تشرح الأسباب التي دفعته إلى اتخاذ هذا القرار، الذي بدا مفاجئا للبعض، لكنه كان متوقعا لدى مراقبين.وفي خطاب مكتوب صريح إلى ترامب، تحدث ماتيس عن تزايد الشقاق واختلاف الرؤى بينهما، منتقدا ضمنيا عدم اكتراث الرئيس بأقرب حلفاء الولايات المتحدة.
وكتب ماتيس في الخطاب «ولأنه من حقكم أن يكون لديكم وزير دفاع له رؤى أكثر تقاربا مع رؤاكم في هذه الموضوعات وغيرها، فأعتقد أن من المناسب لي التنحي عن منصبي».وبينما جاءت استقالة ماتيس بعد يوم من قرار ترامب سحب قوات بلاده من سوريا، قال مسؤولون أمريكيون إنها لم تكن بإملاء من الرئيس ترامب، لكنها فهمت على أنها احتجاج على هذه الخطوة المفاجئة.
وأعلن ترامب الأربعاء الماضي أنه سيسحب قواته من سوريا، وعددها 2000 جندي، في قرار يمثل تحولا في السياسة الأمريكية بالمنطقة، ويزيد من احتمالات عودة تنظيم داعش المتشدد.
وقد نصح ماتيس الرئيس ترامب بعدم الانسحاب من سوريا، بحسب أحد المسؤولين الأمريكيين، الذي أشار إلى إنه كان من العوامل التي ساهمت في استقالته من منصبه.
أمريكا تعلن انسحاب جنود من افغانستان
على صعيد متصل أكدت الرئاسة الأفغانية، امس الجمعة، بعد الإعلان عن قرار سحب عدد كبير من الجنود الأمريكيين من البلاد، أن سحب «بضعة آلاف من الجنود الأجانب لن يكون له تأثير على أمن أفغانستان».
وصرّح متحدث باسم الرئيس أشرف غني، هارون شاه انصوري، على مواقع التواصل الاجتماعي، «إذا انسحبوا من أفغانستان، فذلك لن يكون له تأثير على الأمن لأن منذ أربع سنوات ونصف السنة، يمارس الأفغان فعلياً السيطرة الكاملة على الأمن».
وتنشر الولايات المتحدة حاليا نحو 14 ألف جندي في أفغانستان يعملون إما مع مهمة قوات حلف شمال الأطلسي «الناتو» لدعم القوات الأفغانية، أو في عمليات خاصة لمكافحة الإرهاب.
ويعتبر قرارا ترامب بشأن سوريا وأفغانستان نقطة تحول في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وقد يفتحان الباب أمام سلسلة من الأحداث المتتابعة غير المتوقعة في الشرق الأوسط وأفغانستان.ويأتي هذا الانسحاب مع دفع الولايات المتحدة من أجل إبرام اتفاق سلام مع طالبان.
وأشار خطاب ماتيس إلى اختلافه مع سياسات ترامب، معبرا عن قناعته بضرورة أن تحافظ الولايات المتحدة على تحالفاتها القوية وتظهر احترامها للحلفاء.
واحدثت استقالة ماتيس صدمة بين حلفاء الولايات المتحدة العسكريين الذين أربكهم نهج ترامب إزاء الأمن العالمي، والذي يصفونه بأنه يصعب التكهن به ويسير في خط منفرد.وأعلن ترامب في تغريدة على تويتر ترك ماتيس للمنصب، موضحا أنه سيرشح وزيرا جديدا قريبا. وقال: «سيتقاعد الجنرال جيمس ماتيس في نهاية فبراير بعد أن خدم في إدارتي وزيرا للدفاع على مدى العامين الماضيين».ومن المرشحين المحتملين لتولي المنصب السناتور الجمهوري توم كوتن، الذي يعتبر منذ فترة طويلة من أبرز المرشحين لتولي حقيبة الدفاع.
فوضى عالمية
اعتبرت شبكة «سى إن إن» أن وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس يتنحى في لحظة «مشحونة» بشكل غير عادي في السياسة الخارجية الأمريكية، في أعقاب القرار المفاجئ الذي اتخذه الرئيس دونالد ترامب بسحب القوات من سوريا، دون التشاور مع الحلفاء، أو بالكاد التحدث مع مستشاريه للأمن القومي .
وذكرت الشبكة الأمريكية - في تقرير نشرته امس الجمعة أن هذه الاستقالة تأتي في لحظة تنطوي على مخاطر كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، حيث يواجه الرئيس ضغوضا في الداخل، الأمر الذي قد يدفعه إلى اتخاذ قرارات أكثر اندفاعا في الخارج .. فالديمقراطيون سيتولون السيطرة على مجلس النواب الشهر المقبل، بينما يواجه الرئيس عدة تحقيقات - قد تسفر عن توجيه اتهامات خطيرة للغاية - ذلك في الوقت الذي تتراجع فيه شعبيته.
وألقت الشبكة الأمريكية الضوء في تقريرها على تحذيرين ظهرا جليا في خطاب استقالة ماتيس، مشيرة إلى أن هذا الخطاب لم يكن موجها لترامب وحده وإنما للجمهوريين وصانعي السياسة الأمنية ولمن يدرك تاريخ وتعقيدات السياسة الخارجية.
ووفقا للشبكة فإن التحذير الأول هو «أعتقد أنه يجب علينا أن نكون حازمين وواضحين في نهجنا تجاه الدول التي تتضارب مصالحها الاستراتيجية معنا بشكل كبير»، في إشارة إلى الصين وروسيا.في حين أن التحذير الثاني «إن قوة الولايات المتحدة ترتبط ارتباطا وثيقا بقوة نظام تحالفاتنا وشراكتنا، وبدون هذه التحالفات القوية لا تستطيع الولايات المتحدة حماية نفسها والدول الأخرى».
وتساءلت الشبكة الأمريكية حول ما إذا كان الحزب الجمهوري سينظر بعين الإعتبار إلى تحذيرات ماتيس، في الوقت الذي سيقوم فيه ترامب - على الأرجح - بإلقاء هذه الرسالة في سلة المهملات في المكتب البيضاوي.
ألمانيا تطالب أمريكا بتوضيح
من جهتها طالبت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير ليين امس الجمعة الولايات المتحدة بتوضيح الوضع بعد الاستقالة المفاجئة لوزير الدفاع جيمس ماتيس.
وقالت الوزيرة في بيان «نظرا لأن الولايات المتحدة تضطلع بدور مهم ومسؤولية في بنية الأمن العالمي فمن المهم للجميع الحصول على توضيح على نحو سريع بشأن من سيخلفه (ماتيس) والمسار المستقبلي».