بين غلق الفانات والسماح «المؤقت» لاستئناف النشاط: التنسيقيات «الفاعل الوازن» في قيادة الحراك الاحتجاجي وإدارة التفاوض

«التنسيقيات» لفظ أصبح وسيصبح متداولا بكثرة في الفترة القادمة على ما يبدو إذ أن جلّ الاحتجاجات الشعبية اتجهت للتنظم من خلال تنسيقيات»

والتي باتت هي الجهة التي تقود التحركات وتتفاوض باسم المحتجين بل وتمارس ضغطها على الدولة، والتنسيقيات باتت ظاهرة حاضرة بقوة في عدة جهات في حراكها الاحتجاجي، ظاهرة تتقاطع مع فكرة الرئيس وتعوض السلط الجهوية والمحلية والمنظمات الجهوية، فهذا التنظيم غير التقليدي يرفض التعامل مع الأحزاب والمنظمات الوطنية ويخير التفاوض باسمه بسبب انعدام الثقة.

لا حديث في الفترة الأخيرة إلا عن الضغوطات التي باتت تمارسها التنسيقيات خلال الحراك الاحتجاجي، تنسيقيات استطاعت بفضل تمسكها بمطالب الجهة أن تدير التفاوض مع وفود حكومية وتمكنت من النجاح في الاستجابة إلى مطالبها، في إشارة إلى تنسيقية اعتصام الكامور بولاية تطاوين التي مارست إلى آخر حد الضغط لتخرج بعد اعتصام دام لأشهر وتعطيل الإنتاج باتفاق يستجيب لجلّ المطالب المرفوعة، ولم نعد نتحدث -اليوم- فقط عن ظاهرة «التنسيقيات» بل غلق وسائل الإنتاج أو مناطقها ما يعرف بـ«الفانا»، وظهرت أدوات وطرق جديدة للاحتجاج والضغط من أجل تحسين شروط التفاوض والخروج بأكثر مكاسب.

فتح المجال لاستئناف نشاط معامل الغاز لمدة محددة
بعد تنسيقية اعتصام الكامور بولاية تطاوين، برزت عدة تنسيقيات أخرى على مستوى الولايات الغاضبة والمحتجة والتي تطالب بحقها في الخيرات التي تتمتع بها، تنسيقيات اعتمدت ذات التمشي الذي اعتمدته تنسيقية الكامور، مثال ذالك تنسيقية اعتصام الصمود 2 بولاية قابس والتي تنفذ اعتصاما منذ أكثر من أسبوعين والتي قامت بغلق وحدات تعبئة الغاز في المنطقة الصناعية بقابس، اعتصام كان له تأثير كبير على مستوى تزويد بعض الولايات بالغاز المنزلي وقد خلف غضب الولايات المتضررة خاصة صفاقس التي قامت بدررها كردّ فعل على ذلك بغلق مستودعات توزيع المحروقات المتمركزة بالصخيرة، غلق وحدات تعبئة الغاز في المنطقة الصناعية بقابس كان له تأثير كبير على التزود بمادة الغاز في عديد المناطق، الأمر الذي أجبر التنسيقية على اتخاذ قرار بالسماح المؤقت بفتح أبواب معامل الغاز لمدة محددة أي فسح المجال لاستئناف نشاط معامل الغاز بولاية قابس لمدة محددة بيوم في الأسبوع أي بمعدل إنتاج 40 ألف قارورة غاز أسبوعيا على أن يبقى هذا القرار رهين تجاوب المسؤولين بالمعامل المعنية معه، وفق تصريح إذاعي للناطق الرسمي للتنسيقية أيمن الجماعي.

الاعتصام سيتواصل
وشدد الناطق الرسمي باسم التنسيقية على أن قرار المعتصمين جاء لتلاقي النقص الحاصل و حتى لا يتواصل اتهامهم بتعطيل إنتاج غاز الاستعمال المنزلي، مشيرا إلى أن إيقاف الإنتاج ليس هدفهم ، بل الهدف من كل ذلك لفت انتباه السلط الجهوية والمركزية لمطالب الشباب الذي ضاق ذرعا بالبطالة، وبتعطل التنمية بولاية قابس . هذا وسيواصل المحتجون وفق بيان أصدرته التنسيقية اعتصامهم في المنطقة الصناعية بقابس حتى آخر رمق من أجل نيل مطالبهم المشروعة التي تحفظ كرامتهم وتستجيب لطموحاتهم وذلك بكل الوسائل التصعيدية اللازمة كلما اقتضى الأمر، واعتبرت أن المطلب الأساسي للاعتصام هو التشغيل والتنمية دون المساس بالأمن القومي للبلاد ودون مس المواطنين في معيشتهم وقوتهم. ودعت إلى الانطلاق الفوري في المفاوضات من أجل حلّ كل الملفات وتوفير الشغل. ويشار إلى أنه تقرّر عقد مجلس وزاري خاص بولاية قابس لمتابعة الوضع التنموي بالجهة، وذلك يوم الثلاثاء 8 ديسمبر الجاري. وستسبق هذا المجلس جلسات تمهيدية، وفقا لبلاغ صادر عن ولاية قابس.

تواصل غلق الفانا بالقصرين
تنسيقية الدولاب بولاية القصرين بدورها تنفذ اعتصاما منذ أكثر من أسبوع وتلوح بمزيد التصعيد في صورة إذا لم تتم دعوتهم للتفاوض الجدي حول مطالبهم المتعلقة بالتنمية والتشغيل، علما وأن هذه التنسيقية قد قامت باقتحام مقر الشركة البترولية المنتصبة بالجهة وغلق الفانا، ووقع التشديد على أن قرار الغلق ويأتي على خلفية الغياب الكلي للسلط الجهوية والوطنية والمحلية وإلى عدم الاستجابة لمطالب الجهة في التنمية. ويشار إلى أن تنسيقية اعتصام الدولاب شكلت لجنة تتكفل بمهمة حماية المنشأة النفطية من خارج أسوارها بعد انسحاب وحدات الجيش منها .

أطراف سياسية تقف وراء التنسيقيات
لئن باتت التنسيقيات جهة وازنة في البلاد وحاضرة بقوة في التحركات الاحتجاجية وتتولى التنسيق وإدارة الحوار مع الأطراف المركزية، فإن الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي أكد في تصريح إعلامي له في نهاية الأسبوع الفارط أن أطرافا سياسية تقف وراء ما يسمى بالتنسيقيات أو اللجان الشعبية الجديدة، وشدد على أن المنظمة الشغيلة تظل مناصرة للتحركات الاحتجاجية والضغط الإيجابي، لكنها ترفض بشكل قاطع تعطيل مرافق الإنتاج مشككا في نزاهة بعض التحركات الاحتجاجية. وأضاف نور الدين الطبوبي أن الاتحاد لن يبقى متفرجا على انهيار مؤسسات الدولة وضعفها والذي ألقى بظلاله على الوضع الاجتماعي واتساع رقعة الاحتجاجات، مؤكدا في ذات السياق على رفض الإتحاد لخطابات الحقد والكراهية والبغضاء والنعرات الجهوية. وشكك في نزاهة عدد من التحركات الاجتماعية ببعض الجهات.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115