أواصرها من خلال الاهتمام المشترك بين الجانبين لإعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة. والتساؤل الذي يتبادر في أذهاننا هنا هو: هل ستنجح الجولات والمباحثات المصرية في إيجاد حل قريب ينهي الصراع في ليبيا؟
ظهرت مؤشرات عدّة تكشف عن تبني مصر لسياسة جديدة في التعامل مع الملف الليبي، حيث طرحت مصر، مبادرة سياسية لحل الأزمة الليبية، من أجل إيجاد وسيلة لتسوية سلمية للأزمة التي عصفت باستقرار البلاد، ووضعتها في مرمى حرب أهلية ونزاع دولي على أراضيها، خاصة بعد التدخل التركي.
وتدعو هذه المبادرة إلى احترام كافة الجهود والمبادرات الدولية والأممية من خلال الإعلان عن وقف إطلاق النار وإلزام كل الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة الأجانب من كافة الأراضي الليبية وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها حتى يتمكن الجيش الوطني الليبي بالتعاون مع الأجهزة الأمنية من الاضطلاع بمسؤولياته ومهامه العسكرية والأمنية في البلاد.
هذه المبادرة تحمل في طياتها رسائل إلى من يهمه الأمر بأن علاقات الشراكة الإستراتيجية القائمة بين مصر وليبيا قوية وخارج المساومات والصفقات، وهي زيارات تعطي الإنطباع بوجود دور مصري جديد في الأزمة الليبية.
لكن الصعوبة الأساسية اليوم في الوصول إلى حل سياسي بسبب غياب القوى السياسية المؤثرة التي تؤمن بالحل السياسي والقادرة في الوقت نفسه على توفير الأجواء السياسية والأمنية، وتسهيل سبل الحوار بين الأطراف المتنازعة للوصول إلى إطار سياسي مشترك ولغة سياسية مشتركة، في سياق ذلك أصبحت مصر باب الأمل والضامن الحقيقي في دعم الحل السياسي بعد إستعادتها لدورها الإقليمي والدولي، وهناك إتصالات تجرى خلف الكواليس بين قيادات مصرية من جهة وأطراف الأزمة في الليبية من جهة أخرى.
وفي هذا الخصوص رصد المراقبون العديد من المؤشرات التي تشير إلى دور بارز للوساطة المصرية من أجل التوصل لحل سياسي للأزمة الليبية يجنب المنطقة من حرب إقليمية ممتدة، فمصر تملك من الرصيد الإستراتيجي ما يؤهلها للقيام بمبادرة دبلوماسية خلاًقة لحل الأزمة الليبية في ضوء المعطيات التالية:
إجمالاً... إن الوحدة الداخلية الليبية ضرورة وطنية لمواجهة التدخل الخارجي والتيار التكفيري، لحفظ وحدة ليبيا، وإحباط المشروع الغربي لبناء الشرق الأوسط الجديد، فالتحرك المصري لحل الأزمة في ليبيا بما تملكه مصر من تجربة في المصالحة الوطنية بين أبناء الوطن وتأييد الحل السياسي، هام وضروري، وبارقة أمل كبيرة في الخروج من النفق المظلم والتوصل إلى حل سياسي يعطي الثقة للشعب الليبي في الخلاص من الإرهاب والقضاء عليه، لذلك لا بد لليبيين من إقتناص هذه الفرصة المناسبة لإنقاذ ليبيا وإنهاء أزمتها الشائكة.
إن ليبيا قادرة على تجاوز وتخطي أزمتها ومحنتها الراهنة كونها تدرك جيداً دورها في المنطقة من خلال عودتها لتبوئ موقعها ومكانتها العروبية والقومية في مواجهة كل المشاريع الامبريالية في المنطقة العربية الرامية إلى تجزئة وتقسيم الأقطار العربية وتفتيت وحدة الإنسان العربي من المحيط الأطلسي حتى الخليج العربي.