النائب اللبناني الشيخ حسن عز الدين ومسؤول العلاقات العربية السابق في حزب الله لـ«المغرب»: لا خيار آخر أمام اللبنانيين إلا العودة إلى طاولة الحوار والتفاهم بين القوى السياسية للخروج بالبلاد من محنتها

• المقاربة الفرنسية لحل الأزمة اللبنانية التي اقترحها ماكرون تقترب كثيرا من رؤية «حزب الله»

تطرق النائب اللبناني الشيخ حسن عز الدين عضو كتلة الوفاء للمقاومة ومسؤول العلاقات العربية السابق في حزب الله في حديثه الخاص لـ«المغرب» عن الأوضاع في لبنان بعد حادثة انفجار المرفإ ومستجدات التحقيق . مشيرا الى ان الجميع في لبنان ينتظرون نتيجة التحقيقات لكي ينال المتورطون عقابهم. أما بخصوص الأزمة السياسية والاقتصادية التي يعاني منها البلد فقال انها ليست المرة الأولى التي يواجه فيها لبنان هكذا أزمات مبينا بانه لا خيار آخر سوى العودة الى طاولة الحوار والتفاهم بين اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية للخروج بالبلاد من محنتها. وأكد ان المقاربة الفرنسية التي اقترحها الرئيس الفرنسي ماكرون تلتقي مع رؤية حزب الله لحل الأزمة في لبنان . كما جدد موقف الحزب الداعم للحق الفلسطيني مؤكدا على أهمية مواجهة مخططات التطبيع الصهيونية .

• أولا ما تعليقكم على قرار المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري ؟
منذ البداية ومنذ حادثة التفجير، تمّ تأسيس هذه المحكمة الخاصة بلبنان بطريقة غير دستورية وغير قانونية ، وفي ظروف مريبة. وبالتالي اعتبرنا ان هذه المحكمة باطلة وما أُسس على باطل فانه باطل. وبالتالي الحكم الصادر عنها لا يعنينا لا من قريب ولا من بعيد .

• بعد فاجعة انفجار المرفإ بدأت بيروت تلملم دمارها وجراحها وتستعيد بعضا من عافيتها وقد لاحظنا محاولة لتجييش الوضع وتفجيره فكيف ترون ذلك؟
أولا الانفجار مأساة وطنية وإنسانية كبرى ، ولا شك ان هذا الموضوع يجب ان يخضع لتحقيق شفاف وسريع ولكنه غير متسرع تحقيق يُشكل إعادة بناء للقضاء اللبناني. وقد تمّ تعيين القاضي العدلي وبدأ بتحقيقاته لإيقاف من يظن انهم مقصرون ومهملون أو متورطون عن عمد او اهمال او أداء سيئ في الوظيفة. وفي الحقيقة في مثل هذا الانفجار لا يستطيع أحد أن يتكهن بالفاعل قبل ان يصل التحقيق الى نتائج وبالتالي ينتظر الجميع النتائج خاصة ان بعض القوى الدولية تسهم وتساعد في التحقيق من أكثر من دولة عربية وأوروبية. لذلك ينتظر الجميع ان تصل العدالة الى نهاية تحدد من هم المسؤولون ومن هم المتورطون والذين سببوا هذه الكارثة الوطنية وان ينال الجميع الجزاء والعقاب.

• كانت هناك تطلعات لأن توحّد هذه الفاجعة اللبنانيين ولكن يبدو ان الانقسام السياسي تعمّق أكثر فماذا تقولون ؟
هذا لبنان بطبيعته متعدد بتنوعه الديني والطائفي والسياسي أيضا . هناك دوما أكثر من اتجاه وأكثر من رؤية وأكثر من حزب في بعض الأحيان نجدهم فيما بينهم يتباينون وفي بعض الأحيان يختلفون على قضايا بسيطة. حتى العدو الصهيوني في لبنان أصبح مثار نقاش للأسف عند بعض القوى السياسية . عندما نتحدث عن تدخل خارجي سواء في لبنان أو اي بلد عربي او أي بلد في العالم في حقيقة الأمر فإن طبيعة المستعمر -كما يقول المفكر الجزائري مالك بن نبي- يحاول الاستفادة في أي بلد من قدراته وامكانياته وثرواته والمهم ان لا تكون هناك قابلية عند أي شعب من الشعوب للاستعمار . بالتالي من لا قابلية له للاستعمار لن يتمكن الاستعمار او الأجنبي من النفاذ الى ساحته الداخلية الوطنية . للأسف عندما تكون ساحة كلبنان تناقضاتها الداخلية كبيرة والاختلافات متعددة يسهل حينئذ على الأجنبي ان ينفذ اجنداته وجدول أعمال . وللأسف بدأوا لتأسيس هذا الموضوع والاستفادة منه . وللإشارة فانه لا احد يدافع عن هذه الطبقة السياسية في لبنان التي أوصلت البلاد والعباد الى الكفر بهذه السلطة خاصة انها دمرت الاقتصاد اللبناني وأوصلته الى حالة العجز والافلاس . هذا الخلط بين الأجندا الداخلية والخارجية يجب التنبؤ به بشكل دائم، خاصة ان الجميع ينشدون الإصلاح على مستوى الداخل ويجب ان ننتبه الى المآرب الخارجية ونكون حذيرين بالتعاطي معها .

• كيف تعاملتم مع المقاربة الفرنسية او ما سمي بـ «ميثاق لبناني جديد» والتي طرحها الرئيس الفرنسي ماكرون اثناء زيارته للبنان؟
لقد كانت زيارة ماكرون الى لبنان في لحظة سياسية حساسة ودقيقة حاول الاستفادة منها لتعزيز دور فرنسا او استعادة الدور الذي ضعف مؤخرا لمصلحة الأمريكيين . وطرح في اللقاء الذي تمّ مع القوى السياسية -ونحن منهم ممثلين بالأخ النائب محمد رعد رئيس الكتلة- المقاربة التي قدمها ماكرون وكانت منطقية وموضوعية ولكن كان البعض يهمس ويتساءل عن مدى القدرة على تنفيذ هذه المقاربة الموضوعية ، بحيث طلب من اللبنانيين الوحدة ولملمة الحراج وان يكونوا مع بعضهم البعض، بمعنى آخر وكأنه كان يدعو الى حكومة قادرة وتتمثل بها جميع الأطراف ليتمكنوا من النهوض بالبلد . و كنا مرتاحين لأن نسمع مثل هذا الكلام لأنها مقاربة تقترب كثيرا من رؤيتنا ورؤية حزب الله لعلاج الأزمة لأن الساحة اللبنانية كما قلت هي ساحة معقدة . أما هل سيكتب لها النجاح هذا ما نترقبه . فنحن اليوم أمام حكومة تصريف أعمال وهناك عدة أسماء في المداولات المطروحة ولكن حتى اللحظة لم تحصل استشارات نيابية ولم يحدد فخامة رئيس الجمهورية وقتا لهذه الاستشارات هذا يعني ان موضوع الحكومة ما زال في طور الحوار والتفاهم لأنه لا يريد ان يقوم باستشارات قبل ان يكون هناك تفاهم لبناني حول طبيعة الحكومة وبرنامجها .

• ما رؤيتكم لكيفية خروج لبنان من محنته الاقتصادية والسياسية والصحية أيضا مع تفشي وباء كورونا ؟
في الحقيقة ليست المرة الأولى التي يعاني منها لبنان من أزمات اقتصادية وسياسية واعتقد انه لايوجد خيار آخر سوى العودة الى طاولة الحوار والتفاهم بين اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية للخروج بالبلاد من محنتها. لنتعاون جميعا مع بعضنا البعض ونخرج بحكومة قادرة قوية عادلة ووفاقية تستطيع ان تلمّ الشمل وتلملم الجراح وان تتمكن -من خلال علاقاتها العربية والاسلامية والدولية- من إعادة الحياة والنبض الى الداخل لتجاوز هذه الأزمات الواحدة تلو الأخرى .

• هل أن الأسماء المطروحة لرئاسة الحكومة ستكون سياسية تقليدية أم جديدة غير حزبية مثلما حصل مع حكومة حسان دياب؟
أتمنى ان يكون الجميع قد تعلّم من دروس الماضي وان لا نكرر تجارب لم يكتب لها النجاح ولم تكن على مستوى المسؤولية والقدرة على معالجة الأوضاع .

• تشهد المنطقة موجة تطبيع غير مسبوقة مع الصهاينة كيف يمكن مواجهة وحماية الحق الفلسطيني في خضم كل ذلك ؟
حتى نكون صريحين ، موجة التطبيع ليست جديدة ، وكل ما حصل ان ما كان يحدث تحت الطاولة وفي السر -من تواصل وحوارات وتفاهمات- بات اليوم مكشوفا بشكل فاضح. لذلك هناك أمران متلازمان واعتقد ان القوى الرجعية العربية -باعتبارها تتآمر لا فقط على القضية الفلسطينية بل على كل القضايا العربية ذات الطابع الوحدوي والقومي الإسلامي وكل ما يمت بصلة لمرتكزات القدرة والقوة للعرب والمسلمين- للأسف نجد ان دور هذه القوى كان تخريبيا على امتداد عقود من الزمان. ولذلك اليوم بات الأمر جليا وواضحا، ونحن في حزب الله كنا دائما نعلن ان فلسطين قضية مقدسة ومن مقدسات وأدبيات حزب الله، وفلسطين هي قضية إنسانية أولا وقضية إسلامية وعربية وقضية قومية. وبالتالي عندما كانوا يتفاوضون في مؤتمر مدريد أعلنا آنذاك موقفنا لأننا مع فلسطين ولن نتخلى عنها ولا عن ترابها وعن مقدساتنا، حتى لو تخلى العالم كله . وبالتالي نحن بتنا اليوم في مواجهة مكشوفة وواضحة تحتاج الى موقف واضح وجريء وصريح ، ويجب على الأنظمة والقوى السياسية والشعوب أيضا ان تغادر المنطقة الرمادية . فإما ان تكون مع فلسطين او مع الكيان الصهيوني ولا خيار ثالث من الآن فصاعدا . اما كيف نواجه هذا الوباء السياسي الذي يشكل خطرا على القضية الفلسطينية اعتقد ان الموقف الفلسطيني يجب ان يكون موحدا وهو كذلك واعتقد ان الشعب الفلسطيني والقوى الفلسطينية سواء أكانوا في السلطة او في غيرها هم اليوم أحوج ما يكون الى مثل هذه الوحدة لأنها الضامن لهم لإبطال كل المشاريع الأمريكية والاسرائيلية في المنطقة ومشاريع التطبيع . وأظن أن الأمة العربية عصية على التطبيع مع الكيان الصهيوني مهما فعلت الأنظمة وهي لا تمتلك من القدرات والامكانيات للصمود امام شعوبها وستكون في مواجهة معها في أية لحظة . وعلى القوى المقاومة والقوى السياسية الوطنية والقومية والحرة ان تقوم بما يجب عليها من مسؤوليات وواجبات تجاه ذلك.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115