من اجل تكريس مبدإ عدم الإفلات من العقاب،مكافحة الفساد تنطلق بسنّ القوانين اللازمة لذلك ومنها تطبيقها التطبيق السليم حتى نصل إلى الهدف المنشود،من الناحية التشريعية هناك العديد من القوانين الجديدة التي كوّنت باقة الترسانة القانونية المخصّصة لمكافحة الفساد على غرار قانون حماية المبلغين الذي من شانه أن يشجّع المواطن على الإبلاغ عن حالات فساد مقابل ضمان حمايته ،بالإضافة إلى قانون التصريح بالمكاسب الذي دخل مؤخرا حيّز التنفيذ وانطلقت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في تلقي التصاريح،القضاة هم من بين الفئات أو الأطراف المعنية بهذا القانون وفي هذا الإطار تحدّثنا مع روضة القرافي الرئيسة السابقة لجمعية القضاة التونسيين التي ستتوجّه قريبا إلى الهيئة المعنية للتصريح بمكاسبها.
القانون الأساسي عدد 46 تمت المصادقة عليه منذ 16 جويلية المنقضي ونشر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية بعد شهر تقريبا ولكن بقي دخوله حيّز النفاذ رهين نشر الأمر الحكومي عدد 818 المتعلق بأنموذج التصريح بالمكاسب الذي صدر مؤخرا.
«تعزيز مبادئ الشفافية والنزاهة والحياد»
هذا القانون هو مكسب تشريعي اذ من المفروض انه سيمكن من مكافحة الفساد بأكثر نجاعة ولأنه من القوانين التي بدونها لا يمكن الحديث عن مكافحة الفساد مثل القانون المتعلق بحماية المبلغين عن ملفات الفساد،قانون التصريح بالمكاسب هو كذلك مكسب لأنه من المنتظر أن يعزّز الشفافية ومبادئ النزاهة والحياد والمساءلة في القطاع العام وبذلك يحمي المصلحة العامة و المال العام والمقدرات الوطنية بشكل اشمل من الاستيلاء وسوء التصرف ومن الإضرار بها».
تضارب المصالح
هذا المصطلح عرّفه الفصل الرابع من القانون الأساسي عدد 46 المؤرخ في غرة أوت 2018 على أنه «الوضعية التي يكون فيها للشخص الخاضع لأحكام هذا القانون مصلحة شخصية مباشرة أو غير مباشرة يستخلصها لنفسه أو لغيره، تؤثر أو من شأنها أن تؤثر على أدائه الموضوعي والنزيه والمحايد لواجباته المهنية» وهنا علّقت روضة القرافي فقالت «هناك نقطة هامة جاءت في هذا القانون وهي التصريح بتضارب المصالح لأنه يعتبر مدخلا من المداخل الكبيرة للفساد».
ماذا بعد القانون؟
أجمع جلّ المتابعين لهذا الملف على أن نجاعة القانون أو التشريع المتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح الذي دخل حيّز النفاذ تبقى رهينة وضع الأسس والقواعد اللازمة لعمل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي ستسّلم المشعل فيما بعد إلى هيئة الحوكمة الرشيدة المنتظر ميلادها قريبا ،عن هذه النقطة تحدّثت القرافي فقالت «ما تجدر الإشارة إليه هو أن فاعلية هذا القانون تبقى حبيسة تمكين الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ثم الهيئة التي ستخلفها من الإمكانات للتثبت من صحة وصدقية التصاريح لترتيب النتائج القانونية على التصاريح المخالفة للحقيقة وكذلك تمكينهما من الإمكانيات المادية والبشرية والتكوين المختص ومنظومة للتصريح الالكتروني عن بعد يتوفر فيها شرطا الشفافية وعدم القابلية للاختراق حتى من داخل الهيئة، حماية للمعطيات الشخصية على غرار التجارب المقارنة التي نجحت في ذلك».
من جهة اخرى وعن سؤال متى ستتوجّه روضة القرافي بصفتها كقاضية إلى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد للتصريح بمكاسبها وخوض هذه التجربة أجابت «شخصيا أنا حريصة طبعا على التصريح وسأقوم بذلك قريبا، وبالنسبة لزملائي القضاة من كل الأصناف أنا اعرف أن العديد منهم يقومون بذلك حتى قبل صدور القانون واغتنم هذه المناسبة لادعوهم للقيام بواجب التصريح حتى يكون القضاة قدوة للأشخاص المعنيين بالتصريح ولأن هذا السلوك سيكون أفضل تعبير من القضاة على دعمهم لأي جهد وطني في مكافحة الفساد».