وتأتي هذه الجولة بعد لقاءات سابقة التقى خلالها مفاوضون من أوكرانيا وروسيا في المنطقة الحدودية لبيلاروسيا في خضم صعوبات جمّة تواجه هذه المفاوضات. اذ ان كييف تريد انسحاب القوات الروسية مع ضمانات أمنية، في حين تطالب موسكو أوكرانيا بالتخلي عن طلب الانضمام الى حلف شمال الأطلسي والاعتراف بالمناطق الانفصالية في شرق أوكرانيا كمناطق مستقلة والاعتراف بشبه جزيرة القرم المطلة على البحر الأسود التي ضمتها روسيا في عام 2014 . وفي هذا الحديث الخاص لـ«المغرب» يتطرق المحلل والكاتب السياسي اللبناني عبد الوهاب بدرخان الى رؤيته لتداعيات الحرب الروسية اقليميا ودوليا في ظل المستجدات الأخيرة.
• بعد مرور شهر على اندلاع الحرب الروسية كيف تقيمون معادلات القوى وصمود اوكرانيا وهل حقق بوتين أهدافه من تلك العملية ؟
في الواقع تعتبر الأهداف الروسية واضحة ولا يمكن لفلاديمير بوتين ان يحقق اكثر مما أنجزه حتى الآن في الميدان، ولا بد من استكمال احتلال أوكرانيا حتى لو لم يكن هدفا نهائيا له ولا بد من ذلك لكي يستطيع فرض شروطه . يقال ان هناك تقدما في المفاوضات الروسية الأوكرانية لكن الشروط الروسية لم تتغير ، موسكو لم تقل أنها تخلت مثلا عن هدف تفكيك الجيش الأوكراني او ان تكون أوكرانيا محايدة . وبنفس الوقت لا يمكن ان تحقق هذين الهدفين الا اذا أنجزت احتلالا كاملا. ولكن هذا الاحتلال ليس سهلا وهذا ما أثبتته الوقائع خلال الأسابيع الماضية لذلك فان الحرب ستطول اذ بعد الاحتلال ستوجد حالات كثيرة من حرب العصابات في كل أرجاء أوكرانيا . من جهة أخرى كان الجانب الغربي منذ البداية واضحا بأنه لن يدخل في حرب مع روسيا ولن يرسل قوات للدفاع ولكنه سيفرض العقوبات وهي أساسية بالنسبة للاقتصاد الروسي . لذلك نحن أمام صراع سيطول شهورا وسيمتد لسنوات حتى لو توقفت الحرب بشكل أو بآخر .
• بخصوص العقوبات الاقتصادية هل ستؤثر على أية صفقة مقبلة؟
لكي تحقق العقوبات الاقتصادية تأثيرها ولكي تشعر موسكو بالوجع فان ذلك يتطلب أسابيع وأشهرا وبالتالي ستتواصل هذه المواجهة حتى لو توصلت أوكرانيا وروسيا الى اتفاق سياسي، لكن السؤال هنا كيف سينفذ وبأية ضمانات . المعلوم ان كييف تريد ضمانات، فهل سيقدم الأطلسي هذه الضمانات اذا لم يكن الاتفاق متوازنا او واضحا خصوصا لجهة ان ينصّ على انسحاب الجيش الروسي من أوكرانيا. وهذا الانسحاب بالنسبة لبوتين ليس أمرا واقعا واذا حصل سيكون بمثابة هزيمة له لذلك لا يريده .
• كيف ترون نقاط قوة ونقاط ضعف كل من موسكو واوكرانيا في هذه الحرب اقتصاديا وعسكريا وسياسيا؟
في الحقيقة لدى كل طرف نقاط ضعف ونقاط قوة اقتصاديا وعسكريا . فروسيا قوية عسكريا ولكنها ضعيفة اقتصاديا وليس لديها نموذج تعممه نظريا وليست لديها نوايا لترسيخ نظام ديمقراطي في أوكرانيا يحترم مصالحها وهواجسها الأمنية ما لم تكن هي التي تديره وهذا ليس ديمقراطيا .
بالنسبة للغرب هناك ضعف في موقفه لأنه لم يمكن مستعدا للحرب ولا يريدها وهذا يعتبر بمثابة الضعف. أما بالنسبة للعقوبات، صحيح أن نتائجها لا تظهر حاليا ولا تردع الغزو الروسي لكنها فعالة على المدى الطويل، اذ ان بوتين لا يريد ان يعاني اقتصاد بلاده لسنوات طويلة لأن العقوبات نفق طويل لا أحد يعلم الى أين سيصل. وكل طرف لديه نقاط ضعف في جوانب معينة. قد يبدو الغرب حاليا بمظهر الضعيف ولكنه في نفس الوقت لديه كل الإمكانات لكي يدافع عن نفسه. كما يوجد من استخدام السلاح النووي، فالغرب لا يمكن ان يقدم على ذلك لأنه سيضرب روسيا وهي على حدوده المباشرة وهذه دوامة لا أحد يريد ان يتصورها او مجرد ان يلجأ اليها .
• هل تتوقع ان يتكرر السيناريو الافغاني بالنسبة لروسيا؟
هناك نسبة مائوية كبيرة من التوقعات بأن هذا السيناريو سيتحقق في المستقبل، اذا لم يتم التوصل الى حل سياسي. فالمتوقع ان تحصل هناك مقاومة وتدخل لمقاتلين أجانب خصوصا من جانب أوكرانيا إضافة الى المرتزقة من الجانب الروسي. للأسف هذا يطيل أمد الصراع ويطيل أزمة الإمدادات الغذائية التي يعاني منها العالم حاليا.
• من أهم تداعيات الحرب الروسية على العالم حدوث أزمة نفط أو أزمة غذاء عالمية فما هي توقعاتكم؟
صحيح هناك اليوم أزمة في الإمدادات النفطية والغازية وبدأت عمليا الأطراف الغربية بالبحث عن حلول في كل مكان من غاز فنزويلا الى الخليج وغيره . وهناك رغبة أمريكية واتصالات بعيدة عن الأضواء لتعويض هذا النقص. ولكن هذا يتطلب وقتا لكي يصبح فعالا وبديلا عن الغاز الروسي بالنسبة لأوروبا . الأزمة الغذائية بدأت وهناك خطر على امدادات القمح التي كانت تتم بشكل دوري وشهري والدول تتمون لشهور محددة ولا تعرف الآن اذا ما كانت ستستطيع ان تتلقى شاحنات النفط والحبوب في الشهور القليلة وكيف يمكن ان تعوضها وبأي أسعار وبطبيعة الحال الأسعار سترتفع . الأمم المتحدة تحذر من وحش الجوع وكل المنظمات الإنسانية مهتمة بهذا الموضوع ورأينا دولا عديدة هشّة بدأت تلوح فيها أزمة غذاء ، وكل الخوف بأن تتحول الى مرحلة أكثر خطورة من المجاعة بكل ما يمثله من تهديد للاستقرار الدولي.
المحلل والكاتب السياسي اللبناني عبد الوهاب بدرخان لـ«المغرب»: نحن أمام صراع سيطول لشهور وربما لسنوات حتى لو توقفت العمليات العسكرية الروسية
- بقلم روعة قاسم
- 11:12 30/03/2022
- 392 عدد المشاهدات
تبدأ اليوم في اسطنبول جولة جديدة من المفاوضات بين موسكو وكييف وذلك بعد نحو أربعة أسابيع ونصف من بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.