لاعب أساسي في الأحداث التي تدور في ليبيا وهي تعمل بكل ما أوتيت من خبرة ودهاء على خلط الأوراق بين الساحات لكي يخلولها الجو في الهيمنة على ليبيا والتحكم بمقدراتها في تجاهل سافر من الرئيس أردوغان للانعكاسات السلبية لتصرفاته العدوانية وأثر ذلك على علاقة بلاده مع الدول العربية.
كما حملت العلاقات التركية الأمريكية في طياتها الكثير من الخفايا والمصالح بالتزامن مع ضجيج الحديث عن توريد تركيا السلاح للأطراف المتصارعة في ليبيا وتغلغلها في ليبيا. هذا الوضع المُستجد أدى إلى صدام جديد بين إدارة الرئيس الأمريكي ترامب وتركيا، خاصة بعد الانتقادات اللاذعة التي وجهتها وزارة الخارجية الأمريكية للجانب التركي، لاستمرارها في ضخ وإمداد الميليشيات الإرهابية على الأراضي الليبية بالأسلحة، وطالبتها بوقف تدخلاتها السافرة في البلاد.
وبنمط مماثل، توالت الاتهامات التي طالت تركيا- أردوغان، ففي التقرير السنوي الذي تصدره الخارجية الأمريكية بشأن الإرهاب في عام 2019، أكد التقرير بصورة دقيقة وواضحة بأن تركيا مستمرة في مخالفة القوانين الدولية بعد تدخلاتها في دول المنطقة وخاصة في ليبيا، بالإضافة إلى ذلك أكد التقرير على الدور التركي الهام في تصدير الإرهابيين، بعد أن أصبحت تركيا معبراً لانتقال الإرهابيين إلى سوريا والعراق للانضمام للجماعات الإرهابية والمليشيات المسلحة.
وعلى خط مواز، زادت حدة التوترات بين تركيا وقبرص بشأن التنقيب عن الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط، بعد أن أرسلت تركيا سفينتي تنقيب إلى سواحل قبرص، فعلى إثر هذه الأحداث، دعا السيناتور الديمقراطي الأمريكي بوب مينينديز، الى فرض عقوبات على تركيا، بسبب ما وصفه بالعدوان المتصاعد لأنقرة في شرق البحر المتوسط بطريقة تهدد المصالح والأهداف الأمريكية هناك.
وفي سياق متصل فقد انكشف الدور التركي الرئيسي في تأمين إقامة وتجنيد الإرهابيين وتسهيل إنتقالهم إلى ليبيا، ومعركة طرابلس وموقف الأتراك منها ما هو إلا دليل قاطع حول مخططات أردوغان وكل مساعيه للسيطرة عليها، من كل هذا تريد تركيا إعادة رسم خريطة العالم العربي وفق حساباتها من سوريا الى العراق وليبيا واليمن ولبنان، ولم يعد خافياً على أحد بأن التعاون بين المليشيات المسلحة والكيان الصهيوني في ليبيا ، وهذا مؤشر على أن إسرائيل ليست خارج مخطط يضم تركيا، بقيادة أمريكية لإسقاط دول المقاومة، لأن نهج المقاومة كل ما بقي من القوة العربية في مواجهة المشاريع الغربية.
إن الرئيس أردوغان يدفع بتركيا إلى حرب قد تكون عواقبها وخيمة، خاصة بعد أن نظرت أمريكا بريبة إلى ما تسميه « تمرد أردوغان»، لذلك سيستمر التوتر في العلاقات بين واشنطن وأنقرة، كما سيمهد الطريق لتحوّل هذا الملف إلى مشكلة حقيقية وأساسية بين الطرفين، وهذا يعزز القول بأن العلاقات الأمريكية التركية غير مبشرة نهائياً . وفي هذا السياق يجب التأكيد على أن مصلحة واشنطن وأنقرة وحلفاؤهما تكمن في تحقيق مصالحهما وأهدافهما في المنطقة، وللأسف فالجميع مستفيد من الحرب على ليبيا واستمرارها، ونحن لا نراهن إلا على صمود الشعب الليبي وعلى قدرة الجيش الليبي في تحقيق التقدم العسكري على الأرض.