وتدهور الحياة المعيشية والاقتصادية للمواطنين، إلا أن كل الأنظار تتجه نحو إعمار سوريا وازدهارها اقتصادياً، لا من الداخل فقط بل من المحيط الإقليمي والدولي أيضأ.
من هنا توجهت الحكومة السورية لتوفير كافة الظروف من أجل تهيئة البيئة الملائمة حتى يستطيع القطاع العام والقطاع الخاص بدوره تعزيز الاقتصاد الوطني خاصة في الظروف الراهنة، بالإضافة إلى تعزيز دور السفارات أو الملحقات التجارية في تقديم الدعم للقطاع التجاري وهو ما يعرف «بالدبلوماسية الاقتصادية» من خلال النشاطات الاقتصادية عبر السفارات، وأنشأت وزارة الخارجية والمغتربين مكتباً لمتابعة الشؤون والبعثات الدبلوماسية الاقتصادية في الخارج وإعادة الاعمار، فضلاً عن إعادة تفعيل دور مجالس الأعمال السورية المشتركة لتعزيز وتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بين الجمهورية العربية السورية والدول الأخرى.
في هذا السياق زاد الاهتمام بالدبلوماسية الاقتصادية في سوريا، إذ أعطى الرئيس الأسد مكانة هامة للبعد الاقتصادي للسياسة الخارجية لبلادنا من خلال تعميق هذه الرؤية وتحديث أدوات تجسيدها في كلمة ألقاها في افتتاح مؤتمر وزارة الخارجية والمغتربين بتاريخ 20 /8 /2017 أثناء حديثه عن التوجهات المستقبلية للسياسة السورية بقوله « دعوني أقول إن الاقتصاد السوري دخل في مرحلة التعافي ولو بشكل بطيء جداً ولكن بشكل ثابت على الرغم من أننا محاصرون إن لم نقل بشكل كامل فبشكل شبه كامل وهذا أيضاً من مهام الدبلوماسية السورية». في المقابل أكد رئيس مجلس الوزراء أيضاً على أهمية الدبلوماسية الاقتصادية، من خلال التحضير والاستعداد لإطلاق موجة جديدة من الدبلوماسية الاقتصادية والتعاون الاقتصادي والثقافي والتجاري بين الدول.
وخلال السنوات الأخيرة شهدت الدبلوماسية الاقتصادية السورية مجموعة تغيرات جديدة، منها دفع اتفاقية التجارة الحرة، واستخدام العامل الاقتصادي كأداة ترغيب وذلك عبر التسويق للفرص الاقتصادية والاستثمارية والتمويلية في مرحلة الإعداد لإعادة الإعمار والتكيف مع الصدمات المتتالية للأزمات المالية مما يشكل اتجاها واقعيا للدبلوماسية السورية، لضمان المصلحة الوطنية وصون الأمن القومي الاقتصادي، عبر ضبط موقع الدولة في الأحلاف التي تضمن لها تحقيق مصالحها وإستراتيجيتها الاقتصادية.
ولا نغفل العلاقة بين التغيرات التي تطرأ على الوضع الدولي والدبلوماسية الاقتصادية السورية، حيث استخدمت سوريا مبدأ «تعزيز العلاقات الدولية بدفع الاقتصاد في الدبلوماسية الاقتصادية الدولية، من خلال وضع أدوات جديدة لتجنيد أكبر لرؤوس الأموال سواء كانت وطنية أو أجنبية من أجل جعل بلدنا يحظى بأفضل اندماج إقليمي وعالمي، حيث تم تعيين يفيموف، السفير الروسي فوق العادة والمفوض لدى سورية ممثلاً خاصاً للرئيس الروسي لتطوير العلاقات مع سورية لمتابعة أمور التعاون الاقتصادي والاستثماري بين سورية وروسيا وهذا سيفتح سيفتح بالتأكيد «آفاقا حقيقية» أمام تكثيف العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، و زيادة حجم التبادلات التجارية والتعاون الاقتصادي المشترك بينهما، لتعكس قوة ومتانة الجسور الدبلوماسية.
من هنا فإن زيادة فعالية الدبلوماسية الاقتصادية السورية في ظل الظروف الراهنة، المترافقة بمرحلة إعادة الإعمار، وبدء دوران عجلة الإنتاج مجدداً، يقتضي الاستفادة من تلك التجارب، بحيث يتم تفعيل ما يسمى «النظام الدبلوماسي» المرتكز على الاقتصاد، بإدارة وزارة الخارجية، وبمشاركة وزارات الاقتصاد والتجارة الخارجية والمالية والسياحة والزراعة والصناعة، إضافة لمصرف سورية المركزي واتحادات التجارة والصناعة والزراعة والمصدرين وشركات التأمين والمصارف.
وختاماً...يتعين على سوريا استيعاب هذه الدبلوماسية الاقتصادية باعتبارها عاملاً أساسياًً من عوامل القوة والنمو، وعلى وزارة الخارجية والمغتربين أن تؤدي دوراً حاسماً في دعم منشآتنا في الأسواق الخارجية واستقطاب الاستثمارات الأجنبية التي تستحدث الوظائف في بلدنا، وهنا نؤكد استعداد سفاراتنا في الخارج للاستجابة وتقديم خدماتها عندما يُطلب منها ذلك، ولكن رغم ذلك يبقى سؤال الإشكالية الذي يفرض نفسه هنا هو:إن دبلوماسيتنا المنهمكة في الاستجابة للانشغالات التقليدية والأزمات المتعددة هل تتمكن على الدوام من تكييف أهدافها ووسائلها لتجعل من الرهان الاقتصادي أولوية لسورية؟ وهل تملك البديهة الاقتصادية حتى الآن بالقدر الكافي لتعزز قوة سورية الشاملة وتأثيرها على الساحة الدولية ؟