منبــــر: حذار من السيناريو الفينزويلي: الشرعية المزدوجة لصالح من؟

لا شك أنّ البعض منا يتذكر الازمة التي مرت بها فنزويلا والتي لازالت قائمة الذات ويمكن تلخيصها فيما يلي:

-أولا الأزمة الاقتصادية التي بدأت تتعمق منذ 2013 بسبب تدهور سعر البترول والمعلوم أن فينزويلا من أكبر الدول التي تحظى بمخزون من الذهب الأسود
- ثانيا تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد عزم الرئيس «تشافز» على التخلص نسبيا من هيمنة الدبلوماسية الامريكية
- ثالثا ضغط الولايات المتحدة الأمريكية على حكومة «تشافز» لفرض تطبيق النظام الديمقراطي الليبرالي للحدّ من شعبيته و من ترويجه للفكر الثوري الاشتراكي في أمريكا اللاتينية ذلك من خلال تسخيره لأموال باهظه لصالح البرامج التنموية
-رابعا الدعوة المستمرة والمتأكدة من طرف جزء من الاحزاب السياسية اليمينية الفينيزولية لتدخل الولايات المتحدة الأمريكية مباشرة في الشؤون الداخلية للبلاد بعد عدم اعترافها بنتائج الانتخابات الرئاسية اولا ثم التشريعية معتبرة انها مزيفة
- خامسا إقرار نيكولا مادورو الاعتماد على الشرعية الشعبية دون غيرها وجمعه لكل السلطات (وذلك للحد من الخطر الداهم على بلاده والمتمثل في رغبة الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الاوروبية في اقالته وتعيين شرعية موازية حسب تصريحاته ولتبرير ذلك استعمل ما يشابه الفصل 80 من الدستور في تونس
- سادسا قرار الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الاوروبية مساندة شرعية خوان قوايدو رئيس البرلمان واعتباره الممثل الشرعي والوحيد لفنزويلا الأمر الذي عمق الازمة في البلاد وتسبب في انشطار المجتمع الفينزويلي
-سابعا اقرار سلسلة من العقوبات الاقتصادية من طرف الولايات المتحدة الامريكية و الاتحاد الاوروبي ادت الي انهيار الاقتصاد وتزايد البطالة بصفة رهيبة وانهيار العملة وتضخم مالي غير معهود، وهجرة اكثر من 3 ملايين مواطن فنزويلي إلى الدول المجاورة ولم يبق في هذا البلد الا الخراب والفقر والعنف والأسواق السوداء بمختلف أنواعها

اذن الصراع المنبثق عن قناعة الطبقة السياسية او جزء من الطبقة السياسية في تونس بالتمسك بالشرعية المزدوجة لصالح من؟
- أولا لا شك ان هذا الصراع حول تعدد الشرعيات من خلال قراءات سياسية مختلفة للديمقراطية ليس في صالح كافة فئات الشعب التونسي.
- ثانيا ان تدخل الدول الأجنبية في الشؤون الداخلية التونسية يبقى تصورا ضرفيا ولا يخدم المصالح الوطنية وفي تغير الوضع الجيوسياسي تتغير مواقف هذه الدول وتعود الى ما يسمى الواقعية السياسية او موازين القوى الجيوسياسية الانية وهذا ما حدث بالضبط في فنزويلا.
ثالثا الحلول الثابتة والواقعية تبقى محلية صادرة عن الحركات السياسية والنقابية وهذا ما نادى به التيار الديمقراطي البوليفاري في فنزويلا ولم يؤخذ هذا التوجه بعين الاعتبار من طرف الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي اللذين تعنتا لتهميشه. ولعل المشهد السياسي التونسي اليوم يكاد يكون مماثلا حيث نادت القوى الوطنية في تونس وعلى راسها الاتحاد العام التونسي للشغل الى البحث عن حلول وطنية ناتجة عن اتفاق بين الحركات النقابية من جهة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني من جهة أخرى.
ونأمل الا تعيد الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الأوروبي نفس الخطإ الذي قاما به في فينزويلا. ان إيجاد اتفاق وطني يبقى الحل السليم والامثل الذي نطالب باحترامه ودعمه من كل الأطراف الخارجية.

كما نطالب كل الأطراف الداخلية بمختلف توجهاتها التخلي عن الخلافات الأيديولوجية والكبرياء السياسي والاتكاء على الأطراف الخارجية والكف عن الصراع المبالغ فيه عن السلطة وفي المقابل إيجاد حلول عملية للحد من هذه الازمة السياسية والثقافية والاقتصادية التي ستؤدي حتما الى انهيار الدولة والمجتمع والطبقة السياسية والمجتمع المدني وستعوض بالدكتاتورية والخراب الشامل.

ويمكن ان نضيف ان كل الازمات الداخلية التي مرت بها العديد من الدول والتي تدخلت فيها أطراف خارجية انتهت بانهيار شامل لهذه البلدان بعد تحصلت القوى المتدخلة عل مصالحها الانية لان كل تدحل مبني على اهداف استراتيجية اقتصادية وسياسية وعسكرية (مفماش قطوس يصطاد لربي).
ويمكن ان نتصور ان الاتفاق بين الأطراف الوطنية يكون على مراحل حسب خصوصية القطاعات انطلاقا من الحوار السياسي مرورا بالحوار الاقتصادي والاجتماعي ثم الحوار الثقافي والتربوي... وذلك على شكل منتديات وطنية استراتيجية (Forums Stratégiques nationales) يقع اعدادها وتنظيمها من طرف الاتحاد العام التونسي للشغل على سبيل المثال بمساندة منظمات المجتمع المدني كما حصل في 2014. وهكذا يمكن ان نتجاوز الشكليات السلطوية في مفهوم الحوار الوطني.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115