أن التصعيد الأخير في لبنان وفلسطين خاصة شمال غزة والمجازر التي يرتكبها الإحتلال وأيضا التهجير المستمر يشير إلى احتمالية حدوث مواجهة أوسع في المنطقة. وأضافت أن الأمريكيين يريدون حربا محدودة يتم السيطرة عليها لكن إسرائيل تريد جرها إلى حرب شاملة لخدمة مصالحها وخلق انتصار وهمي تستطيع تسويقه إلى الداخل الإسرائيلي .
ماهي قراءتكم للوضع الإقليمي الراهن وماتعيشه المنطقة من تصعيد دراماتيكي؟
الوضع الإقليمي لا يبدو مطمئنا ... نحن فعليا نعيش حربا غير مسبوقة ... التصعيد الأخير في لبنان وفلسطين خاصة شمال غزة.. المجازر التي يرتكبها الإحتلال يوميا شمال قطاع غزة في بيت لاهيا وجباليا وأيضا التهجير وحرق الخيام والتصعيد المتزامن في لبنان أيضا .. كل هذه التطورات تشير إلى احتمالية حدوث مواجهة أوسع ، فالتصعيد على الحدود مع لبنان واستهداف المواقع الحساسة في غزة وفي الضفة أيضا تشير إلى أنّ إسرائيل لجرّ المنطقة إلى حرب شاملة وتوسيع سيطرتها وفرض أجندتها السياسية حتى على داعميها من الأمريكان والأوربيين .. هي تريد جرّهم إلى هذه الحرب.
يبدو أن الأمريكيين يريدون حربا محدودة يتم السيطرة عليها لكن إسرائيل تريد جر الدولة الأم وهي الولايات المتحدة الأمريكية إلى حرب شاملة لخدمة مصالحها وخلق انتصار وهمي تستطيع تسويقه إلى الداخل الإسرائيلي . من جهة أخرة فان المقاومة الفلسطينية في غزة مستمرة في ردع العدوان والتصدي للهجمات بينما المقاومة اللبنانية أيضا تستعد لردود فعل سريعة خاصة بعد استهداف القادة ... ماحدث من إيران من توجيه ضربات لإسرائيل بالصواريخ كرد فعل لما واجهته من اختراقات لسيادتها والعالم يترقب الرد الصهيوني على هذه الضربات الإيرانية .. الوضع الراهن يشير إلى أن هناك مواجهة قائمة وستستمر وتتسع بهدف إضعاف محور المقاومة
على الصعيد الإقليمي هناك ترقب للرد الإسرائيلي على صواريخ إيران باعتبار أنها الحليف الرئيسي للمقاومة سواء في فلسطين أو لبنان ... الرد الإسرائيلي القادم الذي يهدد إما منصات الصواريخ أو المنصات النووية أو منصات الغاز والبترول في إيران يؤدي إلى اشتعال حرب شاملة لن يمكن السيطرة عليها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ... نحن نرى ضغوطا دولية ومساع لامتصاص مخاطر انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة قد تكون عواقبها كارثية ... تحاول واشنطن والدول الأوروبية السيطرة على الرد الإسرائيلي على إيران وحتى الآن تفشل كل الجهود فنتنياهو يضرب عرض الحائط المبادرة الفرنسية لوقف إطلاق النار والتدخل الأوروبي أيضا ... فأمريكا كما أشرنا تريد أن تكون المواجهة محدود ومسيطر عليها لكن لا يمكن بأي حال قياس رد الفعل الإسرائيلي ومايمكن أن يترتب عنه.
هل يمكن أن يتكرّر سيناريو غزة في لبنان ؟
المقاومة في غزة قدمت نموذجا يحتذى به في الصمود والتصدي للعدوان الصهيوني على مدار أكثر 376 يوما قدرتها على قلب المعادلات العسكرية وإرباك حسابات العدو ولا يمكن أن تتم المقارنة بينها وبين لبنان فكلتا الجبهتان رغم تقاربهما باعتبارهما جسمان لمقاومة واحدة، إلا أنه لكل مكان خصوصيته فمثلا الساحة اللبنانية حزب الله كجزء من محور المقاومة يملك قدرات عسكرية وإستراتيجية كافية لردع أي اعتداء صهيوني على لبنان لايمكن أن نغفل أنّ المقاومة الفلسطينية وحزب الله جزءان اساسيان من منظومة مقاومة شاملة في وجه الاحتلال . لكن تكرار السيناريو يعتمد على العدو الصهيوني وقراراته السياسية وهنا يأتي دور محور المقاومة في التصدي لأي تصعيد بكل السبل المتاحة .
مثلا بعد سلسلة الاغتيالات التي استهدفت قادة المقاومة اللبنانية وأبرزهم قادة حزب الله وعلى رأسهم السيد حسن نصر الله ، فالكيان الصهيوني يسعى لتوجيه ضربات نوعية مؤثرة لتعطيل قدرة المقاومة على شن عمليات عسكرية أو الرد بشكل فعال على العدوان ... لكن المقاومة اللبنانية ورغم كل هذا فقد أظهرت مرونة في قدرتها على التعامل مع هذه الاغتيالات وأعادت ترتيب صفوفها بسرعة مستفيدة من عقود من الخبرة في المواجهات مع الإحتلال من إعادة توزيع المسؤوليات بحيث يتم حماية القادة الرئيسيين وتنظيم نشاط الحزب لضمان استمرار القدرة على اتخاذ القرارات السريعة وبكفاءة مع الحفاظ على جاهزية المقاومة للردّ على أي تصعيد .كما أنها عملت على تعزيز الأمن الداخلي والأنظمة الاستخباراتية ـ فقد لجأت المقاومة اللبنانية إلى تعزيز هذه الأنظمة التي تم ضربها في موقعة البيجر وفي سلسلة من الاغتيالات ، فطورت شبكتها الاستخباراتية من رصد لتحركات العدو الصهيوني ومنع تكرار هذه الاغتيالات.
تكرار هذا السيناريو خلق وحدة بين فصائل المقاومة مع بعضها سواء في لبنان أو فلسطين أو اليمن ، رغم الاغتيالات المتكررة إلا أن المقاومة اللبنانية أكدت استمرار دعمها للمقاومة الفلسطينية وهذا ظهر في كل التصريحات الصادرة عن القيادات العليا لحزب الله وصولا إلى آخر تصريح من نعيم قاسم الذي ينوب السيد حسن نصر الله بعد اغتياله ، وهي رسالة كانت واضحة بأن محور المقاومة لازال متماسكا وقادرا على الصرب في العمق الصهيوني والتركيز على العمل المشترك كما يحدث الآن في ساحة جنوب لبنان في التصدي لمحاولات الاجتياح البري من قبل العدو الصهيوني .
عملية حيفا الأخيرة جاءت كرد مباشر على سلسلة الاغتيالات وتحمل رمزية كبيرة كونها استهدفت المدينة التي تعتبر أهم مركز استراتيجي واقتصادي هام للكيان الصهيوني ورغم المخاطر التي تحملها إلا أنها جاء لتؤكد أن المقاومة اللبنانية قادرة على الوصول إلى العمق الإسرائيلي وضرب أهداف حساسة وأنها مستعدة للمواجهة والتصعيد . اتوقع أن حزب الله والمقامة لديهم خطط للتصدي لسيناريوهات الاجتياح البري للبنان يعني جزء منها يستند للخبرة في الحروب التي اكتسبوها من حرب تموز وغيرها من المواجهات.