في التحذير الصادق من خطر هذا الاتحاد ورئيسه وأفكاره وها نحن نرى آثار ذلك من الفرقة والاختلافات وهدم الدولة من جانب الهويّة الدينية ومن جانب عقيدة التناحر المصطلح عليها «التدافع الاجتماعي». وقد كنت حبّرت سلسلة من المقالات نشرتها في المواقع الاجتماعية وكذلك في جريدتي الصريح والمغرب خاصة وهي:
1 - «على هامش زيارته لتونس.هذه حقيقة القرضاوي» في جريدة الصريح بتاريخ 24 ماي 2011م.
2 - »القرضاوي البريق المزيّف» في جريدة المغرب بتاريخ 14 جوان 2013م.
3 - «العلاّمة بن بيّة يفرّ بجلده من شطحات القرضاوي». شكوك حول دور الاتّحاد العالمي للعلماء المسلمين» في جريدة المغرب بتاريخ 2 أكتوبر 2013م.
4 - »اتّحاد علماء المسلمين «القرضاوي» وجمعيّة «علماء المسلمين لبن باديس». وجهان لعملة واحدة» في جريدة «المغرب» في 3 أكتوبر 2017 م.
ولست أرفع الغبار عن هذه المسألة مساندة لوجهة نظر سياسية تتبنّى هذا الموضوع بإصرار بل أتبنّاه كذلك بإصرار فكريا ووطنيا.
«ولا أزال أتبنّى نفس الموقف من شخصيّة القرضاوي بداية ثمّ من هذا الاتحاد وفروعه ثانيّة معتبرا أنّ :
• «القرضاوي» زرّ الفتاوي الدمويّة:
«القرضاوي» من أكبر شيوخ الفتنة. فهو العصا التي بها تهشّ جهات نافذة على غنم بلدان الربيع العربي المشبوه ...ولها فيها مآرب أخرى ...القرضاوي وهابي بامتياز والوهابية محرقة وخراب أينما حلت ...ولقد سبق لي في عدة مقالات منشورة أن حذّرت من «القرضاوي» ومن الفتن التي أجر فيها بالملايين من الدولارات ليخلقها ويبثّها. وذلك منذ عدّة سنوات وكنت أتعرّض باستمرار الى التهجّم والتصغير بداعي «من أنت حتى تتكلّم في علاّمة مثل القرضاوي؟».
ولكن كان بداخلي يقين قوي أنّي على صواب لا من باب الادّعاء بملكية الحقيقة بل بدافع ما أملكه من حجج ودلائل على خواء فكر هذا الرجل وكونه بيدقا تحرّكه خلف الستائر أجهزة إعلامية وسياسية تحتاجه لنشر جملة من السموم عبر تحقق مصالحها الطائفية والإقليمية والاستراتيجية ..لذلك لم أتوان لحظة عن التحذير من يوسف القرضاوي...فهو من الذين ابتليت بهم الأمة المحمّدية وبغيره من الخارجين عن جادة الصواب الذين حرّفوا فهم دين الله وفسّروا النصوص الشرعية على هواهم فأوقعوا بعض ضعاف الأفهام في المهالك والضلال، زاعمين أنهم لهم المقدرة على الاجتهاد واستنباط الأحكام. ومن هؤلاء هذا الرجل الذي بان جليا وبلا ريب أنّه من أكبر المساهمين في إفساد البلاد وفتن العباد عبر ظهوره على شاشات التلفزة الفضائية ليفتي بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان، مخالفًا بذلك النصوص القرآنية والحديثية مخالفةً صريحةً لا تخفى على ذي بصيرة، بل وضرب بأقوال العلماء وإجماعَهم عرض الحائط زاعمًا أنه يجتهد كما اجتهدوا وفي الحقيقة هو يجتهد حسب الطلب من «أسياده» يقدّم الضلالات ويشوّه الحقائق على ضعاف العقول والأفهام فافتتنوا به وجعلوا منه نجما.
وها أنّ هذا النجم المزيّف صاحب البريق المزيّف يتّجه نحو الأفول حين ينتهي دوره وتتقلّص الحاجة إليه ..فأسطورة القرضاوي ستنتهي بعد أن يتمّم المهمات التي جاء من أجلها أو بالأحرى جاؤوا به من أجلها .. فقد ارتكب العديد من الأخطاء ستعجّل برحيله فقد دافع القرضاوي عن المتطرّفين الذين يقتلون المسلمين ويستبيحون أموالهم معتبرًا الأمر غيرة على الدين وذلك في كتابه المسمى «ظاهرة الغلو في التكفير» صحيفة 11 حيث قال ما نصه :»إن هذا الغلو الذي انتهى بهؤلاء الشباب المخلصين الغيورين على دينهم إلى تكفير من خالفهم من المسلمين واستباحة دمهم وأموالهم»....كما كانت له مواقف عدة غريبة شاذة عن الإجماع وبعيدة عن التدين السمح وأبرزها مساندة «مرسي» حتى أنهم جاؤوا به ليشدّ أزر مناصريه في ميدان رابعة العدوية لكنه فشل ليغيّر خطابه بعد أن تغيرت المواقف الدولية تجاه مصر ومرسي ويقول في كلمته الأخيرة في الوقت الضائع: وهو يترنّح في رقصة الديك المذبوح ..»لا يجوز لمحمد مرسي أن يرفض التعاون، أو يتعاون مع جزء من الناس دون جزء، يتعاون مع الإخوان أو مع السلفيين ويترك الباقي، لا. يتعاون مع أبناء مصر كلها، كلهم إخوانه وكلهم شعبه، لا يجوز له أن يتعاون مع أحد ضدّ أحد».
فحكاية القرضاوي هي حكاية هذا التلاعب وهذا التلوّن الذي به قضى القرضاوي على نفسه وذلك ذاته سيكون مصير من سلك نفس السبيل مباشرة بعد أن ينطفئ بريق الانبهار. ذلك الانبهار بشخصية «الداعية « يوسف القرضاوي فورقة التوت سقطت وتعرّى الوجه المخفي لتسقط الأقنعة التي يتستر وراءها هذا الرجل خصوصا فيما يخصّنا كتونسيين ـ وهذا لا ينفي أبدا احترامنا للعلماء وإجلالنا لهم ممن تتوفّر فيهم الأهلية، ويحضون بإجماع الأمة على صدقهم وإخلاصهم وصدق سرائرهم و ظواهرهم وثباتهم في مواقفهم ـ لنبدأ بالتصريحات التي أصدع بها مباركا الثورة في تونس ناعتا بن علي ب»الغبي» في حين أنه أثناء زيارته لتونس في الاحتفالات بتونس كعاصمة للثقافة الإسلامية سنة 2009 كان يثني عليه ويبارك دوره في حماية الإسلام ..ألم يكن هذا الرئيس غبيّا بالأمس ليصير اليوم غبياّ بقدرة قادر؟ داعيا من جهة أخرى إلى مزيد تأجيج نيران الثورة متدخّلا في شأن لا يعنيه محاولة منه لركوب الأحداث كعهدنا به في كلّ الأحداث وكأنّه الوصي الوحيد على المسلمين والنبي الذي ورث الرسالة السماوية ليلوّنها كيفما يشاء. يبدي رأيه في كلّ القضايا لا يتخلّف أبدا عن الظهور في أثواب البطل إعلاميا -وأقسم بالله أنّه لا قدر الله وفشلت ثورة التونسيين لكال للشعب الشتائم ولفضح الثوار وجعل من الرئيس بن علي المهدي المنتظر والمظلوم المسكين الذي استضعفه شعبه الجائر الحاقد على رئيس هو أشدّ وداعة من الحمل -مترددا بين الحكم على البوعزيزي رحمه الله مرّة يعتبره شهيدا ثم يتراجع ليعلن أنّه مرتكب كبيرة وقد يأتينا إن لزم الأمر بتكفيره. وهذه هو العبث والتسرّع والتلوّن.
ولا يجب أن نغترّ به فهو الذي لا يتطابق قوله مع فعله فقد جاء في الخبر الذي تداولته وسائل الإعلام سنوات 2010 وما بعدها « الزوجة الجزائرية للقرضاوي تلاحقه قضائيا في الدوحة فقد ترك الشيخ القرضاوي زوجته الجزائرية معلّقة دون حقوق وأقفل كلّ وسائل الاتصال به وترك زوجته وحيدة في الدوحة بعيدا عن عائلتها وأهلها عامين كاملين من دون حقوق».
إذا كان هذا سلوك داعية قدوة مثل القرضاوي مع زوجته كيف يطمئن من يستفتيه في مسائل الزواج والطلاق وعلاقة الرجل بالمرأة؟
وكلّنا نعلم أنّ المقت كبير عند الله للذين لا يتطابق قولهم مع فعلهم، و لا يعقل أبدا أن يعامل داعية مثل القرضاوي زوجته بهذا الصنيع وهو العارف بحقوق الزوجة على زوجها.
نواصل تعداد ما تتهافت به صورة القرضاوي دون قصد التشويه بل قصد بيان الحقائق حتى لا يظلّ عامة الناس في غفلة عن الوجه الحقيقي للقرضاوي رغم أن المنهج السليم يدعونا إلى ذكر محاسن الناس ومساويهم معا عند تقييم الأشخاص والمنهج السليم يفرض احترام العلماء و إنزالهم منازلهم ، لكن إزاء هذه الشطحات التي يأتيها القرضاوي تأكدت الضرورة وألحّ الواجب على التنبيه إليها و لفت النظر لها حتى لا يبقى الناس تحت تأثير الانبهار الملجم الذي يعوقهم عن القراءة الحقيقية لشخصية القرضاوي حيث اتسم تعامله مع المعطيات بالضبابية و الثابت أن أسمى الأهداف لا تتحقق إلا ّبوضوح التعامل مع المعطيات والوضوح ينطلق من منطلق صراحة العلماء مع أنفسهم و مع الناس و أن يقولوا لهم الحقيقة لأنّها لا بدّ أن تظهر و تطفو على السطح مهما عملوا على تأجيلها أو إخفائها و هكذا ظهرت حقيقة القرضاوي ، و نورد فيما يلي ملامح الصورة الحقيقية لهذا الداعية :
• تنصيب نفسه رئيسا للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي تأسس سنة 2004 ويضم مجموعة كبرى من العلماء المسلمين منهم الشيعي والإباضي وتأسّس هذا الاتحاد في لندن وكأنّ دول العالم الإسلامي ضاقت حتى يقام المؤتمر التأسيسي لهذا الاتحاد في لندن العاصمة التي تستقبل فلول الإرهاب والتكفير...ومن هذا الاختيار يتضح الاتجاه الفكري للقرضاوي ومن اشترك معه في هذا الاتجاه ...
• نجاحه في نشر فكر الإرجاء وتقوية العلمانية المتسترة بالتيار الإسلامي.
• انتماؤه لكثير من المنظمات الإسلامية في أنحاء العالم كعضو شرف وفي ذلك تشتيت لجهود الرجل وغالبا ما تكون هذه المنظمات متضاربة الأهداف وتتسابق بالترضيات المالية لكسب رضا هذا الشيخ وأغلبها في بريطانيا خصوصا وفي بقية دول أوروبا هدفها استغلاله لبث الفكر الإستشراقي.
• اشتهاره بالتسرّع والركوب على الأحداث في كلّ المسائل والمعضلات آخرها بأننا قدرنا هزم أمريكيا في افتكاك قطر تنظيم كأس العالم 2022 وقد كان تصريحه مدعاة للاستهزاء منه وكأنّه حرّر القدس فكثيرا ما يفتي بالرأي دون العودة للنقول ويتسرّع في قضايا ذات بال تتطلب الأناة و التروي والمدارسة الجماعية و هذا يقوده إلى كثرة التناقضات في فتاويه و أغلب ما أفتى فيه اليوم يناقضه غدا دون أن يشعر و يجد نفسه في بحث متواصل عن الأعذار و التبريرات و الشواهد على ذلك إصداره فتوى برجم الرئيس الفلسطيني محمود عباس عند الكعبة و دخل في تراشق إعلامي ليخرج منه منهزما إذ ليس من مشمولاته الحكم على الناس بالرجم أو الإعدام و كذلك تأجيجه نيران الفرقة مع علماء الأزهر في مسألة تحليل أو تحريم إقامة الجدار الفولاذي بين رفح المصرية و الفلسطينية إذ حشر نفسه في هذه القضية بدوافع ليست بريئة ليقصي كلّ المجامع و المنظمات الإسلامية دون نسيان مواقفه حول العمليات الانتحارية الفردية والجماعية فمرة يعتبرها استشهادية ومرة يعارضها ... واعتماد ما يصدر عن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين هو القول الفصل والحقيقة التي ما بعدها حقيقة .
• إنحراف أفكاره من منطلق رواسبها ومرجعياتها القديمة وهو الذي انتمى لتنظيم الإخوان المسلمين في مصر وعرض عليه منصب المرشد العام وظهر هذا الانحراف في مواقفه الآن بقوة بسبب ما توفر له من تسهيلات كبيرة من جهات على الفضائيات والمؤتمرات مما لا يتوفر لعالم آخر إذ اختص بهالة إعلامية دعائية وليدة المرامي الخافية من الجهات المعلنة وغير المعلنة التي اتخذت من القرضاوي بوقا دعويا لفكر محدد ووقع توظيفه و»موضة» فتاويه لتمرير الأطروحات الإيديولوجية المشبوهة.
وما بالعهد من قدم فقد سبق للقرضاوي أن بثّ هذه الأفكار بالجزائر حين عاش فيها وكانت مما ساهم في ترسيخ الفكر السلفي الخطير وبناء جبهة الإنقاذ الجزائرية ليكون هذا كله أكبر أسباب ما حدث في القطر الشقيق من فوضى وتناحر وحرب أهلية دامت حوالي 10 سنوات وخلفت آلاف الضحايا ...
• سعيه باستمرار لكسب قدر من الشعبية إذ يسترضي بفتاويه رغبات الجمهور وفق قاعدة الشهوات تبيح المحظورات.
ويسترضي الجهات الحاضنة له ماليا خاصة معتمدا على ما أسماه بفقه التيسير تحببا للناس متودّدا لجميع التيارات والفرق وانهزاما نفسيا أمام الانفتاح الحضاري المعاصر على الغرب حرصا على مصالحه الضيقة الخاصة إذ بقي يتخبط خبط الناقة العشواء لم يترك أمرا إلاّ تكلّم فيه وكانت روائح التملّق والتزلّف وتسجيل الحضور تفوح منها ... متعديا على بقية العلماء متجاوزا حدوده فقد أفتى في الجزائر ولديها مفتيها الرسمي وأفتى في قطر و لديها مفتيها و في هذا تجاوز لصلاحياته و اعتداء على حرمات الدول و علمائها ...
• غياب الإخلاص والصدق عن مواقف القرضاوي والحال أنّه لا يجب أن يغيب عن الجميع أن للإفتاء في الدين مكانة كبرى ومقاما أسمى وذلك لشرفه وعموم نفعه وهو مع ذلك عظيم الخطر كبير الموقع والأثر لأنّ المفتي موقّع عن الله عز و جل فيما يصدر من الفتاوى و الأحكام و أهم آداب المفتي الإخلاص ذلك بأن يبتغي بها ما عند الله سبحانه و يحتسب فيها الأجر من الله جل جلاله و لا يكون في قلبه شيء من حظوظ الدنيا أو الالتفات إلى المخلوقين فهل تأدب القرضاوي بالإخلاص؟ لا أظن ذلك ... بل تأدّب بالكبرياء والعجب والانفراد بالرأي وحبّ الظهور وركوب الأحداث وهذه الصفات مرفوضة دون جدال من لدن الرجل البسيط فما بالك بعلماء الأمة.
فشخصية القرضاوي ومواقفه كانت مساعيها مكشوفة لزعزعة الأنظمة الديمقراطية والدول المدنية. وإثارة الفتن والأحقاد والجميع يتذكّر مواقفه حيال الشيخ الشهيد البوطي رحمه الله /حيال القذافي وليبيا /حيال مصر /حيال تونس وثورتها /وحيال سوريا وأزمتها ... والجميع كذلك يعرف صمته المأجور حيال الأنظمة الاستبدادية الفردانيّة وكذلك شطحاته الإفتائية الغريبة مثل مباركته للعمليات الانتحارية وغيرها وكان القرضاوي أصدر في الآونة الأخيرة العديد من الفتاوى، التي اعتبرت مسيئة إلى الإسلام الحنيف وتسامحه. وكان لها عميق التأثير في ثورات الربيع العربي بشكل سلبي وخطير.
إزاء هذه الشطحات للقرضاوي فقد أضحى محلّ سخرية العارفين وأهل الميدان ممن ردّوا على فتاويه المخالفة لنصوص الشريعة منها كتاب « الرد الكاوي لدعاوي يوسف القرضاوي» وكتاب «الحوار الهادي مع الشيخ القرضاوي» وكتاب «القرضاوي وكيل الله أم وكيل بني أمية» وأجمعوا على أن هذه الشطحات الشائنة المستكرهة ليس لها في الأمة إلا سيئات الآثار.
إنّ ما دفعنا إلى هذه الإشارات الخاطفة كشفا عن الوجه الحقيقي للقرضاوي حتى لا يعمي الانبهار عيوننا وعيون شبابنا ويصدّقون كلّ ما يأتيهم مزركشا بالهالة الكلامية التنظيرية الخاوية من التحري والتدقيق بل علينا أن نفتح عيوننا وقلوبنا لعلماء تونس الأجلاء وهم كثر لتلقي المعلومة المدققة الصادقة وحماية لسندنا ووقاية لأسس التوسط والاعتدال.
يتبع