فالحليف الأهم لتل ابيب يسعى لان يجد نهاية للحرب ولكن بشروط إسرائيلية تخدم مصالح الاحتلال . وهذا ما كشفت عنه جولة المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين في بيروت والتي عكست تباينا ملحوظا بين الشكل والمضمون. فالمعطيات الجوهرية التي تم طرحها تدل على صعوبات تعيق وقف الحرب في ظل التعنت الصهيوني والشروط التي تمس سيادة البلد ويرفضها لبنان ومقاومته
من بين النقاط الرئيسية التي تناولها هوكشتاين، الالتزام بآليات مُحدثة لتنفيذ القرار 1701، والتي تتضمن تحويل منطقة جنوب الليطاني إلى منطقة خاضعة بالكامل للجيش اللبناني، مع تعزيز عدده وعتاده بدعم من قوات "اليونيفيل". كما تضمن الاقتراح انسحاب "حزب الله" من المنطقة.
الشروط الإسرائيلية وموازين القوى
تزامنت زيارة هوكشتاين مع تسريبات تفيد بأن تل أبيب قدمت للبيت الأبيض وثيقة تحدد شروطها لإنهاء الحرب. تضمنت الوثيقة ضرورة ضمان عدم إعادة تسليح "حزب الله" أو إعادة بناء بنيته التحتية العسكرية في مناطق جنوب لبنان، مع منح الجيش الإسرائيلي حرية العمل في الأجواء اللبنانية. هذه الشروط تظهر الاطماع الصهيونية التي لا تعرف سقفا ولا يمكن ان تحدها سوى نتائج الميدان والمعركة على الأرض .
وعُرضت تصورات جديدة تستند إلى تعديل القرار 1701، تتضمن توسيع النطاق الجغرافي لسلطته إلى شمال نهر الليطاني لمسافة تصل إلى كيلومترين. هذا التعديل، أثار حفيظة لبنان الذي عبر صراحة عن الرفض الشديد لمحاولات جعل لبنان رهينة الاحتلال الصهيوني والرقابة الأجنبية على حساب سيادة البلد .
ووفق مراقبين من النقاط الأكثر جدلا في اقتراح هوكشتاين، توسيع مهام القوات الدولية لتشمل حق التفتيش الدوري للمناطق المشبوهة من دون الحاجة إلى إذن السلطات اللبنانية. هذا الاقتراح قد يعكس مستوى جديدًا من التدخل الأجنبي، مما يزيد من الاحتقان في العلاقات اللبنانية-الأمريكية.
يأتي هذا بالتزامن مع وصول وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل أمس الثلاثاء لعقد اجتماعات مع قادة الاحتلال الصهيوني في سياق جولة بالشرق الأوسط ترمي لإطلاق مسعى جديد لوقف إطلاق النار.
المؤتمر الدولي لدعم لبنان
من جانبها تستعد فرنسا لاستضافة "المؤتمر الدولي لدعم لبنان" يوم غد الخميس، وهو حدث يأتي بمبادرة من الرئيس إيمانويل ماكرون في محاولة لتوجيه مستقبل لبنان وسط الأزمات المتفاقمة بسبب الحرب الدائرة بين إسرائيل وحزب الله. وبغض النظر عن أهمية الحدث، فإن غياب بعض القوى الرئيسية مثل ''إسرائيل'' وإيران، بالإضافة إلى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، يثير تساؤلات حول إمكانية تحقيق تقدم فعلي نحو وقف إطلاق النار.
تتزايد الضغوط على لبنان في ظل تصاعد العمليات العسكرية، حيث شهدت البلاد غارات جوية إسرائيلية مكثفة تستهدف مواقع حزب الله، بالإضافة إلى عمليات برية محدودة من الجيش الإسرائيلي. ومع استمرار النزاع، يبرز المؤتمر كفرصة للبحث عن مبادرات إنسانية ودبلوماسية.
ووفق مراقبين فإن انعقاد المؤتمر يمثل نقطة إيجابية في المشهد الدبلوماسي، إذ يعد الديناميكية الوحيدة المتاحة حاليا. وقد طرحت باريس وواشنطن خطة دولية لوقف إطلاق نار مؤقت في أواخر سبتمبر، إلا أن هذه المبادرة لم تحقق النجاح المطلوب.
وتشير الإحصاءات إلى أن الحرب قد أسفرت عن استشهاد ما لا يقل عن 1470 شخصاً في لبنان، وفقا لوزارة الصحة اللبنانية، بينما فرّ نحو 700 ألف شخص من منازلهم، وفقاً للأمم المتحدة. تأتي هذه الأرقام في وقت يعاني فيه لبنان من أزمة اقتصادية خانقة، مما يزيد من تعقيد الأوضاع الإنسانية.
ويُتوقع أن يتناول المؤتمر مسألة تعزيز الجيش اللبناني في إطار خطة استنادا إلى قرار مجلس الأمن 1701، الذي أنهى النزاع بين إسرائيل وحزب الله في عام 2006. وينصّ القرار على انسحاب إسرائيل من لبنان وتعزيز وجود قوات الأمم المتحدة، وهو ما يظل محورا أساسيا في المناقشات.
ساعة الحسم اقتربت ..
في الأثناء قال د. خيام الزعبي الكاتب والأكاديمي بجامعة الفرات لـ''المغرب'' أنّ ''عقارب الساعة تتسارع ، وتتجه الأنظار كلها نحو الحرب بين رجال المقاومة وإسرائيل، وباعتبار حزب الله دُرّة تاج محور المقاومة على الصعيد العربي، فسيكون تحقيق أي انتصار محطة أساسية لرسم مستقبل المنطقة بأكملها، كون أي نصر عسكري سيتبعه نصر سياسي يتكلّل بإنكسار مشروع إسرائيل، بذلك ستكون المقاومة عنوانا بارزا لفشل ذريع لقوى الغرب وحلفاؤهم من العرب في تحقيق أهدافهم في المنطقة''.
وتابع ''تلّ أبيب التي تلقب بـ"مدينة الحياة بلا توقف" تهتز مع تساقط صواريخ المقاومة خاصة بعد استهداف مقر قيادة المخابرات الإسرائيلية "الموساد" وقصف منزل المتطرف نتنياهو، فأصبحت غير آمنة اليوم كما كانت في السابق، فقادتها يدركون أن بقاء كيانهم متوقّف على الدعم الغربي والأميركي بشكلٍ خاص، وأنه من دون الأسلحة الأميركية لا يمكن أن تصمد "إسرائيل" في وجه المقاومة ساعةً أخرى''.
وتابع ''أنّ حزب الله لا تزال لديه قدرات في العمق لم يستخدمها حتى الآن، وقد يفضل الحزب الانتظار عن عمد حتى لا يستنزف كل قدراته، فحزب الله، يملك العدد الأكبر من المقاتلين، بالإضافة إلى ترسانة ضخمة من الصواريخ والطائرات من دون طيار، والتي يمكن لها أن تطغى على دفاعات القبة الحديدية الإسرائيلية، وقد اختبر المستوطنون في المناطق الشمالية هذا الأمر بالفعل لشهور عديدة.فصمود المقاومة في الجنوب اللبناني وغزة، جعل جيش الاحتلال يضع كل ثقله في المعركة، ليس لأنه يريد توسيع رقعة سيطرته فحسب، بل لأنها أدرك أن عجزه عن وقف سقوط المقاومة اللبنانية والفلسطينية، سيشكل بداية لانهياره ومن ثم القضاء عليه'' وفق تعبيره .
وأكّد ''إنّ أهم ما يميز هذه الحرب عن سابقاتها، هو أن المقاومة خلال هذه العملية إعتمدت إستراتيجية جديدة من خلال تغيير التكتيك وإستخدام التكنولوجيا الحديثة في كشف وضرب أوكار الإسرائيليين للقضاء عليهم بشكل نهائي، فضلاً عن المعلومات الدقيقة والإحداثيات التي يمتلكها وبذلك بدت مسافة بسيطة جداً تفصل رجال المقاومة عن مناطق سيطرة جيش الاحتلال وبمجرد إجتيازهم لها ستقصم بها ظهر قوات الاحتلال و ستجعل رجال المقاومة يزفون النصر الكامل على إسرائيل بعد إنهاء وجودها.وتكمن أهمية هذه الحرب في أنها دليل واضح على أن حزب الله لا يزال قادراً على الحسم، في المكان الذي يختاره، وقادراً على المناورة، وبسرعة ومرونة، على مجمل الأرض التي يوجد فيها، فلذلك من الواضح أن ثمة تحولات متوقعة لا بد أن يكون لها تأثير شديد على مجرى الأحداث في لبنان ، وان الصفعة المؤلمة التي سيتلقاها جيش العدو ستترك تأثيراتها على المنطقة وستمهد للعمليات القادمة في غزة ضد جيش الاحتلال'' على حد قوله .
وأكد الزعبي ''بعد أن أصبح الجانب الإسرائيلي محاصراً بهذا الكم من الصفعات وسط تصاعد مؤشرات لوجود صفعات مضاعفة خلال الأيام والأسابيع القادمة، بات يتأكـد للجميع أن تل أبيب باتت مجبرة على إعادة حساباتها، لا سيَّما أن المقاومة تتداعى للرد على الغطرسة الإسرائيلية، وما الضربات الأولية على القواعد العسكرية الإسرائيلية إلا مؤشر للدخول في مرحلة مليئة بالردع المقاوم للكيان الغاصب ورُعاتِه الأمريكيين.وبذلك ستكون هذه الحرب بداية النهاية للكيان الصهيوني وداعميه في المنطقة، كما إن هذه الحرب ستكبّد قوات الاحتلال الآلاف من القتلى، خاصةً أنها تتعرّض لضربات موجعة من قبل المقاومة من خلال الصواريخ والطائرات من دون طيار، ومن هذا المنطلق تعتبر هذه الحرب فرصة ذهبية للقضاء على هذا الكيان وأدواته'' وفق تعبيره .
"حزب الله" يتبنى استهداف منزل نتنياهو
من جهته أعلن "حزب الله" اللبناني،أمس الثلاثاء، تبنيه عملية استهداف منزل رئيس وزراء الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، السبت الماضي، في مستوطنة قيساريا.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده مسؤول العلاقات الإعلامية بالحزب محمد عفيف، في قرية الغبيري بقضاء بعبدا في محافظة جبل لبنان.وفي المؤتمر الصحفي، قال عفيف: "تعلن المقاومة الإسلامية عن مسؤوليتها الكاملة والتامة والحصرية عن عملية قيساريا واستهداف منزل مجرم الحرب وزعيم الفاشية الصهيونية نتنياهو".و قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إن طائرة مسيرة أطلقت من لبنان باتجاه منزل نتنياهو بقيساريا شمال إسرائيل، ولم يكن متواجدا وعائلته فيه، فيما لم تنطلق صفارات الإنذار عن المنطقة تزامنا مع الحادثة.
قصف إسرائيلي على محيط مستشفى الحريري
ميدانيا أعلنت وزارة الصحة اللبنانية أمس الثلاثاء مقتل 13 شخصا وإصابة 57 آخرين في الغارة الإسرائيلية على محيط مستشفى الحريري في بيروت .وقال مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة ، في بيان صحفي أوردته الوكالة الوطنية للإعلام ، إن" غارة العدو الإسرائيلي في منطقة الجناح - محيط مستشفى الحريري أدت في حصيلة جديدة إلى استشهاد 13 شخصا من بينهم طفل".
وأشار إلى ارتفاع عدد الجرحى إلى 57 من بينهم 17 استدعت إصاباتهم الدخول إلى المستشفى لتلقي العلاج وحال سبعة منهم حرجة ووفق الوكالة ، "تسببت الغارة بأضرار كبيرة في مستشفى الحريري".وكان الطيران الحربي الإسرائيلي شن ليل أمس سلسلة غارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، واستهدفت إحداها محيط مستشفى رفيق الحريري الجامعي الحكومي.
وبدأت الطائرات الحربية الإسرائيلية منذ 23 سبتمبر الماضي شن غارات عنيفة على العديد من المناطق في جنوب لبنان والبقاع شرق لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت، وطالت الغارات العاصمة بيروت وجبل لبنان وشماله، ولا تزال الغارات مستمرة حتى اليوم.وبدأ الجيش الإسرائيلي في أول الشهر الحالي عملية برية مركزة في جنوب لبنان.