وتشويق الأسطورة عن مقام سكنه الملوك واستقر فيه البايات حتى أصبح اليوم فضاء ثقافيا بامتياز يحمل اسم «المركز الدّولي للثّقافة والفنون قصر العبدلية». وبمناسبة العطلة المدرسية، اختار قصر العبدلية أن يكون قريبا من الأطفال وحاضنا لإبداعاتهم في توطيد لعلاقة الانتماء بين الناشئة والوطن وبين الأطفال والآثار...
تحت عنوان «معلم وأطفال» استقطبت هذه التظاهرة في دورتها التأسيسية جمهورا غفيرا من الأطفال ومن الأولياء أيام 17 و18 و19 ديسمبر 2023 بالمركز الدّولي للثّقافة والفنون قصر العبدلية بالمرسى.
خلق للألفة بين المعلم والأطفال
في المرسى يشهد قصر العبدلية على روعة هندسة معمارية وتفرد معالم تاريخية جاء ذكرها في الأدب والكتب والمخطوطات ... وقد قال عن هذا القصر الشيخ محمد الفاضل بن عاشور في حديثه عن الآثار الحفصية في المرسى ما يلي « إذا استثنينا قصر الحمراء بغرناطة ، فإننا لا نجد بالمغرب العربي بناية على حالها تمثل طراز المباني السكنية الفخمة قبل العصر التركي غير هذا القصر. وهو قصر العبدلية الكبير بالمرسى فإنه وإن يكون من آثار القرن العاشر ، إلا أنه على كل حال، جاء مغربيا حفصيا، قبل أن يتأثر فن العمارة بالمؤثرات التي دخلت عليه في النصف الأخير من القرن العاشر باستقرار الحكم التركي».
أمام هذا التجذر العميق في المكان والتاريخ لقصر العبدلية بالمرسي، بحثت مديرة هذا الفضاء الثقافي رابعة الجديدي عن طريقة لاستقطاب الأطفال خاصة بعد ملاحظتها لنوع من القطيعة بينهم وبين قصر العبدلية فجاء تأسيس الدورة الأولى من تظاهرة «معلم وأطفال».
بكثير من الحماس تحدثت مديرة المركز الدّولي للثّقافة والفنون قصر العبدلية رابعة الجديدي عن فكرة إطلاق تظاهرة «معلم وأطفال»، فأفادت في تصريح لـ»المغرب»بالقول :»إنّ قصر العبدلية هو أقدم معلم تاريخي في المرسى ولكن للأسف أغلب الأطفال لا يعلمون شيئا عن ماضيه العريق وخصائصه المعمارية الفريدة من نوعها .. فبحثت عن طريقة طريفة ومبتكرة لتعريف الأطفال بقصر العبدلية دون السقوط في التلقين الجاف أو السرد الممل للمعطيات التاريخية . وهكذا قمت بالاتصال بالحكواتي يوسف البقلوطي وشرعنا في البحث في أرشيف العبدلية عن أصل الحكاية. فجاءت الثمرة حكاية مشوقة تحت عنوان «العبدلية قصر ما بين غابة وبحر» والتي تسرد تاريخ العبدلية منذ بدأ التّأسيس مرورا بالحضارات المتعاقبة وصولا إلى تحوّله اليوم إلى فضاء ثقافي.»
3 ورشات لتثمين تاريخ قصر العبدلية
وحتى لا تُنسى الحكاية وتبقى محفورة في وجدان الأطفال وعالقة في ذاكرتهم، تمّ تنظيم ثلاث ورشات تطبيقية ضمن تظاهرة «معلم وأطفال»، وهي : ورشة «معلم وصور» وورشة»معلم وكتابة» وورشة «معلم وفيديو» لاختبار ما الذي بقي محفوظا لديهم من تاريخ قصر العبدلية ولتشجيعهم على إنتاج أعمال إبداعية تمزج بين فنون الحكاية والكتابة والتصوير لتثمين التراث .
وإلى جانب برمجة عروض تخاطب الطفولة، لم تنس الدورة الأولى من تظاهرة «معلم وأطفال» تكريم روح العرائسي الراحل الأسعد المحواشي الذي قدم للأطفال الكثير من الأعمال والعرائس والمساحات الشاسعة من الجمال والخيال. وقد تم تدشين قاعة نشاط الأطفال بقصر العبدلية تحمل اسم «لسعد المحواشي» وعرض شريط وثائقي حول مسيرته.
ولم يغب أطفال فلسطين عن تظاهرة «معلم وأطفال» التي وجهت لهم أصدق التحايا وأخلص التضامن وهم الذين يقدمون كل يوم دروسا في الصمود وفي الشجاعة وفي البطولة.
و»كان وكان يا ما كان حكاية في قصر السلطان جاو الناس من كل مكان لمة وعطور وألوان» ... هي حكاية مشوقة رواها يوسف البقلوطي للأطفال عن معلم مرسى في تظاهرة «معلم وأطفال» نجحت في كسر جبل الجليد بين الأطفال وقصر العبدلية وخلقت ألفة بين الأطفال والمعلم حتى يصبحوا من رواده وصنّاع الجمال صلبه حاضرا ومستقبلا.