التطبيع التي أقدمت عليها بعض الأطراف العربية والإسلامية وتجسَّد ذلك من خلال وقوفها الرسمي إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته، واستقبالها خلال السنوات الماضية آلافاً من الفلسطينيين على أراضيها، ولم تنفع مع إرادة السوريين كل الطرق والأساليب في خنق قوة سورية وإنهاء روح المقاومة.
ولعل المتابع لا يحتاج إلى كثير من الجهد والوقت للعثور على حقائق وأمثلة للمواقف والتوجهات السورية الرافضة لـ «إسرائيل» كوجود هجين واحتلال ظالم لأرض عربية فيها رموز إسلامية مقدسة.لذلك، فإن من يحسن قراءة التاريخ، يدرك أن سورية كانت سباقة إلى دعم النضال الفلسطيني، ولم يسبق أن خذلت فلسطين في كل المحافل الدولية، ففي الحرب العربية «الإسرائيلية» الأولى عام 1948 بعد تأسيس الكيان الصهيوني، كان لسورية الدور والحضور الفاعل في عدد من محاور القتال، وفي حرب 1967، شارك الجيش السوري بقوات برية وجوية و قدم الكثير من الشهداء هذا على الصعيد العسكري الميداني، أما على الصعيد السياسي، فقد كان الموقف السوري واضحاً إلى حد كبير من مبادرة السلام التي أطلقها السادات بزيارته المفاجئة لتل أبيب عام 1977، والتي تبعتها زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الحين مناحيم بيغن للقاهرة، لتكلل في نهاية المطاف بإبرام اتفاق كامب ديفيد برعاية أميركية عام 1979. حيث كانت سورية سباقة إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع مصر كما فعلت اغلب الدول والحكومات العربية، ولم تخرج المواقف السورية حيال مجمل خطوات مسيرة التسوية العربية مع تل ابيب، من اتفاق وادي عربة مرورا باتفاقيات أوسلو وواي بلانتيشن وغيرها عن سياق الموقف الرافض لتلك التسويات.
وعلى نفس المنوال، ومع تغيُّر الأوضاع في المنطقة، وإعلان الإمارات والبحرين اتفاقهما مع «إسرائيل»، كانت الحكومة السورية من أوائل الحكومات العربية التي سارعت لإعلان رفضها أي تطبيع مع دولة الاحتلال، وتأكيدها على أنه «لا سلام قبل إقامة دولة فلسطين بعاصمتها القدس المحتلة».السؤال الذي يفرض نفسه دائماً على مر السنوات الماضية هو: لماذا ترفض سورية التطبيع مع الكيان الصهيوني؟
وتقوم الرؤية السورية على حقيقة مفادها إن «إسرائيل» وجود شاذ وغير قانوني تشكلت عبر مؤامرات دولية على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، واعتمدت في تكريس وجودها على الحروب والعنف والإرهاب، و من هذا المنطلق سورية ملزمة بالنضال من أجلها ولن تتخلى عنها حتى يحقق الشعب العربي الفلسطيني تقرير مصيره ويقيم دولته المستقلة على أرض وطنه، وهذه الثوابت لا يمكن المساومة عليها لارتباطها بالعقيدة القومية التي تؤمن بها سورية.
فالحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين إن القضية الفلسطينية بالنسبة لٍسورية رسالة ومستقبل، ولم يخل أي خطاب سوري من إيلاء فلسطين وأهلها وقضيتها العادلة كل إهتمام ورعاية، وقد شكّل الموقف السوري الثابت تجاه القضية الفلسطينية، الرديف والسند الحقيقي للشعب الفلسطيني، وقد دفعت سورية ثمن هذا الموقف طيلة العقود الماضية، وتحمّلت في سبيل القضية الفلسطينية ما هو فوق طاقاتها وإمكانياتها إنسجاماً مع ثوابت النهج والرؤية لهذا الوطن في مواقفها من فلسطين، التي لا تحتمل التشكيك والتدليس.
وعلى الجانب الآخر نقول أنه بعد هرولة معظم الدول العربية إلى التطبيع مع «إسرائيل» لم يبقى أمام الفلسطينيين إلا التخندق وحدهم في خندق الموت والاستشهاد بشرف مدافعين عن عورات الإدارات العربية ومدافعين عن الحق الفلسطيني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية.
وخلاصة القول أن القضية الفلسطينية لا يمكن أن تتآكل لأنها قضية حق وحق تاريخي، ومهما حاولوا أعداء الأمة تغّيب القضية الفلسطينية عن الشعوب العربية فإنها لن تغب وستبقى فلسطين وقود الثورات العربية وستبقى في قلوب كل السوريين ولن تغيب عن أذهانهم وستبقى حافزاً لتحركاتهم وثوراتهم.
العلاقات الفلسطينية السورية .. والتمسك بجوهر القضية
- بقلم خيام الزعبي
- 09:02 23/09/2020
- 664 عدد المشاهدات
تُعرف سوريا، حكومة وشعباً، بعدائها التاريخي للكيان الصهيوني، ورفض الوجود «الإسرائيلي» في فلسطين، ورفض كل مشاريع