قدموا من 24 ولاية ومن مختلف الجهات للتعبير عن رفضهم لتقرير «بشرى» للبعد التحرري الذي تضمنه تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة داعين الى سحبه والى عدول رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي عما ورد في هذا التقرير وتجنب حدوث فتنة في البلاد.
في مسيرة شارك فيها المئات من الرجال خاصة والنساء وحتى الاطفال وشهدت حضورا امنيا مكثفا وتعطلت بسببها حركة المرور رفعت شعارات كثيرة ترتكز اساسا على التمسك بالعقيدة والدين، وتضمنت خطابات لائمة ورجال دين وأعضاء التنسيقية استهدف اغلبها رئيسة لجنة الحقوق والحريات بالاسم بشرى بالحاج حميدة التى لم يتوان بعضهم عن شتمها ونعتها بمفردات غير لائقة «حثالة» لجنة ماسونية...» ، هذه المسيرة التى انطلقت منذ الصباح من باب سعدون واستمرت إلى منتصف النهار في ساحة باردو أمام مجلس نواب الشعب تداول على منصة «الخطابات» أعضاء التنسيقية كما كان لمجموعات أخرى مكبرات للصوت ترفع الشعارات مع التكبير والتهليل.
تكبير ... شعارات ..
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاّ الله، الا كتاب الله، تقرير اللجنة دعوة للفتنة وتدمير للاسرة، التقرير انقلاب على الدستور ، الدعوة للمثلية دعوة لنشر الفاحشة ، لجنة تقرير الحريات من انتم»، تغير احكام المواريث اعتداء على القران، احكام المواريث خط احمر، مشروع الشذوذ تخريب للأسرة، الدعوة للمثلية تحليل لما حرّم الله، احكام العدة في القرآن قطعية لا سبيل لتبديلها او تغييرها ، اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا... هي جملة من الشعارات التى رفعت في المسيرة، هذه الشعارات كانت ايضا محور حديث المحامي فتحي العيوني خلال المسيرة وقال انّه على رئيس الجمهورية أصبح الالتزام بالدستور والقيام بدوره كموحد للشعب وشدد على ان «رئيس الجمهورية مصدر تفرقة للشعب التونسي لا مصدر توحيد»، مشددا على أنّ تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة يضرب مبادئ الدستور والقانون ولا يهدف إلى تنقيح مجلة الأحوال الشخصية.
وأضاف أن المسألة الدينية في الدستور ليست مسألة حقوقية أو تتعلق بالحريات، بل هي مسألة تتعلق بمقومات الدولة وأن المساس بها مساس بأعمدة الدولة، منتقدا أعضاء اللجنة التي تم تكليفها بمراجعة القانون باعتبار أن ثلثي أعضائها من غير المختصين في القانون، كما لم يتم الرجوع في بعض المسائل إلى شيوخ الزيتونة مثلما فعل الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة حينما قام بصياغة مجلة الأحوال الشخصية.
لم يطلعوا على التقرير ..اطفال ..في المسيرة
لم تمنع أشعّة الشّمس القوية وارتفاع درجات الحرارة أنصار التنسيقية الوطنية للدفاع عن القران والدستور من القدوم من قفصة وصفاقس وسيدي بوزيد وتونس ومنوبة.... حتى أن عدد منهم في تصريح لـ«المغرب» اكد انه أتى منذ ثلاثة أيام من وان ثلاث حافلات قدمت من قفصة، الى جانب حافلات اخرى سخرت لنقل المتظاهرين .
ما شد الانتباه خلال هذه المسيرة وجود اطفال لم يتجاوز سنهم 15 سنة ضمن لجنة التنظيم وغيرهم ، ينادون برفض ما جاء في التقرير لانه مخالف لما جاء في القرآن، ولدى استفسار بعضهم عن محتوى التقرير أكدوا دون أن تكون لهم القدرة على تبرير هدفهم من المشاركة وكانت معهم سيدة متوسطة العمر بصدد تلقينهم ما يجب قوله ورفع الأطفال شعارات بطريقة عفوية كان لها تأثير قوى على فئات اخرى متقدمة في السن تتقن القراءة والكتابة ويخول مستواها التعليمي فهم ما جاء في التقرير أحدهم كهل في الخمسين حاصل على الباكالوريا يقول إنه ضدّ «تحريم الختان للطفل» وضد اللواط «وضد منح اللقب للابن غير شرعي.. وضد قسمة الميراث» في حين أنه لم يقرأ التقرير، ويتعلل بأنهم قالوا له أن ذلك غير مقبول، كما أكد شاب في عقده الثالث أنه ضد ما جاء في التقرير ورفض منطق التغيير أصلا متسائلا لماذا هذا التغيير من منطلق ما اطلع عليه عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
واعتبر وزير الشؤون الدينية الأسبق في عهد حكومة الترويكا الاولى وعضو التنسيقية نور الدين الخادمي، أن التقرير يعد انقلابا على الدستور ومشروع خطير يهدد تماسك الأسرة بخلقه عددا كبيرا من المشاكل الاجتماعية مشيرا الى ان الاسرة تاسست على حقوق وواجبات للمرأة والرجل وعلى علاقة جنسية قانونية وشرعية وليست بين ذكر وذكر او بين انثى وانثي، ولا تسمح بعلاقات الزنا المحرمة، فضلا عن مخالفته للأسس الشرعية في عدد من النقاط على غرار الميراث والنفقة والمهر.
وجدد الخادمي دعوته لرئيس الجمهورية باعتباره الضامن للدستور إلى سحب التقرير وإلى إعداد مبادرات تشريعية حقيقية تهدف إلى إصلاح الأسرة تكون مؤسسة على قواعد ثابتة موضوعية تشارك فيها جميع الاحزاب ويشارك فيها أيضا مجلس النواب... وليس باعتماد مقترحات قدمتها لجنة اقصائية ايديولوجية على حد قوله، مشيرا إلى أن التنسيقية أعدت ميثاقا تضمن موقفا مفصلا ودعوة إلى إصلاح حقيقي لعدد من المسائل التنموية التي تهم الرأي العام ودعا إلى تدخل رئيس الجمهورية باعتباره الضامن لتطبيق الدستور.
الخادمي الذي بدأ خطابه باشارة الى ان المسيرة تاتى في يوم مبارك في يوم من الايام القلية قبل الحج الاكبر، في حين هناك توجهات اخرى، مشددا على الوريث الشرعي للمسائل الدينية هم اساتذة الزيتونة وانهم لن يتخلوا عن ذلك، وان تقرير لجنة الحريات فيه مغالطات وانهم رفضوا تقديم البرهان والدليل .
الخادمي لـ«المغرب» : يجب الرجوع للمرجعات المعتبرة
وفي تعليقه على ما أفاد به الدكتور عبد المجيد الشرفي الأستاذفي الفكر والحضارة الاسلامية بأن من له دراية بتطورات الفكر الاسلامي لن يعارض التقرير، قال الخادمي لـ«المغرب» «السيد الذي ذكر يقول التقرير «موش فتوى إنما فكر فلسفي مدني»، ثم يستعمل في التقرير آيات قرانية وأحاديث نبوية وأحكام شرعية، اذن هل فيه مرجعية دينية ام لا ؟» واذا تم اعتماد مرجعات دينية واجتماعية وقانونية يجب الرجوع الى المرجعيات المعتبرة وجامعة الزيتونة مرجعية رسمية وتتبع وزارة التعليم العالي ولم يتم الرجوع اليها مضيفا انه يجب على اعضاء لجنة التقرير الرجوع الى المؤسسات المعتبرة، موضحا في تصريحه لـ«المغرب» ان القول باستشارة علماء جامعة الزيتونة غير صحيح ولم يستعينوا بهم بل دعوا بعض الاساتذة بصفة شخصية وليست رسمية وعلى اساس مناقشة عامة للمبادئ ولم يطلعوا على التقرير بل أصدروا بيانا عبروا فيه عن رفضهم لما جاء فيه وانه لا علاقة لهم به».
وعن التركيز على بعض المسائل دون سواها ومنها عدم المطالبة بتطبيق النص القراني في قطع يد السارق مثلا، قال الخادمي «نحن هنا نناقش في مسألة التقرير وإشكالا دستوريا ودينيا، وإن اللجنة لم تتضمن مثلا أي مختص أو أستاذ في القانون الدستورى أو المحامين أو نواب – علما وأن بشرى بالحاج حميدة محامية – ولذلك استدرك وقال عمادة المحامين مثلا، أي الكليات ذات المرجعية الحقوقية والقانونية والهيئات ليس مجرد اشخاص .