المفاوضات من أجل حل سلمي للأزمة في ليبيا، و ذلك خلال اللقاء الذي جمع الرجلين مساء الأربعاء 22 ماي في باريس. واعتبر حفتر أن «الظروف ليست مجتمعة» لوقف إطلاق النار. و كان الرئيس الفرنسي قد التقى رئيس الحكومة الليبية فايز السراج يوم 8 ماي بعد الاتهامات التي ألقاها السراج ضد فرنسا معتبرا أنها تساند حفتر في هجومه على العاصمة طرابلس منذ 4 أفريل الماضي.
وكان الرئيس ماكرون قد نفى أن تكون فرنسا وراء هجوم قوات حفتر على العاصمة الليبية وعبر للسراج عن مطالبة فرنسا «بوقف إطلاق نار فوري غير مشروط» وبالتفاوض في «حل سياسي». وأشار الإيليزي إلى رغبة باريس في «تحديد خط التماس لوقف إطلاق النار تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة». لكن ذلك لم يمنع قوات المشير حفتر من مواصلة القتال والتقدم في جنوب العاصمة الليبية.
حفتر في موقع قوة
وعبر حفتر عن موقفه للرئيس ماكرون معللا تدخله العسكري بسبب سيطرة «المليشيات الخاصة والمجموعات الراديكالية» على طرابلس متهما هذه المجموعات بمساندتها لحكومة السراج والضغط عليها من أجل عدم تطبيق الإتفاق الحاصل في أبو ظبي بين حفتر والسراج في شهر فيفري الماضي. واعتبر حفتر أن الخطر يكمن في تكوين مركز لتنظيم القاعدة وداعش في طرابلس. وكان وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لو دريان قد أشار من قبل إلى «ضبابية تعامل المجموعات التابعة للإسلام السياسي مع المجموعات الجهادية»، إشارة إلى جماعات الإخوان المسلمين التي يهاجمها جيش خليفة حفتر بدعم من مصر ودولة الإمارات العربية.
وندد المبعوث الأممي غسان سلامة أمام مجلس الأمن يوم الثلاثاء بخطورة تهريب السلاح إلى ليبيا مطالبا «الأطراف الفاعلة على الصعيدين الدولي والإقليمي بأن يدركوا أن ليبيا ليست مجرد جائزة ينالها الأقوى، بل إنها بلد يقطنه 6.5 مليون شخص يستحقون السلام ويحق لهم اختيار طريقهم للمضي قدماً بشكل جماعي». و كانت القنوات التلفزيونية الليبية قد بثت صورا يوم 18 ماي لوصول عتاد عسكري ثقيل لميناء طرابلس قادم من تركيا مما أغضب غسان سلامة. وهو الدليل نفسه الذي استغله حفتر لعدم قبول وقف إطلاق النار. و أشارت بعض المصادر الإستخباراتية أن ًأن جيش خليفة حفتر استخدم في هجومه على طرابلس طائرات «درون» بدون طيار من صنع صيني قصف بها مواقع للمليشيات الإسلامية.
تحرك دولي لحل الأزمة
لأول مرة منذ اندلاع الهجوم على طرابلس تحركت روما و باريس، العاصمتان الأوروبيتان المهتمتان بالملف الليبي ، عبر ملاقاة حفتر و السراج، للتوصل إلى وقف إطلاق النار بعد أن خلف الاقتتال أكثر من 510 قتيلا و 2467 جريحا حسب منظمة الصحة العالمية. و لم تتوصل إيطاليا و فرنسا إلى إقناع الطرفين باستعادة المفاوضات السياسية من أجل حل سلمي للأزمة.. وأعلن غسان سلامة أمام مجلس الأمن أن «ليبيا باتت قاب قوسين أو أدنى من الانزلاق في حرب أهلية بإمكانها أن تؤدي إلى تقسيم دائم للبلاد»، متوقعًا أن «يستغرق جبر الضرر الذي حدث إلى الآن سنوات» بعد الهجوم الذي شنته قوات الجنرال حفتر. لكن الجهود الدولية لإيقاف إطلاق النار تواجهها مساع مضادة من قبل تركيا و قطر من جهة ومصر والإمارات من جهة أخرى تسعى إلى السيطرة على التراب الليبي عبر حلفائها المحليين. وهو ما ينبئ بخطر زعزعة منطقة المغرب العربي في صورة استفحلت الأزمة. وأكدت مصادر عسكرية أوروبية أن قوات المشير حفتر تسعى في هذا الإطار إلى محاصرة المليشيات في طرابلس من أجل قطع طريق الإفلات نحو الحدود التونسية التي هي ملاذ اللاجئين الليبيين منذ اندلاع الثورة.