الدائرة الجنائية المتعهدة للمرة الثانية وذلك يوم أمس الثلاثاء 26 سبتمبر الجاري اذ قررت تأجيل النظر في القضية إلى 28 نوفمبر المقبل وذلك استجابة لطلب لسان الدفاع الذي تعزز بمحامين آخرين وهم رضا الرداوي وأنور الباصي ،هما بدورهما ضمن هيئة الدفاع عن شكري بلعيد،هذا وقد تقدم لسان الدفاع عن القائمين بالحق الشخصي بطلبات تحضيرية تم التركيز فيها على تقارير الطب الشرعي والمطالبة بالتحرير على الفريقين اللذين أعدا التقريرين.
وللتذكير فإن الطور الأول من ملف قضية الحال قد انتهى بأحكام أثارت الجدل ومثلت صدمة بالنسبة لعائلة الفقيد لطفي نقض وفق تعبير زوجته فبعد تكييف التهم للموقوفين في أكثر من مرة إذ انتهت دوائر الاتهام الست إلى أن الأمر يتعلق بالقتل العمد والمشاركة فيه ولكن تم الحكم بعدم سماع الدعوى ضد جميع المشتبه بهم في هذا الخصوص وتم اعتبار المسألة مشاركة في معركة نتج عنها الموت وحمل سلاح دون رخصة الأمر الذي جعل الأحكام تتراوح بين شهرين وسنتين سجنا فقط.
تقريران متناقضان
تعود أطوار قضية الحال إلى تاريخ 18 أكتوبر 2012 أين تحولت مسيرة سلمية جابت شوارع مدينة تطاوين إلى فوضى وتراشق بالمولوتوف أسفرت عن مقتل المنسق الجهوي لحركة نداء تونس آنذاك لطفي نقض وفي الوقت الذي راجت أخبار حول أسباب وفاته تفيد بأنه تعرض إلى السحل والضرب حتى الموت فقد جاء تقرير الطب الشرعي بقابس ليفند ذلك ويختصر كل ما حدث بأن سكتة قلبية تعرض لها لطفي نقض أدت إلى وفاته،تقرير أسال الكثير من الحبر وأثار جدلا واسعا الأمر الذي استوجب عرض الجثة على طبيب شرعي آخر في صفاقس خاصة وان الصور التي نشرت تبين وجود كدمات على أماكن مختلفة من الجسم،المفاجأة كانت في التقرير الثاني الذي جاء متناقضا مع الأول حيث عاين فريق الطب الشرعي بصفاقس جثة لطفي نقض واقرّ بأنه توجد رضوض بكامل البدن مع كسور حصلت قبل وفاته على مستوى الأقواس الأمامية للضلعات الصدرية ،بالإضافة إلى وجود علامات اختناق لينتهي فريق الطب الشرعي بصفاقس إلى أن الموت ناتج عن رضوض عنيفة بالصدر بواسطة أدوات راضّة نتج عنها كسور بالأضلع اليسرى وكدمة متسعة وعميقة بالجهة الخلفية اليمنى للصدر واسترواح صدري من الجهتين تسبب في اختناق أدى إلى الوفاة.
فبمقارنة التقريرين هناك ما يثير التساؤل والاستفهام من هو الصائب؟من زوّر التقرير فريق الطب الشرعي بصفاقس أم نظيره بقابس؟هل هناك ضغوطات مورست على أحد الفريقين؟ أسئلة هامة لكن يبدو أنها لم تكن محلّ اهتمام على المستوى القضائي إذ تم اعتماد مضمون التقرير الأول الذي اجري في قابس وبين أن أسباب الوفاة كانت نتيجة سكتة قلبية وذلك وفق ما أوضحه رضا بالحاج في تصريح لــ«المغرب» فقال «القضاء أخطأ في الطور الابتدائي عندما اعتمد على تقرير الطب الشرعي الأول والذي قال فيه الخبراء الذين أعدوه أن لطفي نقض توفي جراء سكتة قلبية وهذه النقطة سنركز عليها في الطور الاستئنافي»
من المخطئ؟
سؤال يمكن أن توجد له إجابة في صورة استجابت الدائرة الجنائية المتعهدة بملف قضية الحال إلى طلب هيئة الدفاع عن ورثة لطفي نقض بالتحرير على فريق الطب الشرعي بقابس الذي أعد التقرير الأول وفريق الطب الشرعي بصفاقس الذي اعد التقرير الثاني عندها سيرفع اللبس وتوجد إجابة لكل التساؤلات التي تتبادر إلى الأذهان،كما يمكن لهذه النقطة إن تحدث منعرجا جديدا في ملف القضية.
وتجدر الإشارة إلى أنه وعلى خلفية صدور الأحكام الابتدائية في القضية والجدل الذي حصل بخصوص التقريرين دعت حركة أطباء ضد الفساد عمادة الأطباء إلى مساءلة فريق الطب الشرعي بقابس وفريق الطب الشرعي بصفاقس اللذين أعدا تقريري طب شرعي في ملف قضية المرحوم لطفي نقض وأفادت في بلاغ لها تاريخ 17 نوفمبر 2016 بأنه وبعد الاطلاع على تقارير الطب الشرعي المظروفة في قضية مقتل لطفي نقض تبين لها أن هناك تناقضا واضحا بين التقرير الأول الذي قام به فريق الطب الشرعي بقابس والتقرير الثاني الذي قام به فريق الطب الشرعي بصفاقس ودعت إلى مساءلة الفريقين لتحديد الفريق الطبي الذي قام بالمغالطة واتخاذ الإجراءات اللازمة في خصوص أعضاء هذا الفريق. من جهة أخرى اعتبرت أن نتائج أحد التقريرين مغلوطة مشددة على أن الغاية منها تضليل العدالة فلا يمكن أن يختلف فريقان في الطب الشرعي في الفحص الخارجي للجثة بهذا الشكل.
ظهور تلفزي أثار جدلا
بعد أيام من صدور الأحكام الابتدائية في قضية مقتل المنسق الجهوي لحركة نداء تونس تطاوين لطفي نقض حضر الطبيب الشرعي بالمستشفى الجهوي بقابس سامي الكريمي في برنامج «لمن يجرؤفقط» وهو من عاين جثة نقض في المرة الأولى وأعد تقريرا أولا قبل أن يعيد عرض الجثة على فريق طب شرعي بصفاقس ،الكريمي صرّح في ذلك الوقت فقال «كنت أقوم بتشريح المرحوم نقض وليس لي علم بمهيّته وبعد القيام بعملي اكتشفت بأن هاتفي وصلته عشرات المكالمات ولم أرد على احدها». مضيفا بأن «التقرير النهائي وصلت منه نسخة الى مخابر فرنسية مع نسخة من تقرير صفاقس ورجحت المخابر الفرنسية تقريري.» مؤكدا أن الجثة عرضت عليه كأي مواطن ولم يكن يعلم بالجوانب السياسية للقضية أو صفة الشخص وإن عملية التشريح أُجريت بحضور أربعة ضباط تسخير وهم المدير الجهوي للصحة بقابس ووكيل الجمهورية وتوصلت إلى نتيجة علمية كون أن فرضية الوفاة كانت نتيجة لأزمة القلبية.
أما في تعليقه على تقرير الطب الشرعي الصادر فى صفاقس والذي صدرت نتائجه مخالفة لتقريره (رجح فرضية الوفاة بسبب العنف)، قال الدكتور الكريمي أن «التشريح ما ينجم يصير إلا مرة وحدة والتشريح الثاني يأتي منقوصا وهناك أشياء لا يمكن إيجادها ومعاينتها».
في انتظار أن يقول القضاء كلمته في هذا الملف الذي مرّ على نشره أكثر من اربع سنوات وقريبا الذكرى الخامسة لوفاة لطفي نقض تبقى تساؤلات عديدة قيد الطرح وتبقى معها الحقيقة مخفية.