والإقليم بكل تشعباتها الاقتصادية والتنموية والسياسية ..اما خارجيا فلم يتوان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم يوم امس عن التلويح بأقسى رد على ما اعتبره - تهديدا لأمن انقرة القومي عند الحدود - في حين تحدثت ايران عن وضع خارطة طريق جديدة للحفاظ على وحدة العراق.
وبغض النظر عن الدوافع التي تقف وراء هذا الرفض المطلق لأي شكل من اشكال الاستفتاء على الانفصال من قبل تركيا وايران فان الاكيد ان هذه الخطوة تؤشر لبدء صفحة جديدة في المنطقة ، عنوانها الابرز هو النزعات الانفصالية ..
واقع مفكك
يقول أنس الطراونة الباحث الاردني في العلاقات الدولية ومدير المركز الأوروبي العربي للدراسات الإستراتيجية اننا اليوم ازاء كيانات انفصالية جديدة تعبر عن واقع مفكك جغرافي وديمُغرافي وعقائدي أوجدها وغذاها الواقع الغربي والعربي والإقليمي. ويضيف في حديثه لـ «المغرب»: بعيدا عن العاطفة ومن منظور واقعي سلكته الدول الواقعية والتي تنتهج نهج نظريات القوة والنظم السياسية فهذه التقسيمات ستحصل اليوم أو مستقبلاً ، فالسبب الرئيسي لوجود محاولات للانفصال عن هذا الواقع العربي، يعود الى إزدياد الإختلافات في الرؤى السياسية والمذهبية سواء كان بين الدُول مجتمعة أو داخل الدولة الواحدة مما أدى إلى ضعف هذه المنطقة إضافة إلى طمع الدول الغربية والإقليمية «. وقال ان دعوة كردستان العراق للانفصال ليست مستغربة بل متوقع حدوثها منذ معاهدة سيفر عام 1920 ». وتعد القومية الكردية رابع أكبر تجمع قومي في الشرق الأوسط». وقال محدثنا انه ليس من المستغرب ان نرى في المستقبل دعوات لإنشاء إقليم سني أو شيعي في كل من العراق وسوريا بسبب عدم سيطرة النظامين على الوضع في البلاد».
وأضاف :«الحكومة العراقية محرجه اليوم جراء انفصال كردستان ، إضافة إلا أن الاكراد كانوا مشاركين وفاعلين في المعركة ضد الارهاب في كل من العراق وسوريا».
أكراد سوريا
اما فيما يتعلق بمحاولة الأكراد إقامة إقليم ذاتي داخل سوريا، فاعتبر الطراونة ان هذه الخطوة ما زال الحكم عليها مبكراً بسبب تعقد الوضع في سوريا أكثر من العراق ، باعتبار أنّ قوات النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية (الكردية) تتقاطع مصالحهما ضد عدو واحد وهو تنظيم داعش الإرهابي كما نشهد مؤخراً في دير الزور . لكن دمشق مؤخراً بدأت تشعر برغبة أكراد سوريا في البحث عن إنشاء إقليم ذاتي ، فهذا ما دفع وزير الخارجية السوري وليد المعلم خلال لقائه الأخير على قناة «روسيا اليوم» الى ابداء رفض بلاده لاستفتاء كردستان العراق , لكنه أعرب في الآن معا عن استعداد دمشق للحوار مع الأكراد السوريين بشأن إنشاء إقليم ذاتي لهم بعد إنتهاء الحرب على داعش . وهو بذلك يوجه رسالة لأكراد سوريا من خلال مخاطبة أكراد كردستان بضبط ساعتهم الجغرافية بعيدا عن سياسة كردستان العراق».
ان السيطرة على توجهات الأكراد السوريين مستقبلا سيكون صعباً ، فالأزمة السورية ومآلاتها العسكرية وفرت لهم نصيبا أكبر من الأرض ، فأكراد سوريا اليوم يعلنون نظامهم الفدرالي من خلال توسعهم بالسيطرة على ثلاثة أقاليم وهي : الجزيرة (محافظة الحسكة، شمال شرق) والفرات (شمال وسط ، وتضم أجزاء من محافظة حلب وأخرى من محافظة الرقة) وعفرين (شمال غرب، تقع في محافظة حلب) . وهذا التوسع الكردي في سوريا – بحسب الطراونة -سيقوي وجود الأكراد عسكرياً وسياسياً للمطالبة بإنشاء إقليم ذاتي تمهيدا لأية خطوة انفصالية».