رئيس المعهد العربي لحقوق الانسان عبد الباسط بن حسن لـ" المغرب ": الحرب في السودان بكل انتهاكاتها وتوحشّها لا تلقى جهدا دوليا واقليميا حقيقيا من أجل ايقافها ملايين السودانيين يقفون على حافة انعدام الأمن الغذائي المطلق ومخاطر كبيرة لحدوث مجاعات

دعا رئيس المعهد العربي لحقوق الانسان عبد الباسط بن حسن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة

للتحرك بشكل حقيقي وفاعل من أجل الوقف الفوري لحرب السودان التي زاد اشتعالها مع فتح جبهات جديدة. وان تضغط بقوة في سبيل ايقاف هذا الصراع وايجاد حل سلمي يسمح بالإغاثة وبالدخول في نوع من المسار السياسي التفاوضي الذي يعيد الأمل للسودانيين والسودانيات في عودة المسار الديمقراطي الذي بدأ في فترة معينة ووقع الانقلاب عليه .

واعتبر في حديثه لـ" المغرب " أن ما يحصل في السودان هو مأساة كبرى تنضاف الى مأساة الابادة الحاصلة في فلسطين وفي منطقتنا والتي لا يقع التعامل معها ومع مآسيها بجدية ولا يقع الى حد الآن مبادرات لإيقاف هذا النزيف . وقال ان هناك أكثر من 6 مليون نازح سوداني في الداخل ومليوني لاجئ فروا عبر الحدود واستقروا تقريبا في 7 دول افريقية كبرى ويتعرضون في بعض منها الى أشكال من انتهاكات حقوق الانسان .

 

كيف تنظرون الى الوضع الحقوقي والإنساني في السودان ؟

في الحقيقة فإن مأساة السودان مضاعفة فهي مأساة الحرب المدمرة التي يعاني منها الشعب السوداني وكذلك مأساة اللامبالاة والتجاهل . فالحرب بكل انتهاكاتها وتوحشها لا تلقى جهدا دوليا واقليميا حقيقيا من أجل ايقافها .
بعثة تقصي الحقائق بشأن السودان للأمم المتحدة صرحت في افريل الماضي بأن الوضع الانساني هو وضع كارثي وهناك آلاف القتلى من المدنيين وتدمير للبنية التحتية واستهداف للمستشفيات والمدارس واستهداف للقوافل الطبية وقوافل الاغاثة الانسانية . هناك أكثر من 6 مليون نازح في الداخل ومليوني لاجئ فروا عبر الحدود واستقروا تقريبا في 7 دول افريقية كبرى. وفي فرارهم يتعرضون الى أشكال عديدة من انتهاكات حقوق الانسان وانعدام الأمن وقلة الموارد الاغاثية ويقعون فريسة للعصابات التي تستهدفهم . الوضع خطير اليوم فهناك ملايين من السودانيين والسودانيات يقفون على حافة انعدام الأمن الغذائي المطلق وهناك مخاطر كبيرة لحدوث مجاعات ، ورغم هذا فلا توجد محاولات حقيقية لإيقاف كل هذه الانتهاكات وايقاف هذا النزيف الكبير . مثلا حتى مجلس الأمن الدولي الذي دعا الى وقف فوري لإطلاق النار بمناسبة شهر رمضان المعظم لم يستجب لهذا النداء طرفا الصراع ولم تقع اتاحة الفرصة للشعب السوداني حتى الى هدنة انسانية مؤقتة من أجل السماح بالإغاثة وبوصول المساعدات الانسانية وغيرها من المسائل . وهي مأساة كبرى تنضاف الى مأساة الابادة الحاصلة في فلسطين وفي منطقتنا التي لا يقع التعامل معها ومع مآسيها بجدية ولا يقع الى حد الآن مبادرات لإيقاف هذا النزيف . صحيح ان هناك مجهودات ولكنها لا تكفي أمام هذه المأساة الانسانية الكبرى .

ما مدى مخاطر التجاهل الاعلامي رغم ما تمثله حرب السودان من انعكاسات خطيرة على المنطقة ؟
الحقيقة ان التجاهل او اللامبالاة مركبة ما عدا اجتهادات بعض وسائل الإعلام العربية او الأجنبية التي ما تزال تقدم لنا المعلومات حول ما يقع من مآسي . رغم حضور منظمات المجتمع المدني والاغاثية والانسانية مثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وعدد آخر من المناضلين العرب والسودانيين من أجل الوصول الى حل سلمي لهذا الصراع . ورغم كل ذلك فان السودان يعاني من مأساة تخترق حياتنا وهي غياب منظومة دولية قادرة على ان تكبح جماح المتصارعين في الحروب وقادرة على ان تسهر على تطبيق القانون الدولي وقادرة على ان توقف نزيف الحرب . اللامبالاة هي نتاج لمصالح ونتاج لعدم وجود منظومة قادرة على ان توقف هذه المآسي وان تحاسب . هناك انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان في السودان بما فيها الاعتداءات الجنسية والقتل العمد للمدنيين وغيرها من المآسي يعني مسألة مركبة مقعدة تطرح على الضمير الانساني قضية غياب منظومات قادرة على ان توقف الحروب وان تجد الحلول السلمية لمثل هذه المآسي .
وما الحلول الممكنة لوقف الحرب ؟
في الحقيقة هناك بادرة أمل تتمثل في ان تتحرك الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بشكل حقيقي وفاعل من اجل الوقف الفوري لحرب زاد اشتعالها مع فتح جبهات جديدة. وان تضغط بقوة في سبيل ايقاف هذا الصراع وايجاد حل سلمي يسمح اولا بالإغاثة. ويسمح كذلك بإعادة الاعمار وبعودة اللاجئين والنازحين الى مدنهم وقراهم وبيوتهم. ويسمح بالدخول في نوع من المسار السياسي التفاوضي الذي يعيد الأمل للسودانيين والسودانيات في عودة المسار الديمقراطي الذي بدأ في فترة معينة ووقع الانقلاب عليه . وايقاف الحرب واعادة الإعمار واغاثة الشعب السوداني والبدء في مسار سياسي متعدد الأطراف تحت اشراف الأمم المتحدة والمنظمات الاقليمية من أجل الوصول لحل عادل وشامل يعيد السودان على طريق الديمقراطية والتنمية الانسانية . فالسودان بطاقاته البشرية الكبرى يمثل مهد حضارة، وبخيراته التي يمكن ان تسمح له بالخروج من الحرب والوصول الى الاستقرار بعيدا عن الأطماع والتدخلات الأجنبية التي ساهمت في تعقيد الوضع . واليوم منظمات المجتمع المدني و كل الجهات الحقوقية تطالب بالذهاب الى منظومة أممية أكثر قدرة على احلال العدل وايقاف الحروب والوقاية منها . ولا ننسى ان السودان هو في منطقة لها منظومتان اقليميتان الافريقية والعربية في اطار جامعة الدول العربية . وآن الأوان كذلك ان تكون المنظومات الاقليمية قادرة على احلال الأمن في المنطقة والمراقبة والمحاسبة وقادرة على ان تنهض ببلداننا لخيار حضاري وهو خيار التنمية الانسانية المستدامة والديمقراطية بدلا من الذهاب دائما نحو العنف والاستبداد الذي اثبت في حالة السودان وفي حالات عديدة أنها تدمّر البلدان.

 

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115