يواصل القضاة تنفيذ قرار تعليق العمل بكافة محاكم الجمهورية لليوم الثالث على التوالي احتجاجا على عزل 57 من زملائهم ومنعهم من الطعن إلى حين البتّ نهائيا في الشبهات المنسوبة إليهم الأمر الذي اعتبره القضاة تعديا واضحا على مبدإ حق الدفاع، في المقابل فإن جميع القضايا باستثناء المؤكدة جدّا والمتعلقة بالإرهاب سيكون مآلها التأجيل وهو ما يجعل مصلحة المتقاضين على المحك، من جهة أخرى وأمام هذه الوضعية يطرح السؤال كيف ستحلّ هذه «الأزمة» علما وان باب الحوار مغلق بين القصرين؟.
نفّذ عدد من المنظمات وقفة احتجاجية أمام قصر العدالة باب بنات رفضا لما اعتبروه وضع اليدّ على القضاء من قبل رئيس الجمهورية كما نددوا بتسريب محاضر ووثائق قضائية تتعلق بقاضية شملها قرار العزل، هذا وقد نادي المحتجون بضرورة إرساء قضاء مستقل لا«قضاء التعليمات» و«تلفيق الملفات» وفق تعبيرهم.
أكدت رفقة المباركي رئيسة اتحاد القضاة الإداريين في تصريح لـ«المغرب» أن القضاة يواصلون تعليق العمل بكافة محاكم الجمهورية وقد تم تحقيق نجاح تام لهذه الخطوة مؤكدة أن التحركات الاحتجاجية مستمرة إلى حين الاستجابة إلى مطالب القضاة المتمثلة في تراجع رئيس الجمهورية عن المرسومين 11 و35 المتعلقين بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاء وعن الأمر الرئاسي الذي عزل بمقتضاه 57 قاضيا دون تمكينهم من ممارسة حقهم في الدفاع كما هو معمول به. علما انه إذا تواصل الإضراب وتم التمديد فيه لأكثر من أسبوع -وهذا وارد- فإن نسب الاقتطاع من أجور القضاة ستكون كبيرة، فهل سيغيّرون صبغة الاحتجاج ضمانا لأمانهم المادي؟.
هذا وقد بيّنت المباركي أنه والى حدّ كتابة هذه الأسطر لا وجود لأي تواصل مع الحكومة أو وزارة العدل أو أي جهة رسمية وقالت في هذا الخصوص «ما يتعرض إليه القضاة اليوم مظلمة كبيرة حين يتم عزل 57 قاضيا وحرمانهم من حق الدفاع الذي يعطى لارهابي».
من جهة أخرى وفي صورة تواصل الوضع على ما هو عليه في الساحة القضائية فإن رئاسة الجمهورية لن تبقى مكتوفة الأيدي وستتقدّم خطوة أخرى على مستوى الإجراءات خاصة بعد أن قال قيس سعيّد خلال لقائه بوزيرة العدل ليلى جفّال مؤخرا إن المرفق العمومي للدولة لا يمكن أن يتوقّف، السؤال اليوم ما السبيل إلى حلّ هذه «الأزمة» التي تزداد حدّة يوما بعد يوم بين قصر قرطاج وقصر العدالة بمكوناته المختلفة من قضاة ومحامين وغيرهم الرافضين لقرار العزل والمتمسكين بردّ الاعتبار؟ فما عسى قيس سعيّد فاعل؟ الفرضية المطروحة اليوم والتي يستبعدها القضاة هي تسمية محامين وأساتذة جامعيين بدل القضاة المضربين، ولكن هذه الخطوة يمكن أن تفشل باعتبار أن المحامين في صفّ القضاة كذلك الأساتذة الجامعيون الذين سبق وأن رفضوا المشاركة في الهيئة الاستشارية، هذا وتجدر الإشارة إلى أن الصادق بلعيد رئيس الهيئة المذكورة قد صرّح بأنه سيتم منع الإضراب بالنسبة للقضاة والديوانة والأمن في الدستور الجديد.