وسائل الإعلام الفرنسي تجمع على التنديد بمجازر غزة

“سفارة و مجزرة «، “سفارة الفتنة”، “ حمام دم في غزة”، يوم دموي في غزة،

بمثل هذه العناوين قامت وسائل الإعلام الفرنسية، على غير عادتها، بتغطية واسعة لانتفاضة الفلسطينيين في غزة ضد نقل الولايات المتحدة الأمريكية سفارتها إلى القدس. و نددت جل الصحف بعمليات جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المواطنين الفلسطينيين الذين تظاهروا على الحدود مع “إسرائيل”.

في نفس الوقت الذي كانت فيه كل قنوات التلفزيون الفرنسية تبث مراسم تدشين السفارة الأمريكية أخذت صور تقتيل الفلسطينيين مكانا على الشاشات جانب مهزلة التدشين. و انقلب النقل المباشر من القدس إلى تنديد على الهواء بالمجازر الإسرائيلية للشباب المتظاهر على الحدود الفلسطينية الإسرائيلية في غزة. وعلق الصحفيون والخبراء على صور القناصة المتواجدين على الهضاب والذين يطلقون النار صوب النساء و الشباب و الأطفال مستعملين عبارات تنديد لم يسبق للصحافة الفرنسية أن استعملتها من قبل.

نفس الموقف سجلته وسائل الإعلام المسموعة و المكتوبة على الصحف اليومية والأسبوعية وعلى المواقع الإلكترونية التي قامت بتغطية واسعة لما يحدث على حدود غزة. وانقلب الاحتفال إلى مهزلة والاعتراف الأمريكي بالقدس كعاصمة لدولة إسرائيل برهانا على شرعية مطالبة الشعب الفلسطيني بحقوقه. ورجعت في مختلف الخطابات التي بثتها وسائل الإعلام الفرنسية مفاهيم كانت قد نسيت و تم تجاهلها مثل «الاحتلال الإسرائيلي» و «حق العودة للاجئين» و «القدس عاصمة الدولتين». و كأن القمع الإسرائيلي لشباب غزة قد أفرز، دون علم أو إرادة، نقيض ما كان يصبو إليه من غرس مفهوم تأصيل القدس في الكيان الصهيوني.

تنديد بالموقف الأمريكي
ولم تتأخر الصحف الفرنسية عن تحميل المسؤولية القصوى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي «أشعل النار» و «نفخ في اللهيب» باتخاذ قراره الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. و جاء على لسان ألكسندرا شوارتسبرود في جريدة «لبيراسيون» أن «الإستفزازات هي من جانب دونالد ترامب و بنيامين نيتانياهو» مضيفة «إنه من الوقاحة القصوى أن يتجرؤوا على النطق بكلمة «السلام» بعد أن أضرموا النار في الأراضي» الفلسطينية.

وأقرت جريدة لوموند في افتتاحيتها «بالمشهد السكيزوفريني والبذيء للإحتفالات الدبلوماسية الأمريكية الإسرائيلية في القدس» و اعتبرت أن «هذا اليوم المأساوي رفع القناع عن التخلي عن قطاع غزة و 9،1 مليون ساكن». ونددت الجريدة بالحصار المطبق على القطاع منذ 2007 وغض نظر حركة حماس والسلطة الفلسطينية عن تعاسة الغزاويين الذين دمروا وجرحوا بثلاثة حروب في عشرة أعوام». واعتبرت الجريدة أن غضب أهالي غزة لم يكن ليحتاج لتوظيف حركة حماس له خلافا لتصريحات بنيامين نتانياهو وغارد كوشنار ، بل أن الهجوم على الأسلاك العازلة الإسرائيلية هو أمل، ولو أنه أمل أحمق، في استعادة أراضي الأجداد و الهروب من السجن».

حرب على العالم الإسلامي
واعتبرت الصحافة الفرنسية أن القمع الإسرائيلي و موكب الاحتفال في القدس هو بمثابة الحرب ، «حرب شنها دونالد ترامب على العالم الإسلامي: كما جاء على لسان جون لوفالوا في جريدة «لا براس دي لا مانش». و أجمعت الصحف أن موقف دونالد ترامب يهز أركان الإستقرار في منطقة الشرق الأوسط. «واست فرانس» نددت ب «إضرام النار في منطقة لا تخلو من جمر»، في حين تساءل ديني جامبار في «نيس ماتان» «كيف يمكن التعامل مع رئيس هو حليف تاريخي له مواقف تمس بالسلام في العالم؟ »

و ختم غيوم غوبار في «لاكروا» بقوله «إن مسؤولية الشركاء الدوليين هي في الاعانة على التوصل إلى مخرج و ليس سكب الزيت على النار». أما جون ميشال هلفيغ في «لا ريبوبليك دي يريني» فقد أقر أن «المنطقة خطرة قبل ترامب لكنها أصبحت متفجرة معه». كل هذه العبارات الموجهة تجاه إسرائيل والولايات المتحدة تعتبر فاتحة عهد جديد للصحافة الفرنسية التي لم تعتد أن تصرح بمواقفها بهذا الشكل في موضوع المسألة الفلسطينية.موقفها التقليدي كان، في العقود الماضية يخضع للقرار الإسرائيلي، بل بالأحرى لهيمنة الجالية الإسرائيلية في باريس على وسائل الإعلام والشخصيات الفاعلة فيه. لكن هذه المرة، قوة الصورة الناطقة بالحق، في عالم ليست له حدود، جعل أجهزة الإعلام تتحرر من وطأة اللوبيات - ولو ليوم يتيم - ومن تدخل المؤسسات الداعمة لإسرائيل في كل الحالات وبكل السبل .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115