البرلمان الأوروبي يصنّف روسيا «دولة راعية للإرهاب»: قرار «رمزي» يعزّز القطيعة بين موسكو والغرب

على صعيد اتّساع الفجوة في العلاقات بين موسكو والدول الغربية . واعتبر مُحلّلون ان القرار محاولة من دول أوروبا -الغاضبة من روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا -لعزلها عن باقي دول العالم كعقاب لها على تعنتها في جبهة كييف .
وقد صوّت البرلمان الأوروبي على نص يصف روسيا بأنها «دولة راعية للإرهاب» على خلفية حربها في أوكرانيا والتي بدأت في فيفري 2022، داعيا دول الاتحاد الأوروبي الـ27 إلى إتباع نهجه.
وترجم القرار رغبة أوكرانية لطالما دعا لها الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلنسكي منذ شهر جوان المنقضي، غداة الهجمات العسكرية التي تشنها روسيا ضدّ بلاده .هذه الدعوة الأوكرانية قابلها في البداية رفض غربي خشية اتساع الهوة والتوتر بين الجانبين الغربي من جهة وروسيا من جهة أخرى. ويرى مراقبون أن الرضوخ الغربي وتصنيف موسكو كدولة راعية للإرهاب-رغم رمزية القرار» ، سيؤجج الصدام بين كافة الأطراف لأن موسكو لن تبقى دون ردّ.
وأرجع البرلمان الأوروبي، الأربعاء قراره إلى أنّ الضربات العسكرية التي تنفذها موسكو على أهداف مدنية مثل البنية التحتية للطاقة ومستشفيات ومدارس وملاجئ في أوكرانيا تنتهك القانون الدولي. وغردت رئيسة البرلمان روبرتا ميتسولا: «البرلمان الأوروبي يتعرض لهجوم إلكتروني معقد. تبنته جماعة موالية للكرملين».وقال النائب الألماني راسموس أندرسن «هجوم اليوم على أنظمة البرلمان الأوروبي هو طلقة تحذيرية. إنه هجوم على قلب أوروبا الديمقراطي».وأضاف «لا نعلم حتى الآن» ما إذا كان الهجوم مرتبطا بالقرار الخاص بروسيا، لكنه أشار إلى أن أنظمة البرلمان «لم تكن معدة بشكل كافٍ» للتصدي لهجوم إلكتروني.
ماالذي يعنيه القرار؟
ووفق النص المنشور تم التصويت في البرلمان بأغلبية 191 صوتا مقابل معارضة 58 صوتا وامتناع 44 عن التصويت، وهو قرار وصف فيه النواب الأوروبيون «روسيا بأنها دولة راعية للإرهاب ودولة تستخدم وسائل إرهابية».
ووفق قراءات في الغرض تعدّ «الخطوة رمزية إلى حدّ كبير إذ انه ليس لدى الاتحاد الأوروبي إطار عمل قانوني يدعم ذلك»، ليبقى الأهم من هذا القرار فرض التكتل لعقوبات غير مسبوقة على روسيا بسبب غزوها أوكرانيا في تتمة لحزمات سابقة من العقوبات الاقتصادية المجحفة ضدّ موسكو.
ويرى شق أنّ البرلمان الأوروبي لم يكن ليصدر قراره ما لم يكن هناك ضوء أخضر من الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية نظرا لتناسق مواقفهما تجاه الحرب الروسية الأوكرانية. فيما اعتبر شق آخر أن المعاملات ستكون حاضرة لحسم موقف بعض دول الإتحاد الأوروبي المعروفة بمصالحها المشتركة موسكو أيضا.
على صعيد الردّ الروسي يؤكد باحثون أن الرد لن يكون بالأهمية المنتظرة باعتبار أن موسكو اليوم في خضم حرب تستوجب منها التركيز سياسيا واقتصاديا على كسبها دون النظر إلى أية منغصات أخرى . فيما يرجح البعض أنّ القرار الأخير هو قرار رمزي بالأساس لكنه يؤكد وجود تخبط غربي لضرب موسكو التي لم تخضع لشروط أوروبا في أوكرانيا .
هذا وقد رفعت العواصم الغربية مستوى تزويد أوكرانيا بالعتاد العسكري والذخيرة، وخاصة الأنظمة المضادة للهجمات الجوية الروسية حيث وصلت المساعدات العسكرية التي قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية إلى حد الآن 40 مليار دولار لتمويل الصفقات العسكرية لفائدة كييف . علاوة على مجهودات حلف الناتو لتزويد أوكرانيا بالذخيرة المصنعة في قبرص.
تداعيات مرتقبة
ويرى متابعون أنّ الغرب بعد إتباعه لسياسة العزلة الاقتصادية عبر فرض حزمة غير مسبوقة من العقوبات على الجانب الروسي والتي كانت نتائجها مزدوجة على موسكو وعلى الدول الغربية على حدّ سواء، ومحاولته تقديم الدعم للجيش الأوكراني في محاولة لإنهاك جيش بوتين وبالتالي إطالة المعركة وتأجيل مرحلة الحسم في غير صالح الدب الروسي ومنعه من مزيد التقدم نحو مدن أوكرانية أخرى ومنع سيطرته على أرض النزاع.
ويربط متابعون القرار الرمزي الأخير في سياق هذه الإطالة وتضييق الخناق على موسكو . إذ يؤكّد البعض أنّ دعم الغرب لكييف بالسلاح سيكون محدودا ولن يصل إلى حجم الترسانة العسكرية التي تمتلكها موسكو وهي الأهم في العالم ما يجعل البحث عن بدائل موجهة لإيلام روسيا هو الحل في الوقت الراهن خاصة في ظلّ الفشل في إقناع الأطراف المعنية على الإتجاه نحو الحلول الدبلوماسية.
وفي سياق تشديد العقوبات قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، خلال زيارة لها إلى فنلندا أمس الخميس، «إن الاتحاد الأوروبي يعد حزمة تاسعة من العقوبات ضد روسيا ردا على هجومها على أوكرانيا».
وذكرت فون دير لاين في مؤتمر صحفي «نعمل جاهدين على استهداف روسيا في المجالات التي تؤلمها لتقويض قدرتها على مواصلة الحرب على أوكرانيا، ويمكنني أن أعلن اليوم أننا نعمل بكل طاقتنا لإعداد حزمة عقوبات تاسعة».
وأضافت «أنا على ثقة من أننا سنتفق قريبا على سقف عالمي لسعر النفط الروسي مع مجموعة السبع والشركاء الرئيسيين الآخرين. لن يهدأ لنا بال حتى تنتصر أوكرانيا على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحربه الهمجية غير القانونية».