عن موعد يوم الاقتراع للدور الاول من الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها بين شهري سبتمبر واكتوبر القادمين، فكل الاحداث التي تراصت خلال اليومين الفارطين كانت بشكل او باخر تتعلق بالاستحقاق الرئاسي، سواء في مواقف السلطة التنفيذية ورئيسها او في رد المعارضة ومبادراتهما السياسية.
الحدث الرئيسي ليوم امس كان الاستحقاق الرئاسي، ظهر على ثلاثة مراحل، الاولى كانت بلاغ الرئاسة عن اللقاء الذي عقد اول امس الاربعاء بقصر قرطاج وجمع الرئيس قيس سعيد بوزير الداخلية كمال الفقي والمدير العام للامن الوطني مراد سعيدان، المدير العام آمر الحرس الوطني حسين الغربي قال خلاله الرئيس ان الدولة لن تتسامح مع من يرتمي في أحضان الخارج استعدادا للانتخابات و استفاض البلاغ الرئاسي في رسم صورة سلبية للمرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية بالتنصيص على ان احد المرشحين يتمسّح كل يوم على أعتاب مقرات الدوائر الأجنبية، وان بعض الاسماء تقدم على انها مدعومة من هذه العاصمة أو تلك.
بلاغ تطرق فيه الرئيس الى نقاط عدة تشترك في انها تحمل اتهامات للمعارضين بالتعاون مع الخارج والحركة الصهيونية ايضا، ويبدو ان هذا ما حجب القسم الاول من البلاغ المتعلق بالانتخابات الرئاسية والانتقادات الصريحة التي يوجهها الرئيس الى منافسيه المحتملين في الاستحقاق القادم وربطها بدوائر اجنبية ووصمهم بانهم مرشحوا العواصم الغربية.
انتقاد حاد يكشف ان الرئاسة وان كانت لا تعلن ذلك بشكل صريح الا انها انغمست كجزء من الطيف السياسي التونسي في الزمن الانتخابي مع اقتراب موعد الاستحقاق وبات جزء من خطابها الرسمي يتضمن اشارات لهذا الاستحقاق صراحة وباطنيا جنبا الى جنب مع انتقاد مرشحين محتملين، مما قد يفهم منه ان الرئيس في طور تشكيل المشهد الانتخابي بشكل غير مباشر وصريح يقوم على طرفين هو كرئيس ومرشح محتمل ضد بقية المرشحين المحتملين اللذين تطالهم انتقادات الرئيس واتهامته الصريحة بالعمالة والخيانة.
وضع قد يعكر المناخ الانتخابي وينزع من الاستحقاق رهانته السياسية والانتخابية بفرض مناخ مغلق ومشوش يرسم قيود سياسية قد تتطور لتصبح قانونية تحول دون تنافس جدي ونزيه يمنح فيه التونسيون حرية اختيار رئيسهم ويمنح فيه المتنافسون مناخا آمنا يسوي بينهم جميعا ويضمن تكافؤ الفرص بينهم.
فيوم امس وفي المرحلة الثانية من تشكل الحدث الرئيسي، نشر منذر الزنايدي الوزير السابق في نظام بن على تدوينة اعلن فيها بشكل غير مباشر انه معني بالمنافسة في الاستحقاق الرئاسي القادم وانه سيحتكم الى الشعب التونسي ويقدم له برنامجا وقع اعداده من قبل مجموعة تشتغل معه، وانه سيختار الوقت المناسب للاعلان عن هذا الترشح بشكل رسمي مشيرا في تدوينته التي وردت كبلاغ صحفي ان «محاولات الترهيب والتخوين وتكميم الأفواه لن تفل من عزمه» في اشارة الى المناخ العام الراهن.
مناخ عام تمت الاشارة اليه في رسالة الاربعة من الموقوفين في قضية التامر على امن الدولة والتي حملت موقفهم المشترك بدعوة المعارضة الى خوض الانتخابات الرئاسية لاهميتها وضرورة تقديم مرشح موحد من القوى الديمقراطية على أساس برنامج الحد الأدنى الديمقراطي والاجتماعي الجامع لهاته القوى. دعوة للمشاركة تضمنت مطالبة صريحة بعدم المساس من القانون الانتخابي وضمان تكافؤ الفرص بين الجميع وتشكيل هيئة انتخابات جديدة والغاء العمل بالمرسوم عدد 54 اضافة الى مطالب اخرى يعتبرها الرباعي رضا بالحاج وعصام الشابي و جوهر بن مبارك و خيام التركي (كما وردت أسماءهم بالترتيب في الرسالة) شرطا اساسيا لضمان انتخابات نزيهة. وهي المبادرة الثانية بعد مبادرة العياشي الهمامي الذي طلب من القوي الديمقراطية الاجتماعية تقديم مرشح موحد لها في الاستحقاق الرئاسي.
الانتخابات الرئاسية والشروط الضامنة لنزاهتها وقع الخوض فيها خلال الساعات الفارطة من قبل السلطة ومن قبل ابرز عائلتين سياسيتين معارضتين لها، العائلة الدستورية ممثلة في الزنايدي، والعائلة الديمقراطية الاجتماعية ممثلة في رسالة الرباعي ومن قبلهما العياشي الهمامي، وهو ما يكشف اننا بتنا في الزمن الانتخابي وان الصراع السياسي بين السلطة ومعارضيها سيحتدم خلال الايام القادمة في علاقة بهذا الاستحقاق وشروطه.
اذن نحن ازاء تصورين، تصور السلطة الذي يعبر عنه الرئيس بشكل غير مباشر ويضع له الاطار العام ويرسم ملامح الاطار القانوني ويحشر خضومه ومنافسيه المحتملين في الركن باتهامهم صراحة وبشكل مباشر بالعمالة وبالتهافت على الحكم لتحقيق منافع خاصة، وبين معارضة تدفع في اتجاه ضمان الحد المعقول من الاستقرار السياسي والقانوني لعقد انتخابات رئاسية يعبر فيها التونسيون عن خياراتهم