اتحاد الشغل في أسوأ فتراته.. تطورات تسبق الإضراب العام المرتقب: تقديم الطبوبي لاستقالته تعمق الخلافات الداخلية وتطرح العديد من التساؤلات

قدم الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل

نور الدين الطبوبي، صباح أمس استقالته عبر مكتب الضبط المركزي للمنظمة، في خطوة أنهت مرحلة من التلويح بالاستقالة وفتحت فصلا جديدا من الأزمة الداخلية التي يعيشها الاتحاد منذ انعقاد مجلسه الوطني الأخير بمدينة المنستير. وتأتي هذه الاستقالة بعد فترة من التوتر داخل هياكل المنظمة، وخصوصا عقب الاجتماع الأخير للهيئة الإدارية الوطنية، حيث كانت الخلافات حول موعد عقد المؤتمر ومسار إدارة المرحلة المقبلة في صلب النقاشات، وسط تصاعد حدة الانقسام داخل القيادة المركزية.
فالاتحاد يمر اليوم بإحدى أكثر مراحله تعقيدا في ظل تعمّق الخلافات الداخلية بين مكوّنات قيادته وتواصل القطيعة مع السلطة ما أفرز وضعا هشا داخل المنظمة الشغيلة ليدخل في مسار متسارع من التجاذبات التنظيمية تمحورت أساسا حول مسألة عقد المؤتمر، وسط فشل متواصل لمحاولات الوساطة الداخلية في احتواء الخلافات الداخلية المتصاعدة، فالأزمة الحالية التي يعيش على وقعها الاتحاد تتجاوز الخلافات الشخصية لتكشف عن أزمة هيكلية أعمق داخله تعمقت بتواصل التوتر في العلاقة مع السلطة، وهو ما ضيق هامش الحركة أمام المنظمة وانعكس على تماسكها الداخلي.
سلسلة من اللقاءات المرتقبة
وفي هذا السياق المتأزم، قدم الأمين العام نور الدين الطبوبي، صباح أمس استقالته رسميا، وفق ما أكده الأمين العام المساعد والناطق الرسمي باسم الاتحاد سامي الطاهري. وأوضح الطاهري، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء أن الطبوبي أودع استقالته بمكتب الضبط المركزي للاتحاد، حيث تسلمها الأمين العام المساعد المكلّف بالنظام الداخلي، دون تقديم تفاصيل حول دوافع هذه الخطوة. وبين الطاهري أنّ الاستقالة لا تصبح نافذة بصفة فورية، إذ ينص القانون الداخلي للاتحاد على دعوة المعني بالأمر في أجل أقصاه 15 يوما للاستفسار عن أسباب الاستقالة ومحاولة ثنيه عنها، على أن يتم تفعيلها في صورة تمسّكه بقراره. كما أشار الطاهري إلى أن الأيام القليلة القادمة ستشهد عقد سلسلة من اللقاءات داخل مختلف الهياكل النقابية لتدارس الخطوات التي سيتم اتخاذها تباعا على ضوء هذه التطورات.
توقيت حساس يسبق موعد الإضراب العام
وكان الطبوبي قد لوح بالاستقالة في أكثر من مناسبة خلال الفترة الماضية، في ظل ما اعتبره نكثا بالتوافقات التي تم التوصل إليها سابقًا داخل الهياكل القيادية، خاصة في ما يتعلّق بعقد المؤتمر في الآجال المتفق عليها أي في مارس 2026. كما عبرت عدة قطاعات واتحادات جهوية عن رفضها التعامل مع المكتب التنفيذي في حال عدم احترام تلك الالتزامات، وهو ما عمق حالة الاحتقان داخل المنظمة. وتطرح خطوة الطبوبي بتقديم استقالته عدة تساؤلات داخل الأوساط النقابية حول تداعياتها خاصة وأنها تأتي في توقيت حساس يسبق موعد الإضراب العام المقرر يوم 21 جانفي المقبل في علاقة بمدى قدرته على التعبئة والحشد في ظل هذا المناخ المشحون والمتوتر.
مناورة تكتيكية
تقديم الطبوبي لاستقالته قد يندرج في إطار مناورة تكتيكية تهدف إلى إعادة ترتيب موازين القوى داخل الاتحاد، خاصة في ظلّ حديث سابق عن ربط مسار الإضراب العام بمسألة عقد المؤتمر، غير أن هذا التقدير يبقى رهين ما ستفرزه الساعات والأيام القادمة من مواقف رسمية داخل الهياكل النقابية، بالرغم من المتابعون للشأن النقابي لا يستبعدون أن تتجه الأزمة نحو مزيد من التعقيد في صورة تسجيل استقالات أخرى داخل المكتب التنفيذي أو هياكل قيادية مركزية، خاصة في ظل حدة الخلافات القائمة وتباين المواقف بشأن إدارة المرحلة المقبلة، وإن حصل ذلك فإن من شأنه أن يزيد من هشاشة الوضع داخل المنظمة ويعمق حالة عدم الاستقرار، في وقت تتزايد فيه الضغوط الداخلية والخارجية على الاتحاد الذي يبقى أمام مرحلة دقيقة قد تفضي إما إلى إعادة ترتيب البيت الداخلي واستعادة وحدة الصف، أو إلى مزيد من التعقيد والانقسام.
رسالة سابقة للانسحاب
وفي خطوة سابقة اعتبرها البعض "إشارة للانسحاب"، قام نور الدين الطبوبي بإعادة السيارة الوظيفية الموضوعة على ذمته لإدارة المركزية النقابية، ما أثار تساؤلات عديدة حول خفايا ما قام به، بين من يراها ضغطا داخليا ومن يعتبرها رسالة انسحاب، وقد نفى الأمين العام المساعد بالاتحاد سامي الطاهري في فترة سابقة و بشكل قاطع ما يتم تداوله على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول استقالة الأمين العام للمنظمة الشغيلة نور الدين الطبوبي، مؤكدا أن الأخبار المتعلقة بتسليم السيارة الوظيفية "مجرد أكاذيب" لا تمتّ الواقع بصلة، وحسب سامي الطاهري فإن هذه الأخبار "مجرد إشاعات وأخبار زائفة لا أساس لها من الصحة"، إلا أن هذا النفي لم ينجح في احتواء الجدل، خاصة بعد تداول معطيات تؤكد أن أنور بن قدور تقدم باستقالته رسميا، وأن الطبوبي قام فعلا بإرجاع السيارة الوظيفية.
مؤتمر استثنائي أو عادي
ووفق تصريح الكاتب العام لجامعة التعليم الأساسي محمد العبيدي لـ"المغرب" فإن المكتب التنفيذي للاتحاد سيجتمع للنظر في قرار الاستقالة، مشددا على أن أسباب الخلافات متعددة وتعمقت الأزمة وسط رفض البعض الوصول إلى توافق، وبين العبيدي أن تنظيم مؤتمر استثنائي يجب أن يتوفر قبل كل شيء شروط الاستثناء أي سحب الثقة واعتبر أن التمسك بتنظيم مؤتمر عادي فسيكون مصيره نفس مصير المؤتمر السابق أي في المحاكم وهذه المسألة غير مقبولة، وأضاف أنه حسب القانون المنظم فإن المؤتمر يجب أن يكون استثنائيا.
تتسارع الأحداث داخل المركزية النقابية وما رافقه من تحركات غير مسبوقة وتتالي تداول تسجيل استقالات أخرى صلب المكتب التنفيذي على غرار سمير الشفي و سهام بوستة، أحداث تكشف عن تعمق الصراع الداخلي وتواصل المعركة حول المؤتمر القادم، هذا وقد رجّحت بعض المعطيات المتداولة على صفحات التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية أن يكون فاروق العياري وهو أحد الوجوه النقابية المعروفة ، المرشّح الأقرب لتسيير الأمانة العامة مؤقتا في انتظار حسم ملف المؤتمر وتحديد موعده النهائي.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115