عن سياسات الحكومة الإسرائيلية، وأشار في تصريحات لوكالة "إن بي سي" الإخبارية أنه من الواضح أن إسرائيل مستعدة لتقديم تنازلات كبيرة لتحقيق هدنة، وأن مسؤولية ضمان نجاح التوصل لاتفاق هدنة باتت الآن على عاتق "حماس"، وأوضح أنه إذا لم يتم التوصل لاتفاق هدنة فإسرائيل ستمضي قدما في هجوم على رفح.
وعلى الرغم من تأكيد بلينكن أن بلاده تجدد رفضها دعم عملية "رفح" إذا لم يتم تقديم خطة إنسانية واضحة، إلا أن عدة شواهد تبرز التأرجح الذي تتسم به المواقف الأمريكية بين إطلاق يد نتنياهو والتحسب لصورتها أمام الرأي العام الداخلي والخارجي، وجنوحها لإلقاء المسئولية علي حماس إذا لم يتم الإعلان عن وقف إطلاق نار بدلا من ممارسة ضغوط حاسمة علي تل أبيب فلم تبالي واشنطن لصور المآسي الإنسانية في غزة وهي تعلن عن مزيد من الدعم العسكري لسلطة الإحتلال .
الأمر الذي يثير عدة اسئلة مشروعة في مقدمتها.. هل لا تملك واشنطن أدوات فاعلة للتأثير على مواقف نتنياهو وإثناء حكومة اليمين المتطرف عن إجتياح رفح!؟ وهل تتحمل واشنطن مزيد من الضرر على صورتها الخارجية، ليست فقط في العالم العربي والإسلامي إنما داخل الولايات المتحدة نفسها ودول أخرى أبدت شعوبها تضامنا ملحوظا مع الحق الفلسطيني، والإصطفاف - نسبيا - إلي جانب القانون الإنساني الدولي، لاسيما أن أحدث التقارير الصادرة عن البرنامج الإنمائي ولجنة "إسكوا" وغيرها من المنظمات الأممية تشير إلى أن ما لا يقل عن 5% من سكان "غزة" قتلوا أو أصيبوا في الحرب المستمرة في غزة وأن تلك الحرب ستظل لها عواقب اقتصادية واجتماعية كبيرة على الشعب الفلسطيني.
كما أعربت المجموعة العربية في الأمم المتحدة عن بالغ أسفها وخيبة أملها إزاء استخدام الولايات المتحدة حق النقض ( الفيتو) ضد حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وأكدت المجموعة أن حق فلسطين في نيل عضوية الأمم المتحدة لا جدال فيه، وأن أكثر من 140 دولة اعترفت بالفعل بدولة فلسطين، كما أن المجتمع الدولي عليه اتخاذ موقفٍ حازم يحول دون إقدام إسرائيل على اجتياح رفح.
على خلاف ما يرد في التقارير الأممية وفي مشهد جديد يبرهن علي ترنح واشنطن، ذكر مسؤولون أمريكيون لـموقع "أكسيوس" الإخباري أن الرئيس "بايدن" شارك - شخصيا - في جهود مكثفة في الأيام الأخيرة للتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن ووقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس ( قرب الانتخابات الرئاسية وشعبية بايدن تتحكم بشكل كبير في توجهات وتصريحات الإدارة الأمريكية الحالية)، فضلا عن التأكيد على أن الاتفاق المطروح على الطاولة هو السبيل الوحيد الذي يمكن تصوره لوقف إطلاق النار في غزة واحتمال إنهاء الحرب، وانتهز مسئولي واشنطن الفرصة للإدعاء بأن الأزمة الإنسانية في غزة تحسنت في الأسابيع الأخيرة ( في إشارة منهم إلى الطرح الأمريكي الخاص بالممر الإنساني البحري إنطلاقا من قبرص بإتجاه غزة) وإن كانت التصريحات خلصت إلي أن وقف إطلاق النار هو السبيل الحقيقي الوحيد لمعالجة الوضع بشكل منهجي وتجنب خطر المجاعة في القطاع.
كما نشر موقع "أكسيوس" تقريرا أخر حول الإتصالات بين الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية، ومنها تحذير تل أبيب لواشنطن أنها ستتخذ خطوات قد تؤدي لانهيار السلطة الفلسطينية إذا أصدرت الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق قادة إسرائيل، وأن بايدن قد أبلغ نتنياهو أن التقارير عن ضوء أخضر أمريكي للمحكمة الجنائية الدولية لإصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين، غير صحيحة. كما أكد بايدن لنتنياهو معارضة واشنطن لتحقيق المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل.
من المرجح أن تكون مشاهد إقتحام الشرطة لجامعة كاليفورنيا وإزالة حواجز وخيام المعتصمين المطالبين بوقف الحرب على غزة، الأكثر تأثيرا على صورة القوة العظمى خلال العقود المقبلة، ومن غير المتصور أن تبذل الصهيونية العالمية والتيارات الداعمة لإسرائيل داخل المجتمع الأمريكي المجهود الكافي لتحسين صورة واشنطن الخارجية، وإن فعلت فمن غير المتوقع أن يكون له جدوي نظرا لأن صحوة الضمير العالمي إمتدت إلى فئات الشباب التي لديها جرأة أكبر في التعبير عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني.