو سابق بالتنسيقية التي تضم تونس وليبيا والجزائر، وكانت الدول الثلاث انشأت منذ 2008 آلية للتشاور فيما يخص الادارة والتصرف المشترك لهذا الخزان الجوفي للتعبير عن الارادة في تجاوز التصرف المنفرد لهذه الموارد وهذه الالية هي تنسيقية ترأسها كل سنتين دولة وبتمويل بـ 90 الف اورو حصة كل دولة 30 الف اورو الا انه ومنذ ثلاث سنوات لم تقم ليبيا بدفع اقساطها باعتبار المشاكل التي تعيشها وقد اكد المصدر ذاته ان استغلال ليبيا لهذه المياه غير مراقب وغير واضح.

وعلى الرغم من اهمية الاحواض في ظل تصنيف متأخر للبلدان الثلاث في ترتيب الدول المتوفرة على ثروات مائية الا انه ومنذ ان انتهت ولاية تونس على التنسيقية لم تقم الجزائر بارسال منسقها الذي من المفروض أن يرأس التنسيقية للسنتين القادمتين وتجدر الإشارة ان المنسق التونسي كان قد احيل على التقاعد منذ سبتمبر وستبقى التنسيقية إلى جوان القادم دون رئاسة.

وتحظى الجزائر بالقسم الأكبر من المياه الجوفية المشتركة حيث تنقسم الأحواض إلى 70 % للجزائر و20 % لليبيا و10 % بالنسبة إلى تونس، وفي دراسة أجريت في العام 2012 خلصت إلى أن استغلال المياه من المائدة الموجودة بأسفل الجمهورية هو استغلال فوق المستويات المسموح بها ناتجة عن الآبار العشوائية بالجنوب وقد تراجعت المائدة المائية

وتقوم الدول الثلاث باستغلال 2.7 مليار مكعب من المياه وعلى الرغم من المسح الذي اجري في 2012 والذي قدر نسبة الاستغلال 8 مليار متر مكعب معدل لا يمكن ان تتخطاه الدول الثلاث حتى لا تواجه خطر التملح إلا ان خطر التملح بدأ في الظهور بصفة كبيرة عند بلوغ نسبة استغلال 2.7 مليار مكعب وتجدر الإشارة إلى أن واحات النخيل لا يمكن ان تستمر عند بلوغ درجة تملح المياه 5 غرامات . بالإضافة الى ان الاجيال القادمة ستجد نفسها دون مياه. لهذا فان اجتماع الدول الثلاث أصبح حاجة ملحة ، وفي دراسة أخرى حول افاق المائدة التي تشترك فيها الدول الثلاث في افق 2050 تبين ان منطقة الحامة بقابس ستجف بها المياه الجوفية الساخنة وستذهب كلها الى الجزائر كما ان جفاف المائدة المائية بتطاوين ستؤدي الى اندثار المناطق السقوية بها.

والتنسيقية التي تضم الدول الثلاث وعلى الرغم من انها في قرار انشائها تم التنصيص عن استقلالية قرارها لكنها تعمل اليوم وفق مرصد الصحراء والساحل وممثلة في منسق فقط ومرصد الصحراء والساحل منظمة حكومية دولية ذات بعد أفريقي، أسست سنة 1992 ومقرها بتونس و يتكون من 23 دولة أفريقية عضو، و5 دول أعضاء غير أفريقيين، و10 منظمات دولية (منهم 4 منظمات إقليمية تمثل غرب وشرق وشمال أفريقيا) ومنظمة غير حكومية واحدة. يختص المرصد في المراقبة البيئية والتصرف في الموارد الطبيعية، وكذلك الضغط على أعضائه لتفعيل المعاهدات والاتفاقيات المتعددة الأطراف على الطبيعة، خاصة منها حول التصحر والتنوع الحيوي والتغييرات المناخية. إلا انه وفق مصادر من التنسيقية الثلاثية فان المرصد لا يمكن له أن يقوم مقام التنسيقية لعدة اعتبارات من بينها الاعتبارات المالية. ويتم الان الدفع نحو مراجعة القرار الذي انتظمت وفقه التنسيقية لتمريره على مجالس النواب بالدول الثلاث.

شبكة طبقات المياه الجوفية في شمال غرب الصحراء الكبرى، تمتد على مساحة تتجاوز مليون كيلومتر مربّع منها 700,000 متر مربّع في الجزائر و80,000 متر مربّع في تونس و250,000 متر مربّع في ليبيا. وهي مصدر المياه الدائم الوحيد لنحو 5 ملايين من السكّان، ويُقدّر إجماليّ احتياطاتها بنحو 60 مليون متر مكعّب. وقد بدأ تحديد الخصائص العلمية لهذه الشبكة في الستينات، وتطوّر في الثمانينات، خصوصاً بين الجزائر وتونس. ثمّ انضمّت ليبيا إلى هذه الجهود، وأنشئَت مجالس ثنائية مثل اللجنة الفنية الخاصّة بالمياه والبيئة بين الجزائر وتونس في الثمانينات، واللجنة الفنية الخاصّة بموارد المياه بين الجزائر وليبيا في التسعينات، والمجلس المتعدد القطاعات الخاصّ بالزراعة بين تونس وليبيا في التسعينات. وفي العام 1998 أطلقت الدول الثلاث مشروعاً مشترَكاً يهدف إلى إنشاء آليّة للتنسيق والتي كانت قد انطلقت في العام 2008.

وكانت تونس قد انطلقت منذ أسابيع في مباحثات مع أمانة اتفاقية المياه حول انخراطها المحتمل في اتفاقية لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية أوروبا لحماية واستخدام مجاري المياه العابرة للحدود والبحيرات الدولية التي تمت المصادقة عليها سنة 1992.
حيث تسمح هذه الاتفاقية بالنهوض بالتعاون الدولي وتدعيم الأنشطة الوطنية لفائدة الحماية والتصرف الناجع في المياه الجوفية والسطحية العابرة للحدود.

كما أنها تقضي بوقاية ومراقبة وتقليص التأثيرات العابرة للحدود علاوة على ضمان التصرف العادل والرشيد في المياه العابرة للحدود عبر اتفاقيات تبرم بين الدول المتجاورة من أجل ضمان تصرف مستدام في الموارد المائية والمساعدة على تدعيم قدرات البلدان المنخرطة فيها على التصرف المستدام في الموارد المائية. كما تتيح أيضا تبادل التجارب وفتح الحوار مع المجموعة الدولية والمانحين الماليين .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115