ماذا يمكن أن نستخلص من هذه الدورة الأولى؟ أولا هي نهاية الاستقطاب الثنائي في فرنسا. الأرقام المسجلة تشير إلى تواجد أربع كتل انتخابية تمثل أربع عائلات سياسية متقاربة الحجم لكل منها ربع الناخبين تقريبا: الجبهة الوطنية و الحزب الجمهوري و اليسار الراديكالي و حركة «إلى الأمام». أما الحزب الإشتراكي فإنه خرج من الرادارات كقوة سياسية فاعلة. وسوف ننتظر التحولات على صعيد نتائج الانتخابات التشريعية لشهر جوان القادم لتحديد المشهد السياسي الفرنسي المؤسس على الأغلبية البرلمانية الجديدة.
المعطى الثاني لهذه الانتخابات هو تسجيل إخفاق الأحزاب التي شاركت في انتخابات تمهيدية في الوصول إلى الدورة الثانية. وهو ما يطرح جدوى مثل هذه الممارسات في بلد مثل فرنسا. «التمهيدية» نظام انتخابي يمارس في الولايات المتحدة مفتوح لكل سياسي يريد رئاسة ولاية أو المشاركة في الكونغرس أو الترشح للبيت الأبيض. وهو يستلزم الذهاب إلى القواعد ببرنامج انتخابي وهي التي تقرر من له حظوظ النجاح. أما الحزب فهو عبارة عن إدارة سياسية لا غير تدير شؤون الترشح و تنظم المؤتمر الانتخابي. هذا النظام أظهر في فرنسا الانشقاقات داخل الأحزاب وحول الأنصار إلى أعداء و في النهاية حطم إمكانيات النجاح لكلا الحزبين.
المعطى الثالث هو صعود الأحزاب الراديكالية التي تمثل قرابة نصف الناخبين من اليمين واليسار. وهو ما يفسره تخلي النخب السياسية عن وعودها الإنتخابية وانضمامها لأطروحات كبرى الشركات المعولمة ضد مصالح مختلف فئات الشعب الكادح مما أحدث أزمة ثقة في الطبقة السياسية المتعاقبة على السلطة منذ عقود. وهو ما يفسر عزوف الناخبين في الإنتخابات الأوروبية والجهوية وحتى البلدية. لكن الإنتخابات الرئاسية تبقى بحكم نظام الحكم الرئاسي أهم فرصة لفرض تغيير في التوجهات عبر اختيار مرشح معين.
«إلى الأمام» و رهان الحكم
المشهد السياسي الجديد سوف يترأسه حتما إيمانويل مكرون الذي التفت حوله قوى «الجبهة الجمهورية». حسب التصريحات المتكررة لمكرون، إستراتيجيته تهدف إلى إحداث «ثورة» في إدارة الشأن العام بتحرير الاقتصاد من قيوده التقليدية ومقاومة البيروقراطية وتصفية ما تبقى من ضوابط قانون الشغل و ضرب هيمنة النقابات داخل المؤسسات و التي شرع في تحقيقها عندما كان وزيرا للاقتصاد. هذه «الثورة المحافظة» التي بشر بها إيمانويل مكرون و التي.....