فاز بها الكاتب المجرى "لازلو كاراسناهوركاي" : جائزة نوبل للآداب أبعد ما يكون عن العرب !

منذ أكثر من قرن، تحافظ جائزة نوبل للآداب على حضورها

وتوهجها كأرفع الأوسمة التي يمكن أن ينالها كاتب أو شاعر لما تمثله من اعتراف عالمي بقيمة الإبداع الإنساني وأثره الحضاري. ومرة أخرى، يكتفي العرب بانفلات الأسماء ضمن قائمة المرشحين دون أن يكون لهم من جائزة نوبل للآداب لا لقب ولا نصيب. وحده الأديب المصري نجيب محفظ كان صاحب البصمة العربية الوحيدة في سجل الجائزة بحصوله على نوبل للآداب في سنة 1988.

بناء على وصية مؤسسها ألفريد نوبل (1833–1896)، الكيميائي السويدي ومخترع الديناميت بتخصيص جزء من ثروته لإنشاء خمس جوائز في مجالات العلوم والطب والسلام والآداب، تُمنح سنويا لمن يقدّم إنجازا فكريا أو علميا استثنائيا للبشرية.

لازلو كاراسناهوركاي «كاتب الرؤى والانهيار»

كثيرا ما تأتي نتائج الأكاديمية السويدية التي تُشرف على جائزة نوبل خارج التوقعات ومخالفة لأبرز الترشيحات لأسماء أدبية عالمية صنعت الفارق وتجاوزت حدود القارات. وفي الوقت الذي تم فيه ترجيح كفة الميزان لصالح الكاتب الياباني "هاروكي موراكامي"، أعلنت، أمس الخميس، الأكاديمية السويدية عن هوية الفائز بجائزة نوبل للآداب 2025. وقد منحت الأكاديمية جائزتها إلى الكاتب المجري "لازلو كاراسناهوركاي" (71 عاما) "تقديرا لمسيرته الأدبية الفريدة التي تمزج بين الفلسفة والخيال المظلم، وبين العبث الإنساني والإيمان العميق بقدرة الفن على النجاة وسط الخراب". وللمرة الثانية، يهدي "لازلو كاراسناهوركاي" المجر جائزة نوبل للآداب بعد أن فاز بها لأول مرة المجري "إيمري كيرتيش" (2002).
يُلقّب لازلو كاراسناهوركاي بـ«كاتب الرؤى والانهيار»، وبرز اسمه لأول مرة عام 1985 مع صدور روايته الشهيرة "ساطانتانغو"، وهي رواية سوداوية ترصد انهيار قرية صغيرة في رمزٍ لفساد العالم وتفكك القيم. وقد تحولت الرواية عام 1994 إلى فيلم سينمائي لاقى إشادة نقدية واسعة، أخرجه المخرج المجري "بيلا تار". وقد ارتبطت مسيرة "كاراسناهوركاي" بالمخرج بيلا تار، الذي نقل أعماله إلى الشاشة في أفلام ذات طابع بصري قاتم وتأملات وجودية. ومن أبرز مؤلفاته: "كآبة المقاومة" و"الحرب والحرب"...
تتمثل جائزة نوبل للآداب في ميدالية ذهبية وشهادة فخرية ومبلغا ماليا قدره 11 مليون كرونة سويدية (حوالي 1.2 مليون دولار).وسيتسلّم الفائز جائزته في العاشر من ديسمبر المقبل في ستوكهولم، في الذكرى السنوية لوفاة مؤسس الجوائز "ألفريد نوبل".

أدونيس وإبراهيم الكوني المرشحان العربيان

مرة أخرى وتكرارا ومرارا عاد اسم الشاعر السوري أدونيس (علي أحمد سعيد إسبر) إلى التداول كأحد أبرز المرشحين المحتملين لجائزة نوبل للآداب. ولكن بعد مسيرة تمتد لأكثر من 7 عقود، بقي أدونيس البالغ من العمر 95 عاما مجرد اسم يتردد وينتفخ كبالونة هواء ثم لا يلبث أن ينطفئ !
هذا العام ، أيضا برز في ترشيحات نوبل للآداب اسم الكاتب الليبي إبراهيم الكوني الملقب بـ«فيلسوف الصحراء» والذي جعل في أدبه الصحراء مسرحا لتساؤلات فلسفية وإنسانية ووجودية.
يمتلك إبراهيم الكوني أكثر من ثمانين أثرا بين رواية وقصة وتأملات فكرية، تُرجم معظمها إلى لغات عالمية، بينها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية والسويدية والإسبانية.
وإلى اليوم، بقيت نوبل للآداب عصية عن الأدباء العرب ليبقى الأديب المصري نجيب محفوظ الاسم العربي الوحيد الذي نال جائزة نوبل في الآداب عام 1988، عن مجمل أعماله الروائية نظرا لأنه "صاغ فنا روائيا عربيا ينتمي إلى الإنسانية جمعاء".

ثلاثة أدباء رفضوا جائزة نوبل للآداب

رغم الشهرة الواسعة التي تحيط بجائزة نوبل للآداب وما تمنحه من اعتراف عالمي بمكانة الكاتب، فإنّ التاريخ شهد حالات نادرة اختار فيها بعض الأدباء الوقوف في صف مبادئهم بدلا من الانصياع لبريق الجائزة. فقد رفض الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر الجائزة عام 1964 إيمانا منه بأن الكاتب يجب أن يحافظ على استقلاله الفكري وألّا يتحول إلى جزء من مؤسسة رسمية أو أداة للتكريم السياسي. أما الروائي الروسي بوريس باسترناك، فقد وجد نفسه مجبراعلى رفضها عام 1958 تحت ضغط شديد من الحكومة السوفييتية بسبب روايته "دكتور زيفاغو" التي اعتبرتها السلطة عملا معاديا للأيديولوجيا السوفييتية. كذلك امتنع الكاتب الروسي ألكسندر سولجينتسين عن استلام الجائزة عام 1970 خوفا من منعه من العودة إلى وطنه إذا غادره لتسلم الجائزة، إذ كان يعيش تحت رقابة قاسية بسبب فضحه جرائم معسكرات الاعتقال الستالينية.
هذه المواقف النادرة تظهر أن القيمة الأدبية ليست دائما رهينة الأوسمة والجوائز، بل قد تكون في شجاعة الأديب وقدرته على الدفاع عن فكره مهما كانت الإغراءات أو التهديدات.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115