بعد شهر على وقف إطلاق النار في غزة تحذيرات من كارثية الاوضاع بالقطاع وتساؤلات حول المرحلة الثانية

مع الاقتراب من انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق

وقف اطلاق النار ، تبدو الأنظار متجهة نحو المرحلة الثانية ومدى فرص نجاحها في وقت يسابق فيه كيان الاحتلال الزمن لتغيير وجه المنطقة وفرض هيمنته على غزة سواء بالمراوغة السياسية او من خلال تواصل عدوانه وغاراته على القطاع .

يرى محللون أن المرحلة الأولى، رغم ما حققته من تهدئة محدودة، لم تُشكّل قاعدة صلبة تمهّد للمرحلة التالية. فالمعادلات السياسية ما زالت مضطربة بسبب تعنت المواقف الأمريكية والإسرائيلية والتي لا تستجيب للمطالب الفلسطينية المشروعة .
ويصف مراقبون المرحلة الثانية بأنها ليست مجرد استحقاق ميداني، بل صراع إرادات سياسية فبينما تسعى واشنطن إلى فرض مسار تسوية تدريجي يضمن مصالحها ومصالح إسرائيل الأمنية، يتمسك الفلسطينيون ومعهم أطراف إقليمية بضرورة معالجة جذور الأزمة أولا، وعلى رأسها إنهاء الحصار وإعادة الإعمار ووقف أي محاولات لإعادة هندسة الواقع السياسي في غزة.
في هذا السياق، تبدو فرص نجاح الخطة الأمريكية رهينة بتوازنات دقيقة بين ضغوط البيت الأبيض، ومواقف حكومة الاحتلال الإسرائيلية المنقسمة داخليا، وحسابات المقاومة الفلسطينية التي ترى أن أي تسوية لا تضمن الحد الأدنى من الحقوق الوطنية للفلسطينيين وحقوقهم ستبقى بلا معنى.
مراحل متقدمة
ومنذ بدء اتفاق وقف إطلاق النار في العاشر من أكتوبر الماضي، أفرجت المقاومة الفلسطينية عن 20 أسيرا حيّا، وسلّمت جثث 23 من أصل 28، وقد بقيت 5 جثث تعود إحداها لتايلندي و4 أخرى لإسرائيليين، بينهم الضابط هدار غولدن الذي انتشلت جثته مساء السبت من رفح ، وهي محل جدل كبير خصوصا وانه كان محتجزا منذ عام 2014 .
وأعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الاسلامية حماس، عن استخراج جثة الضابط الصهيوني هدار غولدن من أحد أنفاق مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، في خطوة تحمل دلالات سياسية وعسكرية عميقة داخل الاحتلال، وتعيد إلى الواجهة واحدة من أكثر القضايا تعقيدا منذ حرب عام 2014.
غولدن، الذي أحتجز خلال معركة "العصف المأكول" في الأول من أوت 2014، يُعد من أقدم الرهائن الإسرائيليين في قبضة المقاومة، إذ فشل الاحتلال طوال أحد عشر عامًا في استعادته رغم استخدام كل من القوة العسكرية والمسار التفاوضي.
وقد شكلت حادثة احتجازه آنذاك نقطة تحول في العقيدة العسكرية الصهيونية، بعدما فعّل جيش الاحتلال للمرة الأولى بروتوكول "هانيبال" الذي يسمح باستخدام قوة نارية كثيفة لمنع وقوع الجنود في الأسر، حتى وإن أدى ذلك إلى مقتلهم. ومع انكشاف أن غولدن قريب لوزير الحرب الأسبق موشيه يعالون، أخذت قضيته بعدا سياسيا داخليا زاد من حساسية الملف.
لكن الإعلان الجديد عن استخراج جثته لا ينفصل عن التطورات الميدانية الراهنة في رفح، حيث تتقاطع الأبعاد الرمزية والعسكرية والتفاوضية. فقد أشارت تقارير -منها موقع أكسيوس الأمريكي- إلى أن تسليم جثة غولدن قد يكون جزءا من تفاهم غير معلن يتعلق بالسماح بممر آمن لإجلاء نحو 200 من المقاومة ما زالوا محاصرين في المنطقة.
ووفقا للتسريبات، أبدى رئيس أركان الحرب الإسرائيلي إيال زامير انفتاحا على هذا المقترح، قبل أن يتراجع لاحقا تحت ضغط سياسي من رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي رفض أي صيغة اتفاق جديدة وأصرّ على أن أمام المقاومة خيارين فقط: "الاستسلام أو البقاء تحت الأرض".
من جهتها حمّلت كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة المقاومة الاسلامية حماس، امس لأحد، إسرائيل مسؤولية أي اشتباك يقع مع عناصرها العالقين في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش شرق ما يُعرف بـ"الخط الأصفر" بموجب اتفاق وقف إطلاق النار.
وقالت في بيان: "يتحمل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن الالتحام مع مجاهدينا في رفح الذين يدافعون عن أنفسهم داخل منطقة خاضعة لسيطرته".
وتابعت: "لا يوجد في قاموس كتائب القسام مبدأ الاستسلام وتسليم النفس للعدو".
يأتي ذلك في ظل تعنت إسرائيل بحل أزمة عناصر القسام العالقين في رفح، رغم سعي الوسطاء ومن بينهم مصر لتسويتها، وفق ما أكدته الجمعة قناة “القاهرة الإخبارية”.
وطالبت “القسام” الوسطاء بالالتزام بمسؤولياتهم لـ”إيجاد حل لضمان استمرار وقف إطلاق النار”، وسط تذرع إسرائيل بـ”حجج واهية لخرقه، واستغلال ذلك لاستهداف المدنيين بغزة”.

ترامب يرى "قوة غزة" قريبة جدا..

بعد ساعات من إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، أن القوات الدولية ستنتشر في غزة في وقت قريب جداً، خرج وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، ليعلن أنه أصدر أوامر إلى الجيش بتدمير ومحو جميع أنفاق حركة «حماس» في قطاع غزة.
وعزز الإجراء الإسرائيلي التقديرات الفلسطينية والإقليمية بأن تل أبيب تفضل التعامل المباشر مع «حماس»، وليس عبر القوة المنتظرة، التي تنص صلاحياتها على نزع سلاح الحركة، وقال كاتس، في تغريدة عبر حسابه في منصة «إكس»: «إذا لم تكن هناك أنفاق، فلن تكون هناك (حماس)».
وفي القاهرة، جددت مصر مطالبتها الأطراف المعنية بالانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي.
وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال اتصال مع الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي كايا كالاس، إن المرحلة الثانية يجب أن تشمل الجوانب السياسية والتنموية والإنسانية، إضافة إلى إطلاق عملية إعادة الإعمار وضمان تدفق المساعدات الإنسانية بما يتناسب مع احتياجات سكان القطاع.
وأشار عبد العاطي إلى أن مصر تستعد لاستضافة "المؤتمر الدولي للتعافي المبكر وإعادة إعمار غزة" خلال نوفمبر الجاري، مؤكدا أن تنفيذ الاتفاق بالكامل هو "الضمان الوحيد لاستقرار الأوضاع ووقف الانتهاكات".
وكان اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته مصر وقطر وتركيا بوساطة أمريكية أنهى حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة التي استمرت عامين، وأسفرت عن استشهاد نحو 69 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 170 ألفاً آخرين، غالبيتهم من النساء والأطفال، بينما قدرت الأمم المتحدة تكلفة إعادة الإعمار بنحو 70 مليار دولار.
معضلة "مركز التنسيق"
في الاثناء يحل مركز التنسيق المدني العسكري بقيادة الولايات المتحدة الامريكية، المكلف بتنفيذ خطة دونالد ترامب "للسلام" في غزة، مشرفا على المساعدات الإنسانية للقطاع مكان إسرائيل، رغم أن كثيرا من الأشخاص المطلعين على الأسابيع الأولى من عمليات المركز وصفوها بأنها فوضوية، ومترددة، وفقا لصحيفة "واشنطن بوست".
وقال كثير من الأشخاص المطلعين على عملية الانتقال إن هذه الخطوة تُقصي دور الاحتلال في تحديد نوعية الإغاثة الإنسانية وطريقة دخولها غزة، في حين يتولى مركز تنسيق المساعدات الإنسانية (CMCC) زمام المبادرة. ومنذ بدء وقف إطلاق النار في غزة الشهر الماضي، ظلت المساعدات الإنسانية، على الرغم من تحسنها المحدود، مقيدة بشكل كبير من جانب إسرائيل.
ويضم المركز الذي تقوده الولايات المتحدة أكثر من 40 دولة ومنظمة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي ومصادر مطلعة على الأمر قولهم إن إسرائيل جزء من العملية، لكن مركز التنسيق المدني العسكري سيقرر ما المساعدات التي تدخل غزة؟ وكيف؟
وقال المسؤول الأمني ان الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ستواصل المشاركة في وضع السياسات والإشراف والمراقبة، مع اتخاذ القرارات بشكل مشترك، وإن دمج لجنة التنسيق جارٍ بالفعل.

اقتحامات متزامنة
ميدانيا نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي، امس الأحد، سلسلة اقتحامات متزامنة طاولت عدداً من مدن وبلدات الضفة الغربية، وتخللتها عمليات مداهمة وتفتيش لمنازل الفلسطينيين، وسط انتشار واسع للآليات العسكرية، ومواجهات عنيفة بين شبان فلسطينيين وتلك القوات.
وأفادت مصادر محلية بأن قوة من جيش الاحتلال اقتحمت مدينة البيرة، وتمركزت في حي جبل الطويل، حيث داهمت عدة منازل واستولت على تسجيلات كاميرات مراقبة قبل أن تنسحب دون أن تُبلّغ عن اعتقالات. وفي محافظة بيت لحم، اقتحمت قوات الاحتلال بلدة الخضر وتمركزت قرب مستشفى اليمامة وعلى الشارع الرئيس (القدس–الخليل)، وأغلقت الممرات الحيوية بواسطة آلياتها العسكرية، ما تسبب في إعاقة حركة المواطنين.
كما طاولت الاقتحامات قرية عابود شمال غرب رام الله، حيث أطلقت قوات الاحتلال قنابل الغاز السام باتجاه منازل الأهالي، في حين اندلعت مواجهات محدودة دون وقوع إصابات. وشهدت محافظتا الخليل ونابلس اقتحامات مماثلة، إذ اقتحمت قوات الاحتلال مخيم العروب شمال الخليل، والحارة الغربية من بلدة بيتا جنوب نابلس، إضافة إلى مداهمات لعدد من المنازل في منطقة حرش السعادة بمدينة جنين شمال الضفة المحتلة، ضمن حملة ميدانية متواصلة لجيش الاحتلال منذ ساعات المساء.

وأمس الاول السبت، أُصيب 16 شخصاً بينهم أربعة صحافيين ومتطوعون محليون ومتضامنون أجانب ومزارعون، خلال اعتداءات نفذها مستوطنون أثناء قطف الزيتون في بلدتي بيتا وبورين جنوب نابلس في شمال الضفة الغربية. وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية أن الطواقم الطبية في مستشفى رفيديا الحكومي في مدينة نابلس تعاملت مع أحد عشر مصابا جراء الاعتداء بالضرب من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين في بلدة بيتا، وصفت حالتهم بالمستقرة.
شهر على وقف إطلاق النار
في الاثناء حذّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية من تدهور حاد في الأوضاع في القطاع مع اقتراب فصل الشتاء، في ظل الدمار الواسع الذي يحرم مئات آلاف العائلات من المأوى والمواد الأساسية.
أعربت الأمم المتحدة عن قلقها من بطء تدفق المساعدات، مشيرة إلى أنه لم يدخل غزة سوى 37 ألف طن مقارنة بـ190 ألفًا مخزّنة خارج القطاع. كما أوضحت أن إدخال الإمدادات ما يزال محصورًا في نقطتي عبور فقط، مع استمرار القيود على السلع والموظفين. من جهتها، حذّرت منظمة الصحة العالمية من تفاقم الانهيار الصحي، مؤكدة أن أكثر من 16,500 مريض ينتظرون الإجلاء العاجل.
وفي الضفة الغربية المحتلة، استشهد فلسطيني برصاص جيش الاحتلال لإسرائيلي في مخيم الفارعة جنوب طوباس، فيما أُصيب 14 آخرون جراء اعتداءات نفذها مستوطنون في مسافر يطا جنوب الخليل وجنوب نابلس وشرق البلدة، شملت مهاجمة المنازل ورشق السكان بالحجارة، ما أسفر عن إصابة أحدهم بجروح.
وسجلت الأمم المتحدة في أكتوبر الماضي نحو 264 هجومًا على الفلسطينيين بالضفة الغربية، وهو "أعلى رقم شهري منذ بدء رصد هذه الهجمات عام 2006".

 

مذكرات توقيف بحق 37 مسؤولا إسرائيليا

أطلقت النيابة التركية مسارا قضائيا ضد 37 مسؤولا إسرائيليا، بينهم نتانياهو وبن غفير، متهمة إياهم بارتكاب "إبادة جماعية" في غزة.
أصدر القضاء التركي، مذكرات توقيف بحق 37 مسؤولا إسرائيليا، من بينهم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير الحرب يسرائيل كاتس ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وذلك ضمن تحقيقات تتعلق بتهم "الإبادة الجماعية" و"الجرائم ضد الإنسانية" في قطاع غزة.
وقالت النيابة العامة في إسطنبول إن المذكرات تستهدف مجموعة من كبار المسؤولين الإسرائيليين، من بينهم رئيس الأركان إيال زامير وقادة في سلاح البحرية، معتبرة أن الأدلة المتاحة تشير إلى ارتكاب انتهاكات ممنهجة في غزة ترقى إلى الإبادة الجماعية بموجب المادتين 76 و77 من قانون العقوبات التركي.
وجاء في بيان النيابة أن التحقيق يستند إلى شهادات ووثائق جمعها محققون أتراك، أبرزها إفادات ناشطين من "أسطول الصمود العالمي" الذين احتجزتهم إسرائيل الشهر الماضي خلال محاولة كسر الحصار البحري عن القطاع.

وذكرت النيابة أن قوات الاحتلال الإسرائيلية هاجمت في الأول من اكتوبر الماضي 42 سفينة تابعة لأسطول الصمود أثناء إبحارها في المياه الدولية باتجاه غزة، واعتقلت مئات الناشطين الدوليين واقتادتهم إلى سجن كتسيعوت قبل ترحيلهم تباعا. وتعتبر السلطات التركية أن هذه العمليات تضيف "بعدا جنائيا إضافيا" للتحقيق في الجرائم المرتكبة بحق مدنيين.
وتأتي الخطوة القضائية في ظل توتر كبير بين أنقرة وتل أبيب، بعدما أعلنت تركيا في ماي 2024 تعليق جميع عمليات التصدير والاستيراد مع إسرائيل إلى حين وقف إطلاق النار بشكل دائم وفتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وكانت أنقرة قد انضمت في العام الماضي إلى الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، والتي تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين.
وجددت النيابة التركية في بيانها الإشارة إلى قصف الجيش "مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني" في مارس، وهو المرفق الطبي الذي بنته تركيا داخل قطاع غزة. وتعتبر أنقرة أن استهداف المستشفى جزء من "سياسة ممنهجة" تتعارض مع القانون الدولي الإنساني.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115