وكانت الإستجابات متردّدة ونادرة ..وكدنا نحرم من من كلّ ماهو صحّي ونقيّ وبهي .والله قد أفاءَ علينا بآلاء الطبيعة الخلاَّبة، والبيئة الجذَّابة وهو القائل «وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ» سورة ق: 7، 8.
وكان غول التلوّث يدمّر كلّ شيء ..حتّى جاءت الكورونا ..تعطّلت الحركة والتنقّلات وإنتاج المصانع في كلّ المجالات الجويّة والبحريّة والبرّية ..
جاءت الكورونا لتهدّد الصحّة البشريّة وقد تكون نفعت البشريّة في الجوانب البيئية ..
جاءت الكورونا فحزنت الدنيا .. أمّا الطبيعة فقد فرحت وزاد سرورها ..
جاءت الكورونا لتذكّرنا بتلك الدعوة المُؤكَّدة التي لم نستجب لها لحماية البيئة؛ إنسانًا، وحيوانًا، وطيرًا، وبناءً، برًّا وبحرًا وجوًّا، فضاءً وسماءً، شجرًا ونباتًا، زرعًا وماءً، حفظًا لجمالها ونظافتها، وقوَّتها ونضارتها، وسلامتها ونقاوتها.
جاءت لتحمل لنّا أسرارا وأضحكت الطبيعة وأراحتها هنيهة من صنائع البشر:
إنّ لله فـي الـخلائـقِ سـرًّا
من سنَا برقِه تحارُ العقولُ
لا تـرى ذرَّةً مـن الـكـونِ إلاّ ولها في الكونِ شرحٌ يطولُ
تلك يا أخي حكمةٌ من حكيمٍ
لبهاءِ الحياةِ أصلٌ أصيلُ.
جاءت الكورونا لتذكّرنا أنّ البيئة أضحت في كثيرٍ من الأقطار، وبجهلِ الجاهلين واعتِساف العابِثين رسمًا محيلاً، وأثرًا مُشوَّهًا ضئيلاً، وبلقعًا وبيلاً، بعد أن كانت مغنًى مُمتعًا جميلاً.
وجاءت الكورونا لتحمي الكون حتّى من جرائِم التلوُّث السمعيِّ والبصريِّ واللفظيِّ مما يُخجِلُ الفضيلة، وتئِنُّ منه المروءةُ، .
فهل يعود لنا بعد الكورونا الوعي البيئيِّ وندرك أنّ الإصحاح البيئيِّ أمانةٌ شرعيةٌ، ومسؤوليةٌ خُلُقيَّة، وحاجةٌ وطنيَّة، وضرورةٌ اجتماعية، وقيمةٌ حضاريَّة، لا تزيدُ الأُممَ إلا تحضُّرًا وعلوًّا، ورُقيًّا ونمُوًّا، ولخلالِها سدًّا ورفُوًّا.؟
وهل تقوى لدينا محاربة الفساد البيئي ونحذر ممّا قال المولى تعالى « وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ» سورة البقرة: 205.؟
وهل تبقى الطبيعة ضاحكة أم نعيدها لعبوسها؟
ولك الحقولُ وزهرُها وأريجُها
ونسيمُها والبلبلُ المُترنِّمُ
والماءُ حولك فضَّةٌ رقراقةٌ
والشمسُ فوقَك عسجَدٌ يتضرَّمُ
فامشِي بعقلِك فوقَها مُتفهِّمًا
إنّ المَلاحَةَ مُلكُ من يتفهَّمُ