العالم يُحمّل الإحتلال مسؤولية انتهاك القانون الدولي أسطول الصمود يتحدى حصار غزة ويوقظ الضمير العالمي

في جريمة جديدة تضاف إلى سجل الاحتلال الحافل بالانتهاكات

اقتحمت قوات تابعة للاحتلال الإسرائيلي مدججة بالسلاح سفن أسطول الصمود في عرض المياه الدولية، واختطفت ناشطين مدنيين كانوا في طريقهم لإيصال المساعدات إلى غزة المحاصرة. العملية التي وُصفت دوليا بالقرصنة، أثارت موجة إدانات دولية واسعة، وأعادت تسليط الضوء على الحصار الخانق المفروض على أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع.

"أسطول الصمود"، الذي انطلقت سفنه من موانئ أوروبية، لم يكن يحمل سوى الأمل والغذاء والدواء، لكنه قوبل برصاص الاحتلال، في مشهد يعكس مدى خوف وارتباك الإحتلال من فعل تضامني يفضح ممارساتها أمام العالم.
ففي مواجهات بحرية متصاعدة قبالة سواحل قطاع غزة المحتل، تعرّض أسطول الصمود العالمي لاعتراض من قوات الإحتلال الإسرائيلي ، ما أدى إلى اعتقال وأسر عشرات المشاركين المتضامنين من مختلف الجنسيات، في حين سارعت عدة عواصم في العالم إلى إدانة الحادث والدعوة إلى تحرك دبلوماسي فوري لوقف ممارسات الكيان الغاصب.
مواجهة بين الصهيونية والعالم
من جهته قال محسن النابتي الناطق باسم التيار الشعبي لـ''المغرب'' أن المواجهة بين أسطول الصمود وقوات النازية الصهيونية الإسرائيلية في عرض مياه البحر الأبيض المتوسط الدولية هي لحظة تكثّفت فيها مايمثله أسطول الصمود مما بقي من ضمير الإنسانية الحرة، وما تمثله العصابة الصهيونية من إجرام وتوحش في حق الإنسانية جمعاء''.
وأضاف أنّ ''القوات الصهيونية حين داهمت الأسطول في عملية قرصنة وعملية إرهابيّة بغيضة، داهمته في المياه الدولية مما يعكس انهيار منظومة التحكيم الدولي بالكامل وسحقها من قبل العصابة الصهيونية والفاشية الحاكمة في الولايات المتحدة الأمريكية ..مما يؤكّد عودة النظام الدولي إلى مرحلة الفوضى والهمجية وقانون الغاب في المقابل وجود العشرات من الجنسيات في أسطول الصمود يؤكد الوحدة الإنسانية ويؤكد عالمية المقاومة في مواجهة الصهيونية ورعاتها في الغرب الاستعماري ''. وأكد أن ''تونس والشعب التونسي فخور بأن جزءا كبير من الأسطول هم من أبناء هذا البلد ، فأسطول الصمود أوصل الأوضاع إلى أقصى درجات التصعيد وهو التصعيد الإنساني ضد جرائم الصهيونية '' . وأضاف أنه ''بعد أسطول الصمود لم يبقى للإنسانية إلاّ الاستمرار في الاحتجاج والمقاومة والدفع باتجاه ما دعا إليه الرئيس الكولومبي في مواجهة الصهيونية مثلما واجه العالم النازية والفاشية في الحرب العالمية الثانية ، المطلوب وحدة انسانية لمواجهة الصهيونية في هذه المرحلة ''.
وشدد النابتي على أن ''أسطول الصمود نجح على المستوى الأخلاقي والسياسي انه يكثف هذه اللحظة . أما تونسيا اعتقد أنّ الاحتجاجات ستتكثف ، الشعب التونسي سيهب كما لم يهب من قبل أولا دعما لغزة ثانيا دعما لأسطول الصمود ، ثالثا دعما لأبنائه التونسيين المشاركين في الأسطول .. المطلوب من الدولة التونسية أن تكون في مستوى اللحظة ، المطلوب منها هو الإدانة للعدو الصهيوني، وتكثيف الاتصالات مع كل الدول التي لديها أسرى لدى العدو الصهيوني الآن لمزيد عزل هذا الكيان ''.
وتابع ''العدو الصهيوني يعيش اليوم أسوأ حالاته ، بعد أن انكسرت سردية الصهيونية بالكامل على المستوى الإنساني وبالتالي الدولة التونسية من مصلحتها اليوم أن تنقض سياسيا وإنسانيا لمزيد دفع الرأي العام الشعبي الدولي والرسمي على الكيان ، اليوم يمكن للدولة التونسية التوجه إلى منظمات ومنابر دولية مثل الاتحاد الإفريقي ودول عدم الانحياز خاصة وان عديد الدول أدانت خطوة الاحتلال بأسر المشاركين في أسطول الصمود .. على الدولة التونسية أن تلعب دورا أكثر حيوية لتعزيز الموقف التونسي سياسيا وأخلاقيا لكسر شوكة العدو الصهيوني '' وفق تعبيره.
مواقف وتحركات
في الساعات التي تلت اعتراض السفن، أعلنت الحكومة الإسبانية استدعاء القائمة بأعمال السفارة الإسرائيلية في مدريد، على خلفية اعتراض القوات التابع للاحتلال لأسطول الصمود المتجه لكسر الحصار على غزة. وأوضح وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس أن من بين المعتقلين نحو 65 مواطنًا إسبانيا كانوا على متن السفن.
وأعربت بريطانيا بدورها في بيان رسمي عن "قلق بالغ" إزاء التطورات، وطالبت بضمان سلامة المشاركين وتسليم المساعدات للجهات الإنسانية على الأرض لضمان إيصالها إلى غزة. كما أكدت أنها على تواصل مع عائلات بعض المواطنين البريطانيين الموجودين على الأسطول.
من جهتها، صرّحت أستراليا بأنها تتابع التقارير حول اعتقالات نفَّذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على متن الأسطول، وأنها مستعدة لتقديم الدعم القنصلي لبلادها، داعية جميع الأطراف لاحترام القانون الدولي وضمان معاملة إنسانية للناشطين.
في المقابل، قالت وزارة خارجية الاحتلال الإسرائيلي إنّ جميع النشطاء الذين كانوا على متن سفن "أسطول الصمود العالمي" سيتمّ ترحيلهم إلى أوروبا وفق ما ورد في بيان نُشر على منصة "إكس".
ووفق تغريدات لمنظمي والمشاركين في الأسطول، فقد نجحت بعض السفن في كسر الحصار ودخول المياه الإقليمية لقطاع غزة، وتشير التقديرات إلى أنها وصلت لأول مرة على بعد نحو 8.4 أميال بحرية من شاطئ غزة المحتل، في خطوة وصفتها قيادة الأسطول بأنها الأقرب حتى الآن نحو تحقيق أهدافها لكسر الحصار.
وليل الأربعاء–الخميس، أعلن "أسطول الصمود" تعرّضه لهجوم من قِبَل نحو عشر سفن إسرائيلية أثناء اعتراض مراكبه في المياه الدولية، وأصدر نداء استغاثة عاجلًا، واصفا ما يحدث بأنه جريمة حرب تستهدف مدنيين يسعون لأداء دور تضامني سلمي. في صباح يوم أمس، قال الأسطول إنّه لا يزال صامدا، بالرغم من الهجمات التي شملت رشّ المياه المضغوطة ومحاولات صدم السفن ببعضها البعض، وهو ما وصفه البيان بأنه جريمة ضدّ الإنسانيّة.
من جهتها، طالبت منظمة عدالة الحقوقية بالإفراج الفوري عن المدنيين المحتجزين في المياه الدولية، معتبرة أن اعتراضهم يشكّل "انتهاكا صارخا للقانون الدولي"، خاصّة إذا كانوا في طريقهم نحو المياه الفلسطينية.ووفق بيانات الأسطول والمراكز الحقوقية، فقد تم اعتراض السفن، ولا يزال مصير بعض السفن مجهولا بعد أن انقطع الاتصال بها، فيما جرت عملية اقتياد عدد من السفن تمهيدا لترحيلهم .
في سياق الاعتقالات التي نفذها الاحتلال، أعلنت تركيا عن احتجاز 24 مواطنا تركيا كانوا على متن السفن، فيما قالت كولومبيا إنها اعتقلت مواطنيها (اثنين) أثناء الحادث. الكويت أعلنت أيضا أن عددا من رعاياها قد احتُجزوا. وفي مقابلة مع مسؤولي الأسطول، ورد أنّ من بين المتضامنين نحو 532 شخصا من أكثر من 45 دولة، يحملون مساعدات إنسانية للغزيين القابعين منذ سنين تحت حصار ظالم.كما طالبت الحكومة الإسبانية بإعادة السفن والمساعدات، وضمان العودة الآمنة لمواطنيها الذين شاركوا في هذه المبادرة الدولية.
إدانات متتالية
هذا ووصفت وزارة الخارجية التركية التعرض للسفن بأنه "عمل إرهابي"، مؤكدّة أنه ينطوي على استهداف مدنيين بُغية كسر إرادة التضامن مع الشعب الفلسطيني. واعتبرت أن هذه الخطوة تشكّل "انتهاكا صارخا للقانون الدولي" وندّدت بسياسات "الفاشية والعسكرية" التي تنتهجها حكومة الاحتلال الإسرائيلي، مشيرة إلى أن الحصار على غزة يتجاوز كونه إقفالًا حدوديا إلى فرض مجاعة على سكان القطاع.كما شدّدت أنقرة على أنها تتخذ كافة المسارات القانونية والإجراءات الدولية للإفراج عن مواطنيها، ودعت الأمم المتحدة والمنظمات المعنية للتحرك فورًا لإنهاء الاعتداء وفتح ممرٍ إنساني إلى غزة.
ودعا وزير الخارجية الفرنسي جان نُوفيل بارو "إسرائيل" إلى تحمل مسؤولياتها في ضمان سلامة المشاركين في الأسطول، وإلى احترام الحق في الحماية القنصلية، والسماح بعودتهم إلى فرنسا في أقرب فرصة. كما طالب بتسهيل وصول المساعدات دون احتجاز أو مصادرة.
ومن جهته قال نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية والسّلام في إيرلندا، سيمون هاريس، إن ما ورد من أنباء عما يجري مثير للقلق الشديد، وصبّ الضوء على أن مهمة الأسطول سلمية وتندرج في إطار التضامن مع معاناة إنسانية كبيرة. ودعا إلى الالتزام بالقانون الدولي وضمان معاملة إنسانية للمشاركين.
وأكد وزير الخارجية البلجيكي ماكسيم بريفو أن بلاده تتابع الوضع عن كثب، وطالب الإحتلال بالامتثال لقانون البحار والالتزام بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق. وأعلن أن بلجيكا ستواصل تحرّكها الدبلوماسي لضمان رفع هذا الحصار الظالم.
ودعت نقابات إيطالية إلى إضراب عام، اليوم الجمعة، تضامنا مع الأسطول، في حين خرجت احتجاجات في عدد من المدن بعد اعتراض السفن.
وردّ الرئيس الكولومبي غوستافو على الهجوم بالإعلان عن قرار طرد جميع أعضاء البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية، معتبرا اقتحام السفن "جريمة دولية ارتكبها رئيس الوزراء الإسرائيلي". كما أشار إلى أن بلاده ستلغي فورا اتفاقية التجارة الحرة ردا على هذا التصعيد.ومن جانبه أعرب وزير الخارجية البرازيلي عن قلقه البالغ حيال سلامة مواطنيه الخمسة عشر على متن الأسطول، بينهم نائب فيدرالي. وشدّد على أن الأسطول هو مبادرة إنسانية تسعى لتسليط الضوء على الوضع المأساوي في غزة، وحمّل إسرائيل المسؤولية عن سلامة المشاركين.
ووصفت الحكومة الفنزويلية الهجوم الإسرائيلي بأنه "عمل قرصنة جبان"، وأدانت "الطبيعة الإجرامية" لكيان الاحتلال الإسرائيلي. وأكدت أن الحصار هو أداة حرب متعمدة تهدف إلى إبادة الفلسطينيين من خلال التجويع.
كما قال رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوسا، امس الخميس، إن اعتراض إسرائيل لـ"أسطول الصمود العالمي" المتجه إلى غزة "جريمة خطيرة" بحق "التضامن والمشاعر العالمية الهادفة إلى تخفيف المعاناة" في القطاع.وفي بيان نقلته "رويترز"، دعا رامابوسا إسرائيل إلى الإفراج الفوري عن مواطني جنوب أفريقيا وغيرهم ممن كانوا على متن الأسطول، بمن فيهم نكوسي زويليفيليل مانديلا حفيد بطل التحرير نيلسون مانديلا.
وأعربت الحكومة الأورغويانية عن قلقها الشديد من اعتراض سفن الأسطول، داعية "إسرائيل" إلى ضمان سلامة المشاركين والالتزام بالقانون الإنساني الدولي. كما نددت بقوة بالهجوم، واعتبرته "وحشيًا" و"انتهاكًا صارخًا" للقانون الدولي. ودعت إلى محاسبة المسؤولين عن هذا التصعيد.
ومن جهتها أعلنت الحكومة التشيلية دعمها الكامل للأسطول الذي يضم مواطنين تشيليين، وأكدت أن وزارة الخارجية تُتابع الإجراءات لحماية مواطنيها وضمان سلامتهم.
أهمية الخطوة
يُعد هذا التحرك البحري التضامني هو الأكبر والأقوى من نوعه نحو غزة على مدى السنوات الماضية، إذ لم يسبق أن أبحرت نحو 50 سفينة مجتمعة في مهمة تضامنية كهذه، وعلى متنها مئات المتطوعين من عشرات الدول.
وبوجود نحو 2.4 مليون فلسطيني في القطاع المحاصر منذ نحو 18 عامًا، فإن هذا الأسطول يعبّر عن ذروة التضامن الدولي مع غزة في ظل التصعيد الحربي الصهيوني المستمر منذ عقود والذي تكثفت حدته منذ أكتوبر 2023.
من الناحية السياسية والدبلوماسية، فإن استدعاء السفراء ورفع التنديدات في عواصم أوروبية ومن أمريكا اللاتينية يعكس أن الحادث لم يكن عملية عسكرية عابرة، بل معركة رمزية تُقاس فيها أسس قواعد القانون الدولي وحرية الملاحة وحقوق المدنيين في التحرّك السلمي.
ويرى مراقبون أن الواقعة الراهنة أمام غزة ليست مجرد حادث عابر، فرصة لإظهار انتهاك "إسرائيل" المستمر للقانون الدولي وحرية الملاحة، ولإبراز مدى قدرة القوى الدبلوماسية في الدول الداعمة للتضامن على تحويل الاحتجاج والدعم البحري إلى ضغط سياسي فعلي.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115