«نحن عضوي هيئة الحقيقة والكرامة اللذين وقع إعفائهما بشكل قسري ومتعسف من عضوية هيئة الحقيقة والكرامة نتابع بكثير من الدهشة والاستغراب ما يروج على شاشات التلفازات والمنابر الإذاعية وكذلك تصريحات بعض نواب مجلس الشعب فيما يتعلق بقضيتنا أن رئيسة الهيئة تنتظر حكم المحكمة الإدارية وفي حال كان قراراها لفائدتنا فالهيئة ستمتثل للقانون.
يهمنا ان نعلم الرأي العام ومجلس نواب الشعب والسلطة القضائية والسلطة التنفيذية وكل الأحزاب والمنظمات في الداخل والخارج, أن المحكمة أذنت برجوعنا إلى مهامنا واسترداد صفتنا كأعضاء منذ 22 ديسمبر 2016. وأننا بمجرد حصولنا على نسخة تنفيذية من قرار المحكمة الإدارية يوم 02 جانفي 2017 أعلمنا به هيئة الحقيقة والكرامة في شخص ممثلها القانوني في اليوم نفسه.
كما توجهنا يوم 03 جانفي إلى مقرا الهيئة لمباشرة مهامنا والالتحاق بمكاتبنا التي كسرت أبوابها واستبدلت أقفالها لكننا لم نتمكن من مقابلة الرئيسة التي امتنعت عن مقابلتنا رغم بقائنا لفترة تزيد عن الساعة في مكتب رئيسة الهيئة. ولم يحضر لمقابلتنا غير كاتبة رئيسة الهيئة واحد الاعوان الذي لم يتوقف عن تصويرنا بهاتف جوال حتى ونحن داخل مكتب رئيسة الهيئة وبحضور الكاتبة.
واجتنابا لكل إشكال خاصة مع المكلف بتصويرنا تركنا لرئيسة الهيئة طلبا بواسطة عدل تنفيذ لتحديد موعد للقائها لمباشرة اعمالنا منذ يوم 03 جانفي 2017 بقي ميتا إلى اليوم.
لذلك نعتبر هذا التصرف رفضا رسميا للإذعان لحكم المحكمة الإدارية وامتناعا عن تمكيننا من مزاولة مهامنا واسترداد صفتنا كأعضاء في هيئة الحقيقة والكرامة ضمنها لنا قانون العدالة الانتقالية وأقرها حكم قضائي رسمي في البلاد التونسية.
واضطررنا لإصدار هذا البلاغ حتى نضع حدا لكل المزايدات وتتوقف كل التصريحات والمغالطات التي تروج رسائل منافية للواقع والحقيقة.
والخلاصة ان أصدق ما يعبر عن موقف رئيسة الهيئة من قرار المحكمة الإدارية هو المثل الشعبي القائل « بلوه واشربوا ماه» لذلك نحن ندعو كل فرسان العدالة الانتقالية وكل المدافعين على علوية القانون وكل المؤسسات الدستورية وكل رهبان الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في بلادنا ان يشاركوننا شرب ماء هذا الحكم القضائي بعدما تجاهلته الرئيسة التي لم تتحمل أن يكون من بين اعضاء الهيئة من يمارس مهامه بشرف وأمانة ونزاهة.
لقد وقفنا بشكل متأخر على حقيقة أن جرمنا هو ان لا نكون في فلك رئيسة الهيئة التي لا تقبل من يعارضها وأن مطالبتنا بتطبيق القانون والالتزام بمقتضياته في نظرها هو عنوان للعصيان والتمرد ونشر لغسيل الهيئة وهو كذلك ضرب لمسار العدالة الانتقالية وتهديد لها وقد وصل بها الأمر حد اتهامنا بخدمة الدولة العميقة وبأننا مأجورون لضرب مسار العدالة الانتقالية والحال أننا لسنا بحاجة الى ان ندافع عن انفسنا أو رد التهم عنا لأننا لا يمكن ان نخفي أصلنا وفصلنا وماضينا وحاضرنا.
كما فهمنا بشكل متأخر أن بقاءنا في حظيرة رئيسة الهيئة كان رهين سكوتنا عن محاولة الاستيلاء على هيئة مستقلة والاستفراد بقراراتها وتوظيفها لأهداف غير التي وضعت من أجلها والذي اعتبرناه خطرا حقيقيا يهدد إنجاز مهامها الأساسية في كشف حقيقة الانتهاكات والمساءلة والمحاسبة وجبر ضرر الضحايا والمصالحة.
لذلك ورفعا لكل لبس نؤكد مرة اخرى اننا قمنا بما يتوجب علينا القيام به من مقاومة للانحراف عن تطبيق مضمون القانون المنظم للعدالة الانتقالية والالتزام بالقانون الداخلي للهيئة ودفاعا عن سمعة مؤسسة من مؤسسات الثورة كان يجب ان تكون فوق الشبهات.
خطأنا الوحيد اننا لم نستقل برغبتنا أو أن نرمي المنديل كما رغبت في ذلك رئيسة الهيئة وبعض الأعضاء وما دمنا قد تظلمنا لدى القضاء الذي انصفنا فإننا آثرنا ان نتحمل مسؤوليتنا والوفاء بمضمون القسم الذي أديناه قبل مباشرتنا لمهامنا.
كما نؤكد اننا لم نخرج على أخلاقيات مسؤوليتنا ولم نفكر يوما في الإساءة إلى رئيسة الهيئة او إلى الهيئة التي نحن من اعضائها أو المساس بمسار العدالة الانتقالية بكل تفاصيله.
لقد تصرفنا بما يمليه علينا إيماننا بقدرة شعبنا ومجتمعنا على الممارسة الديمقراطية في الدفاع عن علوية القانون وبفلسفة الثورة التي تقطع مع ممارسات الاستبداد والتفرد بالرأي وتجاوز القانون.
لكننا لم نقبل ان يحرمنا الاعتداء على القانون من التمسك بمهام أسندها لنا القانون وسنواصل معركتنا من أجل إنجاح مسار العدالة الانتقالية وتأصيل الممارسة الديمقراطية وطرد التسلط والدكتاتورية ورفض الفردانية ومنطق الإقصاء.
إننا نعتبر انفسنا ندفع ثمن استقلاليتنا باعتبار اننا كنا ضحية عملية تطهير مؤسسة وطنية تهم كل التونسيين, ونحن منهم, ولا يحق لأي كان ان يحرمنا من ممارسة مهامنا التي وقع انتخابنا من أجلها والمساهمة في إنجاح مسار وضع له قانون كي يطبق وان نحترم إرادة الشعب في تحقيق المصالحة الشاملة لبناء مؤسسات تقوم على المواطنة وعلوية القانون ولا تقوم على الولاءات والانتماءات والمصالح الحزبية الضيقة.
وسنبقى على ذمة مجلس نواب الشعب لنوضح موقفنا وعمق الأسباب التي دفعتنا أن نكون في الموقع الذي نحن فيه. كما نطالب كل مؤسسات الشعب والدولة ان تتحمل مسؤوليتها في الدفاع عن مسار البناء الديمقراطي الذي يقوم اساسا على قبول التنوع والاختلاف وحق كل التونسيين في المساهمة في هذا المشروع.
وإذا كان من حق بعض الأطراف اعتبار السيدة رئيسة الهيئة قديسة العدالة الانتقالية فليس من حقه ان يعتبرنا شياطين نهدد مسار القديسة كما انه من غير المعقول التذرع بنبل المهمة لتبرير ممارسات تعيد الاستبداد وتكرس الاستفراد بالرأي وتستحوذ على مؤسسات الجمهورية الثانية وتوقع في طريقها ضحايا هم في الأصل مكلفون بكشف حقيقة انتهاكات حقوق الإنسان.
ندعوكم في آخر هذا التوضيح لمشاركتنا شرب « ماء « قرارات القضاء الإداري بعدما « نفخنا فيه ثلاثة أحكام قضائية « قرار إبطال تنصيب نائب ثاني لرئيس الهيئة وقرار إبطال إعفائنا من عضوية الهيئة وقرار أخير لرئيسة الهيئة برفع الحصانة عنا».
عضوي هيئة الحقيقة والكرامة
مصطفى بعزاوي
ليليا بوقيرة