في نهاية الأسبوع الفارط أدانة كافة المتهمين في ما بات يعرف إعلاميا بملف «التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي الذي شمل العديد من الوجوه السياسية البارزة ورجال أعمال وحقوقيين وغيرهم. وأصدرت في شأنهم أحكاما بالسجن تراوحت بين 4 سنوات و66 سنة.
لم تكن الأجواء الجمعة الفارط بقصر العدالة بباب بنات عادية، حيث امتزجت حالات الغضب بالاحتقان والتوتر والرفض...، كل ذلك تزامن مع منع الحضور من اعلاميين وملاحظين (تونسيين واجانب) وجمعيات وسياسيين وعائلات المتهمين من مواكبة ملف «التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي» ، باعتبار انه من أكبر الملفات القضائية- من حيث المتهمين ونصوص الاحالة- التي تم فتحها خلال السنوات الاخيرة.
فبعد قرار قاضي التحقيق الذي منع ،منذ مباشرته الأبحاث في ملف الحال، التداول فيه، قررت هيئة المحكمة منع الصحفيين من مواكبة جلسة المحاكمة الجمعة الفارطة والتي انتهت بإصدار الأحكام. ورغم احتجاج الصحفيين امام قصر العدالة ومطالبتهم بحقهم في «الحصول على المعلومة» و» نقل المحاكمة للرأي العام»، ألا أن ذلك لم يغير شيء ، حيث تمسكت هيئة المحكمة بموقفها وواصلت المحاكمة في تغييب شبه تام للإعلاميين، علما وانه قد سمح لهم خلال الجلستين الفارطتين من دخول قاعة الجلسة ومواكبة كافة أطوار الجلسات.
شطب أسماء ومواصلة المحاكمة
قالت دليلة مصدق عضو هيئة الدفاع عن المتهمين في قضية التآمر على امن الدولة في تصريح إعلامي، الجمعة الفارط ان لسان الدفاع قد تطرق خلال الفترة الأولى من المرافعات إلى ثلاثة نقاط أساسية. تعلّقت النقطة الأولى بمنع الصحفيين وعائلات المتهمين والمراقبين من حضور جلسة المحاكمة.
وقد تعلقت النقطة الثانية بـ»ضرورة إحضار الموقوفين إلي قاعة المحكمة»، حتى تستجيب المحاكمة إلى شروط المحاكمة.
أما النقطة الثالثة فتعلقت أساسا بطعن بعض المتهمين وعددهم 3أشخاص في قضية الحال بالتعقيب في قرار دائرة الاتهام، مؤكدة انه لم يتم إعلام بعض المتهمين بقرار دائرة الإتهام بمحكمة الإستئناف بتونس. وأكدت مصدق بأنه «وطبق الإجراءات القانونية الطعن في قرار دائرة الاتهام يفرض على المحكمة إيقاف جلسة المحاكمة وإعادة الملف إلى محكمة التعقيب للبت فيه».
وباستئناف الجلسة، بعد ان تم رفعها في مرحلة أولى، قررت هيئة المحكمة «شطب اسماء المتهمين الذين قاموا بالطعن بالتعقيب في قرار دائرة الاتهام»، ومواصلة جلسة المحاكمة.
هذا القرار لم يلاقي استحسان لسان الدفاع الذي اعتبر وفق ما اكده الاستاذ مختار الجماعي في تصريح لـ»المغرب»، ان « اصرار المحكمة على عدم الاستجابة الى طلبات المتهمين ولسان الدفاع عنهم وتمسكها بالفصل في ملف بهذا الحجم دون فسح المجال الكافي لهيئة الدفاع لاعداد وسائل دفاعها ولا بسماع المتهمين وتمكينهم من حقهم في الدفاع عن انفسهم، يمثل خرقا فادحا لشروط المحاكمة العادلة».
«فضيحة اجرائية غير مسبوقة»
بعد تمسك هيئة المحكمة بمواصلة المحاكمة اعتبرت هيئة الدفاع عن المتهمين، في بيان لها أن، ما شهده قصر العدالة يوم 18 أفريل بمناسبة محاكمة المتّهمين في ما يعرف بقضيّة التّآمر «فضيحة إجرائيّة غير مسبوقة».
وقالت هيئة الدفاع بان «هيئة الدّائرة الجنائيّة الخامسة قد عمدت إلى الإعلان عن الإختلاء للمفاوضة والتّصريح بالحكم بعد 30 ثانية من إعلانها رفض طلبات التّأخير و التّشطيب على أسماء المتّهمين الثلاثة الطّاعنين بالتّعقيب في قرار دائرة الإتّهام، دون استنطاق المتّهمين الحاضرين بالجلسة والمحالين بحالة سراح و لا استماع لمرافعات المحامين» .
واعتبرت في بيان لها بتاريخ 18 افريل 2025 ان» ما حصل هو إعلان قاطع لبراءة المحالين في هذه القضيّة بعد إصرار من يقفون خلف الملفّ على مواصلة التّعتيم على جرائم التّدليس و الفبركة و الإفتراء و حرمان الرّأي العام من معرفة الحقيقة».
ونددت «بتخلّي رئيس الدّائرة ورئيس المحكمة عن صلاحيّاتهما بما جعل المحكمة تحت الإشراف الكامل لوزارة الدّاخليّة فتم منع المواطنين والإعلاميّين و أغلب عائلات المساجين من الدّخول لقاعة الجلسة و تسليط مضايقات كبيرة على المحامين ( طالت عميد المحامين و مرافقيه من الأساتذة الجامعيّين)» وفق ما ورد في نص البيان.
وقالت «أنّ الدّائرة الخامسة بابتدائيّة تونس لم تعد ذات صفة لإصدار حكم في القضيّة بعد تعهّد محكمة التّعقيب بالملفّ» وأعلنت «عدم اعترافها بشرعيّة أيّ حكم ينبثق عن هذه المحاكمة الصّوريّة التي لم تُحترم فيها أبسط شروط المحاكمة الجزائيّة فضلا عن الضّمانات الدّنيا للمحاكمة العادلة» على حد تعبيرها .
أحزاب وجمعيات تعبر عن رفضها للاحكام
وقد وصفت جبهة الخلاص الوطني، في بيان لها بتاريخ 19 أفريل الجاري ان الحكم الصادر في ملف «التآمر على امن الدولة» بـ»وصمة عار» و «جريمة في حقّ العدالة وفي حقّ سمعة البلاد».
كما عبرت عن رفضها لهذا الحكم الذي طال عدد من» قادة المعارضة السّياسيّة ومواطنين بعضهم لا علاقة له مطلقا بالشّأن العام» وفق ما ورد بنص البيان.
كما عبرت عن مساندتها لكلّ من شملهم هذا الحكم، ودعمها لقياديّيها الذين تسلّطت عليهم أحكام بالسّجن بلغت 72 سنة و طالت رئيس الجبهة أحمد نجيب الشّابّي وأعضاء هيئتها جوهر بن مبارك و رضا بلحاج وعضو هيئتها التّنفيذيّة شيماء عيسى.
في نفس السياق، وصف الحزب الجمهوري يوم 18 أفريل 2025 بـ»اليوم الأسود في تاريخ المؤسسة العدلية التونسية». واكدت في بيان له أن «هذه المحاكمة وصمة عار على جبين تونس وجريمة سياسية في حق نشطاء سياسيين سلميين وفي حق عائلاتهم» وفق ما جاء في نص البيان. وطالب بـ»وقف هذا المسار الخطير الذي ينذر بانهيار الحريات وتجريم العمل السياسي المشروع الذي ناضلت من أجله أجيال من التونسيين». واعتبر أن هذه المحاكمة ونتائجها «باطلة».
من جهتها فقد عبرت جمعية تقاطع عن «مساندتها المطلقة واللامشروطة للموقوفين السياسيين وعائلاتهم». ووصفت في بيان لها الاحكام الصادرة في ما بات يعرف بملف التآمر على امن الدولة بـ»الأحكام الجائرة».
هذا وقد عبرت جميعة تقاطع عن «رفضها القطعي للأحكام الجاهزة في القضية، والتي تكشف عن توجّه مقلق نحو إرساء قضاء غير مستقل، مسيّر سياسياً، يتم توظيفه لإضفاء شرعية شكلية على ممارسات تعسفية تستهدف المعارضين والنشطاء، بدل أن يكون سلطة قائمة بذاتها تحمي الحقوق وتضمن الإنصاف» وفق ما ورد في نص البيان.
واعتبرت أن «هذه الأحكام تمثل انتكاسة للحقوق والحريات السياسية».
• تفاصيل الأحكام
أدانت الدائرة الجنائية الخامسة بالمحكمة الابتدائية بتونس كافة المتهمين الذين شمل ملف «التآمر على امن الدولة» وأصدرت في شأنهم احكاما تراوحت بين 4 سنوات و66 سنة سجنا. وفي ما يلي تفاصيل الاحكام:
- كمال بن يوسف اللطيف (موقوف) 66 سنة
- محمد خيام التركي (موقوف) 48 سنة
- نور الدين البحيري (موقوف) 43سنة
- عصام الشابي (موقوف) 18 سنة
- جوهر الحبيب بن مبارك (موقوف) 18سنة
- غازي بن الهادي الشواشي (موقوف) 18 سنة
- رضا محمد الحاج (موقوف) 18 سنة
- عبد الحميد بن محمد الجلاصي (موقوف) 13 سنة
- حطاب سلامة (موقوف) 4 سنوات
- رضا علي الجيلاني شرف الدين (موقوف في غير القضية) 16سنة
- صحبي سالم عتيڤ (موقوف في غير القضية) 13سنة
- السيد محمد الفرجاني (موقوف في غير القضية) 13سنة
- كمال بشير البدوي (موقوف في غير القضية) 13 سنة
- محمد الأزهر العكرمي (سراح) 8 سنوات
- شكري بن عيسى بحرية(سراح) 13 سنة
- عياشي رابح الهمامي(سراح) 8 سنوات
- محمد المبروك الحامدي(سراح) 13سنة
- نور الدين بوطار(سراح) 10 سنوات
- محمد بشير البدوي(سراح) 13سنة
- حمزة علي المؤدب (فرار) 33 سنة مع النافذ العاجل
- علي محجوب الحليوي (فرار) 33 سنة مع النفاذ العاجل
- منجي العربي الذوادي (فرار) 33 سنةمع النفاذ العاجل
- كمال سعيد الڤيزاني(فرار) 33سنة مع النفاذ العاجل
- رضا محمد ادريس (فرار) 33 سنة مع النفاذ العاجل
- مصطفى كمال البنابلي(فرار) 33 سنة مع النفاذ العاجل
- كمال الجندوبي (فرار) ( وقع شطب اسمه لوجود طعن لدى محكمة التعقيب)
- نور الدين بن تيشة (فرار) ( وقع شطب اسمه لوجود طعن لدى محكمة التعقيب)
- كوثر عمارة الدعاسي (فرار) 33 سنة مع النفاذ العاجل
- رياض الشعيبي (سراح) ( وقع شطب اسمه لوجود طعن لدى محكمة التعقيب)
- عبد المجيد الزار (فرار) 33 سنة مع النفاذ العاجل
- تسنيم محمد الخريجي (فرار) 33 سنة مع النفاذ العاجل
- نادية حطاب عكاشة (فرار) 33 سنة مع النفاذ العاجل
- كريم بن محمد القلالي (سراح) 25 سنة
- رفيق عبد الرحمان الشعبوني (فرار) 33 سنة مع النفاذ العاجل
- نجلاء خليفة اللطيف (فرار) 33 سنة مع النفاذ العاجل
- بشرى بالحاج حميدة (فرار) 33 سنة مع النفاذ العاجل
- برنار ليفي (فرار) 33 سنة مع النفاذ العاجل
- شيماء عيسى (سراح) 18 سنة سجن
- محمد رؤوف خلف الله (فرار) 33 سنة سجن مع النفاذ العاجل