التقليدي بممثلي الديانات في فرنسا الذي ينظمه رئيس الدولة في بداية السنة الإدارية للتهنئة بالعام الجديد. و شرع جيرار كولومب وزير الداخلية و المسؤول عن الشعائر في دراسة الموضوع من كل جوانبه قبل تقديم مقترحاته.
هيكلة الإسلام في فرنسا كانت منذ عقود شأن كل الرؤساء المتعاقبين على قصر الإيليزي الذين ، بدءا من جاك شيراك وصولا إلى فرنسوا هولاند، أسسوا للهيكلة الحالية التي اختارها نيكولا ساركوزي بإرساء هيئة «تمثيلية» عام 2005 سميت المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية. و اعتمدت السلطات في تكوينها على «الإسلام القنصلي» أي الهيئات المساندة و الممولة من قبل الدول الإسلامية و في طليعتها الجزائر والمغرب و تركيا و قطر.
مشاكل و أزمات
ينطلق العزم الرئاسي لإصلاح أحوال الإسلام في فرنسا من تعدد المشاكل المتعلقة بالجالية المسلمة و بظهور الإرهاب في صفوفها وبتشتت هيئاتها و ممثليها . وبالرغم من تشكيل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية عام 2005 لتنظيم الجالية المسلمة و العلاقة مع السلطات فإن ذلك لم يمنع تفشي الفكر التكفيري والحركات السلفية العنيفة والمجموعات الإرهابية مما أدى إلى تعدد الهجمات الإرهابية ابتداء من نوفمبر 2015 والتي ذهب ضحيتها عشرات المدنيين الفرنسيين من ديانات مختلفة.
من ناحية أخرى، أصبحت المسألة الإسلامية محل أنظار الأحزاب والجمعيات الأهلية والشخصيات الوطنية التي انقسمت بين مساند لفكرة «تماشي الإسلام مع الديمقراطية» ومعارض لتواجد الإسلام في فرنسا و اعتباره عارضا مرضيا وجبت معالجته. الأرقام الرسمية المتعلقة بعدد الأشخاص المراقبين من قبل أجهزة أمن الدولة يفوق 15 ألف شخص. ويعتبر بعض الخبراء أن العدد الحقيقي لمساندي الجهاديين يفوق 20 ألف. وهو جيش افتراضي أصبح يهدد أمن و سلامة المجتمع ووجب التوصل إلى حل جذري له مع إعادة هيكلة الإسلام بصورة تدمجه في المجتمع وتضمن العيش المشترك الآمن.
حذر وعزيمة
منذ أن انطلق إيمانويل ماكرون في حملته نحو قصر الإيليزي حدد توجهه بالدفاع عن النظام اللائكي عندما احتفل بجان دارك مع تمسكه بالبعد المسيحي للهوية الفرنسية. في نفس الوقت لزم الصمت في المسائل المتعلقة بالإسلام خلافا لفرنسوا هولاند الذي كرر مرارا أن «الإسلام يتطابق والديمقراطية» وكذلك للوزير الأول السابق مانويل فالس الذي شن حملة ضد الحركة السلفية واعتبر أن الخطر يكمن في «الفاشية الإسلامية». وبقي ماكرون بعيدا عن متاهات الجدل الإيديولوجى متوخيا نهجا براغماتيا بدأ بطرح المسألة الإسلامية كقضية شائكة وجب حلها قبل الشروع في مشاورات عريضة تخلص إلى حل نهائي.
لكن الوعي بالمشكلة يبقى منقوصا لأن القضية تم التعامل معها منذ البداية بخلط المفاهيم بين المسلم والمهاجر وبين المسلم والإرهابي وبين الفرنسي المسلم والمهاجر المسلم. ولم تجد الطبقة السياسية و الثقافية في فرنسا طريقة سهلة لحل المشاكل العالقة مع تنامي الحركة القومية وأطروحاتها العنصرية الرافضة للآخر. هذه المرة شرعت السلطات الفرنسية في السماع للمختصين في مراكز البحوث وللشخصيات الفرنسية المسلمة وللناشطين في المجتمع المدني لطرح المسائل العديدة الشائكة المتعلقة بهيكلة التمثيلية وتمويل المساجد وبنائها و»فرنسة» الأيمة وتكوينهم الجمهوري ومقاومة التطرف الديني وتنظيم الإقتصاد «الحلال» والجمعيات الثقافية والروحانية الإسلامية وإدماج الجالية المسلمة في المجتمع على أساس احترام العقد الجمهوري. أشغال هرقلية أمام السلطات الفرنسية تبدأ، كما أشار إلى ذلك الجامعي التونسي الفرنسي حكيم القروي في تقرير جهزه للغرض، بأنه «وجب التخلي عن فكرة أن الإسلام دين أجنبي، دين أجانب لهم مشاكل يعتني بها أجانب. فرنسا لها سيرة مسيحية وذلك لم يمنع اليهودية من أن تصبح دينا فرنسيا، كذلك الشأن بالنسبة للإسلام اليوم.»