التي تقر بشكل مباشر انها ستدعم المبادرة الخاصة بعد ان باتت الوظيفة العمومية تعاني من تخمة، مراهنة تعتبرها الحكومة ورقتها الرابحة لضرب عصفورين بحجر واحد، التشغيل والتنمية، هذه الاستراتيجية يشرحها اكثر وزير التشغيل فوزي عبد الرحمان في حوار له مع «المغرب»، تطرق فيه الى الآليات المالية التي ستتبعها الحكومة لتحقيق اهدافها
• قدمت الحكومة خطتها للتشغيل بعد ان اشارت انها قامت بتجربة نموذجية٫ هل قيمتم هذه التجربة وعلمتم مواطن قوتها؟
التجربة جيدة جدا اذ احدثت في اطار آلية من الآليات وهي اليات الجيل الجديد من الباعثين 91 شركة مرت سنة على بعثها واستطاع بعضها ايجاد اسواق اخرى بخلاف السوق الإطاري مع وزارة التجهيز. اي ان الباعثين الجدد تعودوا على ادارة مشاريعهم وتوفير شروط نجاحها.
قبل حوالي الشهر جلس وفد من وزارتنا مع وفد من وزارة التجهيز لتقييم هذه التجربة النموذجية واطلاق المرحلة الثانية منها التي سيقع فيها احداث 100 مشروع جديد.
• حوالي 200 مشروع مع وزارة التجهيز حدد لنا اي الاختصاصات والمجالات التي نشطت بها؟
التجربة الاولى انطلقت من مبدإ عام يتمثل في ان المشتري العمومي يترك 20 % من شراءاته لهذه الشركات عن طريق المراكنة التي تعني منح المشاريع العمومية او الصفقات العمومية في اطار تكليف مباشر يتم اثر توقيع اتفاقيات مع الوزارات. حاليا نحن امضينا اتفاقيات مع وزارة التجهيز والبيئة والشؤون المحلية والتي نفاوض اليوم مع بنك التضامن تفاصيل اتفاق معه يمكن الباعثين الجدد في اطار الاتفاق مع وزارة البيئة من قروض تصل الى 150 الف دينار، كما اننا حاليا في اطار مفاوضات لامضاء اتفاق ثالث مع وزارة تكنولوجيات الاتصال لابرام اتفاق يفضى الي بعث حوالي 46 شركة ومشروع وهذا في اطار هدف عام يتمثل في بلوغ 10 اتفاقيات مع وزارات وادارات تمكن من خلق جيل جديد من الباعثين الجدد.
• هذه المشاريع قد تكون ناجعة في الولايات الكبرى في تونس وليس المناطق الداخلية التي تعاني من ارتفاع نسب البطالة؟
مبدأ هذه الالية هو تشجيع الباعثين الجدد في الجهات الداخلية دون ان نغفل على ان المركز بدوره يعاني من ارتفاع نسب البطالة اذ ان اكبر نسبة مسجلة في تونس الكبرى والمناطق المحيطة بها.
هذا البرنامج سيستهدف مراكز ارتفاع البطالة، لكن وفق تصورات اذ اننا في مجال البيئة سنتجه الى الجهات الداخلية وخاصة البلديات الصغرى والمحليات لحثها على تبني هذه الخطة، من ذلك في المجال البيئي الذي تنص الاتفاقية مع وزارة البيئة والشوون المحلية على احداث مشاريع وشركات في اطار جيل جديد من الباعثين تعنى بالمناطق الخضراء وشركات ضخ وصناديق ربط ومنشآت تطهير ،نطمح ان نصل مع وزارة الصناعة الى الدخول لعدة مجالات منها الربط بالغاز الطبيعي وملاءمة الغاز الطبيعي وهذا سيكون مخصصا للشركات ذات قيمة استثمار بين 90 و150 الف دينار.
لكن نحن قمنا بوضع آلية اخرى اسمها «مهن الجوار » التي سنحدث في اطارها شركات قيمة استثماراتها بين 5 و30 الف دينار تقدم خدمات جوار على غرار الخدمات للافراد وصيانة المعدات مع توفير تسهيلات لهذه الشركات في ايجاد اسواق جهويا او محليا او وطنيا كما نقدم لهم الاحاطة والمرافقة لمدة ثلاث سنوات.
هاتان الآليتان نراهما هامتين في جيل جديد من الباعثين نطمح ان تمكن من احداث 500 شركة قد يصل منها 5 شركات الى مرحلة ان تكون شركات كبرى لها القدرة على تشغيل 5000 عامل.
• هاتان الآليتان هل تتوقعون انهما قادرتان على توفير مواطن شغل واستيعاب البطالة؟
الاحصائيات الحالية المتوفرة لنا من التجربة النموذجية تفيد بان 91 شركة تتعامل مع وزارة التجهيز وفرت 362 موطن شغل ونأمل ان توفر المشاريع مع البيئة 500 موطن شغل خلال هذه السنة، وتقريبا المعدل العام هو ان كل شركة تحدث توفر 5 مواطن شغل.
• كم عدد الشركات التي تهدفون الى احداثها؟
نهدف الى ان نساعد على احداث بين 300 و500 شركة جديدة، وقد استعددنا جيدا لهذا بتوفير التمويلات ورصدها اضافة الى الاطار التشريعي والاتفاقيات.
• في تونس المشاريع على الورق واعدة ومثالية لكن التطبيق يكشف انها تعاني من اخلالات ونقائص على غرار آلية عقد الكرامة؟
رئيس الحكومة اشار في مداخلته مع الشباب يوم الاحد الفارط الى ان الحكومة خصصت 100 مليون دينار لالية الجيل الجديد للباعثين ومهن القرب.
• طوال 30 سنة من اتباع خطط وسياسات تشغيل عمومية كان تنزيل هذه الاليات على الواقع ينتهي بخيبة امل كبيرة بسبب تناقض في المدونة التشريعية مع تعقيدات الاجراءات الادارية وصعوبة التمويل ؟
اليوم نحن لنا معطيات وارقام دقيقة لم تكن متوفرة منها الارقام الدقيقة عن البطالة ومعادلتها وتفاصيلها وكم موطن شغل نحدث سنويا وكم يجب ان نوفر لتحقيق تراجع في نسب البطالة، هذه المعطيات جعلتنا نضع خططا محددة باهداف واقعية وليست مثالية، نحن لن نتحدث بمنطق نظري او طوباوي.
في السابق كانت الدولة تضع حوالي 300 الف دينار في اليات التشغيل الـ9 التي اطلقتها، قمنا بمراجعة وتقييم هذه الآليات والغينا التي لا نجاعة منها او دور اجتماعي لها، لهذا ابقينا على اربع اليات من اصل 9 بعد ان دمجنا البعض او تخلينا عن الاخر.
نحن في تقييمنا توصلنا الى ان ما يحدث مواطن الشغل ليس اليات التشغيل بل النمو الاقتصادي والتنمية، لهذا توجهنا لاحداث آليات تشجع على هذا. ونحن اليوم نشتغل بنسق سريع مع وزارة المالية ووزارة العدل لاحداث اليات المبادر الذاتي اي ان الشركة تشغل صاحبها فقط، الايجابي الذي نهدف الى تحقيقه هو تبسيط الاجراءات الادارية والجبائية.
• «المبادر الذاتي» مالذي سيشجعه على الالتحاق بالاقتصاد المنظم وتحمله لتكاليف اضافية طالما انه لن يتمكن من ان يستفيد من الولوج لمصادر التمويل او الامتيازات، كيف ستقنعونه؟
الهدف الثاني من خطة عملنا هو ادماج هؤلاء في الاقتصاد المنظم والامتيازات هي التمتع بالقروض والولوج للخدمات العمومية، يمكنه ان يستفيد من الالتحاق بهذه الالية، وهذا مدخل له ليستفيد لاحقا من اليات الاقتصاد التضامني واليات التمويل الجديدة، نحن نعمل اليوم على احداث هذه الآليات فوفق دارسة قمنا بها اصحاب المبادرات الخاصة يشتكون من صعوبتين، الاولي تعقيدات الاجراءات الادارية وصعوبة الحصول على تمويل. نحن اليوم نشتغل على توفير نفاذ الى التمويل الذي نعتبره ابرز معضلة تواجه اية مؤسسة اقتصادية.
• كيف ستعالجون هذه المعضلة؟
اولا عبر تبسيط الاجراءات، ثانيا توفير آليات الضمان من قبل الدولة، ثالثا عبر فتح الية المشاركة عبر راس المال وعدد من الآليات الاخرى فنحن اليوم في طور الاطلاع على تجارب الدول الرائدة في هذه المجالات.
• الدولة لها 3 بنوك عمومية لماذا لا يقع توجيه سياستها العامة الى دعم هذه الخطة؟
دون كلام خشبي، نحن نعاني من ضعف في منظومتنا المصرفية، اليوم نحن مطالبون بايجاد حلول في ظل هذا الضعف المتمثل في اخلال المنظومة المصرفية في دفع الاستثمار.
• انتم قلتم ان شعار 2018 هي سنة التشغيل فلماذا لا يستعملون اذرعة الدولة لتحقيق هذه السياسة؟
نحن لا نستطيع اجبار البنوك العمومية على الالتحاق بسياستنا، فهي تتمتع باستقلالية القرار، ما نستطيع فعله هو ان نحدث خطوط تمويل ويظل القرار بيد المؤسسات المالية. النقاش اليوم على هذه النقطة لكن لم ينضج بعد، خاصة ان منظومتنا المالية والاقتصادية والمنظومة الادارية محافظة ترفض التغيير والافكار الجديدة، هناك مقاومة من المنظومة القائمة لهذا
التغيير، هذا قلب النقاش ولا يمكن توقع اين سنصل او ما سنحققه، شخصيا اقول لا يمكن ان ننجح في دفع الاستثمار والتنمية وخلق التشغيل بمثل هذه السياسة المصرفية المتبعة اليوم.
• اعلنتم انكم ستتجهون للاقتصاد التضامني الاجتماعي؟
اجل سنتجه الى الاقتصاد التضامني الاجتماعي لما فيه من خصائص هامة وناجعة، ولها دور اجتماعي واليات هامة، كما انها لا تقتصر على الشركات الصغرى بل يمكن ان تكون شركات كبرى لها طاقة تشغيلية هامة تصل الى 5000 شخص، نحن اليوم نأمل ان نصل الى 5 % نسبة مساهمة الاقتصاد التضامني في الناتج القومي الخام.
• انتم تضعون اهدافا تعتبرونها سهلة لكن في التطبيق تتضح صعوبتها واستحالة تحقيقها احيانا، على غرار عقد الكرامة ؟
لقد بلغنا 15 الف منتفع بعقد الكرامة ونعلم اسباب الوصول الى الهدف الموضوع وهو 25 الف منتفع وذلك بسبب تعقيدات اجراءاتها وصعوبتها، لهذا نحن نتجه الى تبسيط الاجراءات لحث الشركات على العمل به. بالنسبة لاهداف خطتنا الحالية نحن لم نضع اهدافا عالية بل اهدافا متوسطة ونعتبر ان هذه السنة هي سنة تقييم الاليات ووضعها محل تنفيذ للوقوف على نقاط القوة والضعف، ونراهن على ان يكون 2019 سنة تحقيق الانطلاقة الكبرى لهذه الاليات.