في معارض مهرجان "جو تونس" للفن المعاصر: إعادة إنتاج للمعنى وللمبنى من أجل الإنسان !

بكل اللغات ومن كل الثقافات يقترح مهرجان"جو تونس" للفن المعاصر بناء جسر حوار وتواصل بين فناني تونس والعالم

يكون محوره الإنسان وبوصلته الإنسانية. في دورته السابعة يسعى هذا المهرجان الذي أسسته مؤسسة كمال لزعر منذ سنة 2013 إلى أن يكون مناسبة للتفكير النقدي في القضايا العالمية وللاحتفاء بالتنوع الثقافي تحت شعار"الفنون ، المقاومة وإعادة بناء المستقبل".

على امتداد شهر كامل من 9 أكتوبر إلى 9 نوفمبر 2024، ينشر "بينالي" أو مهرجان "جو تونس" للفن المعاصر في العاصمة التونسية ألوان الفنون وأشكالها ورسائلها... في استضافة لتسعة معارض ولتسعة عروض فنية ولتسعة لقاءات حوارية وأكثر من 60 فنانا من بلدان الجنوب.

معرض " بلا أمل" وألم الهجرة غير النظامية!

ما بين وطن متروك ووطن منشود أملا في حياة أفضل، يمتطي الكثيرون قوارب الموت ! هي مغامرة يقودها الأمل في الأفضل عند من أصبحوا يعيشون "بلا أمل"....ولكنها حتما رحلة مختومة بالألم، ألم الفقدان، ألم الفراق، ألم الخسارة، وحتى ألم الغربة والعنصرية بعد الوصول إلى الضفة الأخرى. هي ملحمة جسدها معرض "بلا أمل" عن ضحايا الهجرة النظامية ضمن مهرجان "جو تونس" للفن المعاصر الذي يحتضنه مقر "نادي التجديف، تونس البحرية".
بمجرد الدخول إلى فضاء معرض "بلا أمل" بمقر نادي التجديف الذي خلصه "مهرجان جو تونس" من الفضلات والمتطفلين والصعاليك ... حتى يليق باحتضان هذا المعرض للفن المعاصر، قد ينسى الزائر كل التفاصيل الثانوية لينغمس في عالم الهجرة غير النظامية.
على ضفاف تونس البحرية، نجح القائمون على معرض "بلا أمل" تحت إشراف "الكوميسار" شيراز مصباح ومساعدتها سمية نقارة وفي إبداع للفنانة نسرين دوزي، في تحويل المكان إلى ما يشبه حقا شاطئ الرحيل وأيضا الموت لكل من اختار الهجرة غير النظامية. فكانت كل الأعمال المعروضة في بعدها الحسي والمادي كفيلة بوضع زوار المعرض في الإطار ليختبروا بكل عواطفهم وعقولهم هذه التجربة الخطيرة والمريرة.
تحت عنوان "إنشاء تجربة فنية غامرة حول موضوع الهجرة غير النظامية" ، تقدّم 80 مترشحا من 17 مؤسسة تعليم عال بمشاريعهم الفنية، ليتم اختيار حوالي 40 فنانا لتأثيث معرض "بلا أمل".
في تنوع ثري على مستوى المواد والأشكال والمقاسات، تميزت هذه الأعمال الفنية بالجرأة والتجديد في تعرية الواقع القاسي للهجرة غير النظامية. ولم "يكن الهدف توثيق الوقائع فحسب، بل إثارة الأفكار والتساؤلات حول الآثار النفسية والاقتصادية والدبلوماسية والسياسية لحركات الهجرة غير النظامية.في تركيز على تونس باعتبارها نقطة مرور محورية في هجرة الأفارقة نحو أوروبا."

"كيف نكون في العالم؟" .. في "بئر الأحجار"

في فلك سؤال "كيف نكون في العالم؟" يدور المعرض الجماعي "آلامنا تركب الشمس مثل فرس السباق" الذي يحتضنه المركز الثقافي "بئر الأحجار" في المدينة العتيقة تحت إشراف الكوميسار " كميل ليفي سارفاتي". ومن المشاريع الإبداعية التي تشد الانتباه في هذا المعرض عمل بعنوان "رأس المال – حاتمة: حكاية نهاية حقيبة" للفنانة "ندى كعبي لينك" من عمّان الذي استند إلى كتاب كارل ماكس عن رأس المال ليشير إلى "انهيار نظام برمته. ويدعو إلى إبطال ادعاءات العالم الحداثي بأنه هو عالم الكل بالكل وفقا لأرتورو إسكوبار، لقد دقت ساعة البدء من جديد لابتكار عالم جديد أو أسلوب وجود جديد."
هم فنانون يجيبون بالموسيقى وبالفيديو وبالفن وبالشعر... عن سؤال "كيف نكون في العالم هذا، رغم العبث والدوار واليأس" ما الذي نفعله بكم الغضب هذا، بمأساة الواقع وبالجروح التي تلتئم بجروح أخرى؟ وإذا كان لا شيء يهم، وإن كان الموت والعذاب محتّمين، أفلا يكون من الأفضل أن ننتهي؟ لكن مقابل الاستسلام نجد المبالاة ، نجد اللمسة والنشوة والصداقة، ونجد القصص المتخيلة والشكوك ، كما ذكريات الم ودفء القبلات والرغبة الجامحة في الحب ..."
في التمعن في أعمال معرض "آلامنا تركب الشمس مثل فرس السباق" قد يتعلم الزوار معنى "أن نستأنف حضورنا في هذا العالم بكل راديكالية" !

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115