الجديدة ثقة أغلبية النواب في انتظار أداء الوزراء الجدد اليمين أمام رئيس الجمهورية حتى يتسلم كلّ منهم المشعل من سلفه،وزارة العدل من بين الحقائب التي شملها التحوير الأخير حيث رأى الشاهد أن يعيّن كريم الجموسي وهو قاضي إداري عوضا عن غازي الجريبي الوزير الحالي الذي يوجد في سجّله العديد من النقاط المضيئة باعتباره قام بجملة من الخطوات الهامة لصالح مرفق العدالة وفق شهادات من أهل القطاع،الجريبي سيرحل ويترك كغيره من الوزراء ملفات مفتوحة وأخرى في قائمة الانتظار ليسلّم العهدة إلى خلفه كريم الجموسي الذي تنتظره مهمّة جسيمة تتعلق بإصلاح المنظومة القضائية على جميع المستويات وهو ملف يتضمّن ملفات أخرى وصفت بالعاجلة والحارقة منها تكريس مبدإ استقلال القضاء والقائمة تطول.
تجدر الإشارة إلى أن وزير العدل الجديد كريم الجموسي قد حصل على 131 صوتا،وبالعودة إلى سجّله نجده من مواليد 28 جانفي 1966 بتونس وقد تقلد منصب كاتب دولة لأملاك الدولة، متحصل على درجة الماجستير في القانون، من كلية الحقوق والعلوّم السياسية بتونس، كما تحصل على شهادة الدراسات المعمقة في القانون العام .شغل الجموسي خطة مستشار مساعد ومستشار بالغرفة الاستشارية في المحكمة الإدارية ومفوض الدولة بذات المحكمة،كما درّس بالمدرسة الوطنية للإدارة.
المنظومة السجنية
بشهادة العديد من القضاة والمحامين فإن غازي الجريبي وخلال تقلّده لمنصب وزير للعدل منذ 2016 خلفا لعمر منصور قد قام بخطوات تذكر فتشكر لفائدة مرفق العدالة بالرغم من الوضع الصعب والرؤية الضبابية التي عاشها هذا المرفق خلال تلك الفترة،حيث اتسم بالتجاذبات والخلافات خاصة بين جناحي العدالة. من بين الملفات التي بدأت نتائجها تظهر للعيان نذكر ملف إصلاح المنظومة السجنية فقد أحال الجريبي مؤخرا مشروع قانون يتعلّق بالعقوبة البديلة عن السجن وهي السوار الالكتروني من اجل التقليص من الاكتظاظ داخل السجون التي أصبحت ظاهرة تشكّل خطرا كبيرا على حقوق الإنسان،علما وان هذه التجربة قد تم خوضها قبل تقديم التشريع المنظم لها،من جهة أخرى فقد تم تنقيح ما عرف بقانون 52 المتعلق بالمخدّرات وهو ما ساهم في تقليص عدد الموقوفين في مثل هذه القضايا من 25 ألف إلى 20 ألف موقوف فقط وهو مؤشّر وصف بالايجابي.
القضاء الإداري
كما هو معلوم فإن غازي الجريبي وزير العدل السابق هو قاضي إداري وشغل عديد الخطط بالمحكمة الإدارية،وبالتالي يعرف جيّدا مشاغل القطاع ومطالبه على غرار اللامركزية في المحكمة الإدارية ،من هذا المنطلق وخلال اجتماع وزاري عقد في مارس 2016 حضره غازي الجريبي بصفته وزيرا للعدل آنذاك طالب بضرورة دعم القضاء بجميع أصنافه سواء على المستوى اللوجستي أو الإطار القضائي والنتيجة كانت قرارا بإنشاء 12 دائرة جهوية للمحكمة الإدارية وهي اليوم موجودة على ارض الواقع وقد خاضت تجربة الانتخابات البلدية وهذه الدوائر وصفت بالانجاز الحقيقي في دعم اللامركزية حيث قلّصت من الضغط المسلّط على المحكمة الإدارية بتونس،كما جنّبت المتقاضين بالجهات عناء التنقل والسفر. من جهة أخرى فقد تم تدعيم بقية الأصناف القضائية (العدلي والمالي) بقضاة جدد. في هذا السياق أفادنا وليد الهلالي رئيس اتحاد القضاة الإداريين حول وزير العدل الجديد فقال»السيد كريم الجموسي هو من أكفأ قضاة المحكمة الإدارية وقادر على تقديم الإضافة لوزارة العدل ونتمنى أن يلقى الدعم من مختلف المتداخلين لما فيه خير القضاء».فالوزير الجديد تنتظره مهمّة مزيد دعم القضاء الإداري وتلافي النقائص التي تعاني منها الدوائر الجهوية.
معركة استقلال القضاء
القضاء اليوم يخوض معركة حقيقية من اجل إثبات استقلاليته ودحض كلّ ما يقال عكس ذلك،ولكن وزارة العدل تعتبر طرفا أساسيا في هذه المعركة ومهمّتها الدعم والدفع إلى الأمام من اجل تحقيق هذا الهدف الذي رفع شعاره منذ ثورة 14 جامنفي 2011 خاصة وأننا نتحدّث عن ملفات قضائية حارقة تتعلق بالاغتيالات السياسية والجدل الذي خلّفه ملف شكري بلعيد ومحمد البراهمي الذي وضع القضاء على المحكّ وكانت الخطوة التي ثمّنتها هيئة الدفاع تلك التي قام بها قاضي التحقيق بالمكتب 12 عندما تنقّل إلى وزارة الداخلية وعاين ما سميّ «بالغرفة السوداء»،خطوة تحتسب في سجلّ القضاء ونقطة انتصار إن صحّت العبارة،بالإضافة إلى معركة مكافحة الفساد والإرهاب وما تتطلبه من دعم للقطبين القضائيين،إذا فعلى وزير العدل الجديد تعزيز هذه الخطوات ودعمها من اجل قضاء مستقل.دون أن ننسى طبعا ملف البنية التحتية للمحاكم وهو ملف قديم متجدّد.