وجاءت زيارة وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، الى العاصمة التركية لتؤكد ايضا على هذا المسار .. فقد صرح المسؤول الايراني قائلا « اذا كانت هناك خلافات في الرؤى بين دول المنطقة فيمكن حلها عبر الحوار». واكد ظريف ايضا على اهمية الدور التركي والروسي والايراني في المنطقة معتبرا ان هذه الدول من اللاعبين الهامين وهناك حاجة للحوار والتعاون بينهم .
وكانت مسارعة ايران لإدانة الانقلاب العسكري منذ الساعات الاولى لحدوثه ، امرا كافيا ايضا ليؤشر الى تغيرات كبرى قد تحصل في القضايا الساخنة في المنطقة.
مصالح اقتصادية
يرى البعض ان الدفة التركية تقودها بالأساس المصالح الاقتصادية الكبرى، فاردوغان يواجه عدة معضلات في الداخل ،سياسية- ناتجة عن تهديد حكمه بعد الانقلاب الفاشل ، واقتصادية -بعد تراجع مؤشرات بلاده في اعقاب تعطل التجارة بين موسكو وانقرة على خلفية ازمة اسقاط الطائرة الروسية . اذ يرى عديد المتابعين ان هذه الملفات وغيرها من شأنها ان تدفع اردوغان الى اعادة النظر في سياسات بلاده الخارجية وهذا ما يحصل بالفعل .. فقد تعهد رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، قبل يومين بدعم حكومته لقطاع الاقتصاد، مشيرا الى أنها تقدم كل أشكال التسهيلات من أجل تطوير الاقتصاد التركي، وزيادة الإنتاج، وخلق فرص عمل جديدة «..وهذا طبعا لن يحصل الا اذا استعاد الاقتصاد التركي انفاسه بعد المصالحة مع روسيا بكل ما تمثله العلاقات التجارية معها من ثقل اساسي في الحركة التجارية في البلاد. فهل يكون الاقتصاد المحرك الذي يدفع باتجاه تغيير التوجهات التركية القائمة اساسا على دعم الفريق المعارض والمقاتلين المتطرفين ضد النظام السوري ؟.
المعلوم ان مواقف تركيا وايران وروسيا متعارضة في الشأن السوري حيث تدعم طهران وموسكو حكومة الرئيس السوري بشار الاسد فيما تساند انقرة المعارضين له. وكانت اتهامات عديدة ايضا تطال انقرة حول ضلوعها بتسهيل عبور آلاف المقاتلين والتكفيريين عبر حدودها لمقارعة الجيش السوري وتهديد نظام دمشق ..لكن يبدو ان ما يحصل في الجوار السوري لم يعد يصب في صالح تركيا ..فبعد الهزات الامنية والتفجيرات التي شهدتها انقرة وتبناها تنظيم داعش الارهابي ، بدا ان هناك تبدلا كبيرا في الاستراتيجية التركية سيطرأ.. فقد اعتقلت قوات الأمن التركية قبل يومين 43 أجنبيا في إسطنبول، للاشتباه في انتمائهم إلى تنظيم «داعش» الارهابي. وكانت انقرة ايضا قد شنت خلال الاشهر الماضية موجة من الملاحقات طالت شخصيات متورطة بالإرهاب والقت القبض ايضا على شبكات تجنيد الدواعش من جنسيات مختلفة.
التهديد الكردي
ولا يخفى ما يمثله تقدم قوات سوريا الديمقرطية (تحالف كردي) في عدة مناطق سورية ،من كابوس يؤرق مضاجع حكام انقرة .فهذا الملف القديم -الجديد يعود دائما الى الضوء ليشعل القلق التركي ويمثل دافعا اساسيا نحو اي تغيير قد يحصل في سياسات تركيا الخارجية. فتحت ذريعة محاربة داعش تمكن هذا التحالف الكردي من كسب ثقة الامريكيين ،بل ونال دعما غير مسبوق وغطاء جويا من الادارة الامريكية ، امكنه من استعادة عديد المناطق التي كان قد احتلها الدواعش، لتصبح هذه الاراضي تحت السيطرة الفعلية للاكراد وفي خريطة دولتهم المزعومة..
واليوم يبدو جليا ان ما دفع تركيا قبل اكثر من خمس سنوات الى تبني سياسات مساندة للمعارضين السوريين .واخذ مواقف عدائية من نظام بشار الاسد..كل ذلك قد يطوى مع التحالفات الجديدة التي تقوم في المنطقة.. معادلات -يتوقع مراقبون- -ان تفرض على اردوغان تبني استراتيجية جديدة اكثر نعومة في الملف السوري وأكثر مهادنة للنظام اكثر من أي وقت مضى.