أسدل الرئيس الأول للمحكمة الإدارية يوم أمس الأربعاء 10 أوت الجاري الستار على ملف الطعون المقدمة من قبل القضاة المعفيين في توقيف تنفيذ الأمر الرئاسي عدد 516 المؤرخ في غرة جوان الفارط، حيث قضى بقبول ما يقارب الخمسين طعنا مقابل رفض بقية الطعون في موعد انتظره القضاة كثيرا خاصة بعد الجدل الذي أحدثه إمهال وزارة العدل وتأجيل النطق بالأحكام.
توجد طعون أخرى في الأصل من أجل إلغاء الأمر الرئاسي عدد 516 المتعلق بالإعفاءات وقد تم إيداعها لدى المحكمة الإدارية وتعود مهمة الفصل فيها والتي تستغرق سنتين أو أكثر إلى الدوائر الاستئنافية في الطور الابتدائي والجلسة العامة القضائية في الطور الاسئتنافي خلافا لطعون توقيف التنفيذ التي تتسم بصبغة الاستعجال ويكون البتّ فيها في غضون شهر كأجل أقصى.
بداية الحكاية
انطلقت «المعركة» بين رئيس الجمهورية قيس سعيّد والقضاة في مطلع جوان المنقضي عندما صدر الأمر الرئاسي عدد 516 والذي تم بمقتضاه إعفاء 57 قاضيا وقاضية لشبهات فساد مالي وأخلاقي وفق ما صرح به سعيّد في مجلس وزاري سابق للأمر، علما وان الساحة القضائية على صفيح ساخن منذ صدور قرار حلّ المجلس الأعلى للقضاء وتعويضه بمجلس مؤقت، حيث عمّت حالة من الاحتقان والغضب في صفوف أهل الدار وقد اجتمعت الهياكل ضمن تنسيقية مشتركة قادت سلسلة من الاحتجاجات الرافضة للمرسوم عدد 35 وللأمر عدد 516 أبرزها تعليق العمل بالمحاكم لمدّة شهر كامل ودخول خمسة من القضاة المعفيين في إضراب عن الطعام على أمل أن يتراجع رئيس الجمهورية ولكن دون جدوى، وقد قامت وزارة العدل من جهتها باقتطاع أيام الإضراب من أجور القضاة.
طعون توقيف التنفيذ «الأمل الوحيد»
رغم أن المرسوم عدد 35 لسنة 2022 المؤرّخ في 1 جوان 2022 يتعلّق بإتمام المرسوم عدد 11 لسنة 2022 المؤرخ في 12 فيفري 2022 المتعلق بإحداث المجلس الأعلى المؤقت للقضاء قد منع الطعن في أمر الإعفاء إلا يعد الفصل في الملفات الجزائية للقضاة المشمولين به إلاّ أن هؤلاء قد توجهوا إلى المحكمة الإدارية أين أودعوا طعونا استعجالية في توقيف التنفيذ وأخرى أصلية في إلغاء الأمر عدد 516، وقد انطلق الرئيس الأول للمحكمة الإدارية في القيام بسلسلة الإجراءات المعمول بها، حيث راسل كل من رئاستي الحكومة والجمهورية ووزارة العدل للردّ على الطعون باعتبارها أطرافا في النزاع واستكمل بعد ذلك جميع التحقيقات اللازمة وتم الإعلان على أن الأحكام ستصدر خلال الأسبوع الفارط ولكن اضطرّ الرئيس الأول للمحكمة الإدارية للتأجيل بعد أن وجّهت له وزارة العدل طلب إمهال لتقديم المؤيدات، وهو ما أثار حفيظة القضاة المعفيين الذين طال انتظارهم خاصة وان الأجل الأقصى للبتّ في هذه القضايا شهر وقد تم تمكين الوزارة من الردّ في وقت سابق،كما عبرت هيئة الدفاع عن امتعاضها من تجاوز تلك الآجال وأبدت مخاوف من أن يكون هناك محاولة للضغط على القضاء.
الرئيس الأول قال كلمته
بعد حالة الاحتقان والانتظار اللذين سادا الساحة القضائية وخاصة في صفوف القضاة المشمولين بآمر الإعفاء أصدر الرئيس الأول للمحكمة الإدارية قراراته بخصوص الطعون المحالة عليه، حيث قبل ما يقارب الخمسين طعنا تقريبا مقابل رفض سبعة مطالب والسبب هو وجود تتبعات جزائية لأصحابها، وفق ما أفاد به كمال بن مسعود عضو هيئة الدفاع عن القضاة المعفيين في تصريح لـ«المغرب»،كما أوضح أن القضاة الخمسة الذين نفذوا إضراب الجوع كانوا ضمن المقبولة طعونهم وأن هذه القرارات باتة ولا تقبل أي وجه من أوجه الطعن سواء بالاستئناف أو بالتعقيب. قرارات أعادت الأمل للقضاة المعفيين الذين وصفوا هذه الخطوة بأنها ردّ اعتبار لهم بعد «المظلمة» التي تعرضوا لها و انتصار للعدالة وفق تعبيرهم.
ماذا بعد..؟
قرارات توقيف التنفيذ الصادرة عن الرئيس الأول للمحكمة الإدارية تعتبر نهائية ويجب تنفيذها وذلك بإعادة القضاة المعنيين إلى سالف خططهم قبل صدور الأمر عدد 516، أما عن طريقة التنفيذ والجهة المعنية فقد قال بن مسعود «ما إن يتحصل القضاة المعنيون على نسخة تنفيذية ويتم إعلام الجهات المعنية وهم رئيس الجمهورية ورئاسة الحكومة ووزارة العدل والمجلس الأعلى المؤقت للقضاء فإنه لا بد من الإذعان لموجبات هذه القرارات مع ضمان كل حقوق القضاة وامتيازاتهم التي كانوا يتمتعون بها سابقا، بالاضافة إلى تمكينهم من مرتباتهم التي حرموا منها لأشهر جوان وجويلية وأوت» أما بخصوص الجهة المخولة لتنفيذ تلك القرارات فقد أكد كمال بن مسعود أن إعادة إدماج القضاة المقبولة مطالبهم من صلاحيات المجلس المؤقت للقضاء العدلي الذي يقوم بإعداد الحركة القضائية وهي مناسبة لإعادة القضاة إلى مناصبهم السابقة طبقا لتلك الأحكام ولا يكون الإرجاع بأمر رئاسي أو غيره». هذا وقد بيّن عضو هيئة الدفاع أن منحة الإعفاء الذي تم صرفها للقضاة المعنيين والذين قبلت مطالبهم لم تعد مستحقة ويجب إرجاعها.
العكرمي خارج القائمة وملف راشد في التحقيق
أكّد كمال المسعودي عضو هيئة الدفاع عن القضاة المعفيين أن العدد الجملي للمطالب المرفوضة هو سبعة بسبب وجود تتبعات جزائية، ومن أبرز الأسماء التي ضمتها هذه القائمة القاضي ووكيل الجمهورية السابق بشير العكرمي الذي تم إيقافه عن العمل وإحالة ملفه على أنظار النيابة العمومية من قبل مجلس القضاء العدلي المنحل والذي قدم طعنا في الغرض لدى المحكمة الإدارية واستجابت له في كل الأطوار. أما عن مطلب الطعن في إيقاف تنفيذ قرار الإعفاء الذي تقدم به الرئيس الأول السابق لمحكمة التعقيب فإنه حسب ما توصلنا إليه من معطيات لا يزال قيد التحقيق لأنه قدمه بصفة فردية وفي تاريخ لاحق لبقية الطعون في انتظار صدور القرار بشأنه.
مطالبة وزيرة العدل بالاستقالة
في الوقت الذي كثر فيه الحديث عن توتر العلاقة بين وزيرة العدل ليلى جفّال ورئيس الجمهورية على خلفية ملف القضاة المعفيين خاصة وأنه لم يستقبلها منذ 6 جوان المنقضي فإنه وبعد صدور القرارات هناك من القضاة من حمّلوا جفّال الجزء الكبير من المسؤولية في هذا الملف حيث صرح أنس الحمادي أنها هي التي دفعت رئيس الجمهورية إلى إصدار الأمر، من جهة أخرى فهناك من طالبها بالاستقالة أو بإقالتها من قبل رئيس الجمهورية.
المحكمة الإدارية تقول كلمتها في طعون القضاة المعفيين: إيقاف تنفيذ أكثر من 45 قرارا، رفض 7 مطالب والكرة في ملعب المجلس المؤقت للقضاء العدلي
- بقلم نورة الهدار
- 11:43 11/08/2022
- 873 عدد المشاهدات
• مطلب بشير العكرمي من بين المطالب المرفوضة
• ملف الطيب راشد قيد التحقيق في انتظار الحكم
• قضاة يطالبون جفّال بالاستقالة