• لجنة المالية تصادق على قرض رقاعي بقيمة 850 مليون أورو
تعددت جلسات الاستماع يوم أمس بمجلس نواب الشعب خصوصا في ما يتعلق بمشروع قانون هيئة الاتصال السمعي البصري التي شهدت عديد الانتقادات من قبل رئيس «الهايكا» النوري اللجمي، مقابل تثمينه من قبل الوزير المكلف بالهيئات الدستورية. كما اختلف أعضاء لجنة الصناعة مع وزير البيئة والشؤون المحلية حول مضمون مبادرة تشريعية، وذلك بالتزامن مع مصادقة لجنة المالية على قرض رقاعي في ظل رفض المعارضة على خلفية أسباب هذا القرض.
انطلقت أعمال لجنة المالية والتخطيط والتنمية يوم أمس بمناقشة مشروع القانون المتعلق بالموافقة على الإحالة لفائدة الدولة للقرض الرقاعي المصدر من قبل البنك المركزي التونسي بالسوق المالية العالمية، موضوع الاتفاقات المبرمة بين البنك المركزي التونسي وجمع من مؤسسات مالية أجنبية بقيمة 850 مليون أورو. وصادقت اللجنة بأغلبية الحاضرين على مشروع القانون المذكور، بالإضافة إلى المصادقة على تقريرين متعلقين بمشروعي قانون تمت المصادقة عليهما أول أمس وهما كل من الموافقة على عقد الضمان عند أول طلب المبرم في 7 أفريل 2017 بين الحكومة التونسية والوكالة الفرنسية للتنمية والمتعلق بالقرض المسند لفائدة الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه لتمويل مشروع إنجاز محطة معالجة المياه بالساحل وتعزيز طاقة قنوات جلب المياه المعالجة.
في أسباب عرض القرض الرقاعي
وتساءل أعضاء اللجنة عن أسباب عرض هذا القرض الرقاعي المقدر بـ 850 مليون أورو في هذا الوقت بالتحديد خصوصا وأنه تم الحصول عليه منذ شهر فيفري 2017، مما جعل نواب المعارضة ينتقدون هذا القرض بشدة. وقال النائب عن الجبهة الشعبية فتحي الشامخي أن هذا القرض الرقاعي جاء بعد بروتوكول الضمان الأمريكي، مستغربا من كيفية سداد القرض دفعة واحدة بعد عدة سنوات خصوصا وأن الترقيم السيادي للبلدان يحدد نسبة وكلفة الضمان مما يستوجب ضرورة معرفة كلفة القرض إجمالا. كما اعتبر رئيس اللجنة منجي الرحوي أن كلفة القرض متعلّقة بطريقة السداد أي على أقساط أو دفعة واحدة، حيث أن طريقة السداد هذه تتكلّف على ميزانيّة الدولة، والقرض الرقاعي لقطر الذي كان من المفروض أن يسدد سنة 2017 قد تمّ تأجيله كقرض آخر مما يجعل هذه النوعية من القروض عبئا على الدولة.
الاستماع إلى وزير البيئة والشؤون المحلية
من جهة أخرى، استمعت لجنة الصناعة والطاقة والثروات الطبيعية والبنية الأساسية والبيئة إلى وزير الشؤون المحلية والبيئة رياض المؤخر حول مقترح المتعلق بالمسؤولية المجتمعية للمؤسسات. وقال المؤخر أن المقترح جاء لرفض فكرة أن تكون المؤسسة اقتصادية فقط وكل ما تجنيه المؤسسة يعود بالربح إلى المساهمين فيها، مشيرا إلى أن المسؤولية الاجتماعية تمثل انعكاسا لبرنامج التنمية المستديمة باعتبارها ترتكز أساسا على فكرتين وهما الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد. كما أضاف أن تونس تتمتع اليوم بمناخ تشريعي واجتماعي ملائم لمثل هذه المبادرات خاصة بعد الانتهاء من تركيز الهيئات الدستورية المستقلة. وبين المؤخر أنه في نهاية 2015 تم تركيز جمعية تعنى ببرنامج المسؤولية المجتمعية وهي معهد المسؤولية المجتمعية للمؤسسات بتونس، حيث تم تكليفه كنقطة اتصال وطنية للاتفاق العالمي حول هذا البرنامج، خصوصا وأن الوزارة انطلقت في إعداد دراسة إستراتيجية حول المسؤولية المجتمعية، حيث ستحدد هذه الدراسة التوجه الذي ستتخذه الوزارة والإصلاحات والتوجهات العامة لهذا القانون. وتهدف هذه الدراسة بالأساس إلى بلورة وصياغة ميثاق وطني للتنمية المستدامة وفق منهج تشاركي يعبر عن أولويات وطموحات كل الأطراف الفاعلة على الصعيدين الوطني والدولي، وتندرج أيضا ضمن خارطة الطريق حول تدعيم الاقتصاد الأخضر كمنوال للتنمية.
اختلاف في الرؤى بين الوزير والنواب
في المقابل، تطرق النقاش العام بين أعضاء اللجنة حول أسباب تأخر اعتماد الاقتصاد الأخضر رغم كثرة الدراسات. وقالت النائبة عن الكتلة الوطنية ليلى أولاد علي أن هناك فرقا بين ما تسعى إليه الوزارة وبين المبادرة التشريعية الحالية، باعتبار أن الوزارة تسعى إلى تحفيز أصحاب المؤسسات على تبني المسؤولية المجتمعية لتحقيق أهداف تنموية، في حين أن مبادرة النواب ترتكز على مبدأ تحميل الشركات التي تجني مرابيح طائلة مقابل انتهاك الحقوق البيئية للمواطنين مسؤولية مجتمعية. كما أكد أعضاء اللجنة على أن هذا المشروع سيكون الحد الفاصل للضرر الذي تقوم به المؤسسات بالمجتمع وبالبيئة، خصوصا أن المسؤولية الاجتماعية لا تنحصر فقط في البعد البيئي بل تمتد إلى الاقتصادي والاجتماعي.
الاختلاف بين الوزير وأعضاء اللجنة يبدو واضحا خصوصا من خلال رده على النقاش العام، حيث قال وزير البيئة أن جلسة الاستماع جاءت على خلفية وجود مشروع قانون عنوانه المسؤولية المجتمعية للمؤسسات وفي المقابل، فإن هذا المقترح يتمثل في إلزام المؤسسات الصناعية بالمساهمة في التنمية المحلية. كما بين أنه حسب المفاهيم الدولية فإن مقترح القانون المقدم من النواب لا يدخل في إطار المسؤولية المجتمعية، مبينا أن الوزارة تعمل على إعداد مشروع قانون للمسؤولية المجتمعية طبقا لما تقتضيه المعايير الدولية، داعيا في ذلك اللجنة إلى ضرورة الاستماع إلى وزارة المالية ووزارة الطاقة والمناجم باعتبارها أطرافا رئيسية في المسألة.
الاستماع إلى وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية
من جهة أخرى، استمعت لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية يوم أمس إلى وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان المهدي بن غربية ورئيس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري النوري اللجمي حول مشروع القانون الأساسي المتعلق بهيئة الاتصال السمعي البصري. وانطلقت اللجنة بمداخلة وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية، الذي حدد مهام الهيئة وتركيبتها بالرجوع إلى نص القانون، مبينا أنّ الهيئة لم تفقد صلاحياتها المضمنة بالمرسوم عدد 116. كما أضاف بن غربية أنه تمت المحافظة على كل الصلاحيات المُضمّنة بالمرسوم عدد 116، حيث ﻻ يجب التوقف عند الشكليات طالما أنّ صلاحيات الهيئة لم ينقص منها شيء. وفيما يخصّ تنظيم الإعلام الإلكتروني، أكد الوزير أنّ القانون الانتخابي ينصّ في فصليه 65 و66 على إمكانية استخدام الإعلام الإلكتروني في الحملات الانتخابية، مشيرا إلى أن الوزارة بصدد إعداد مجلة رقميّة تتعهّد بتنظيم الصحافة الإلكترونية ستحلّ محلّ مجلة الاتصالات. كما شدد على ضرورة ضمان تمثيلية الصحفيين في مجلس الهيئة من الأطراف المعنية بتنظيم القطاع.
اللجمي ينتقد مشروع هيئة الاتصال السمعي البصري
لكن في المقابل، أبدى النوري اللجمي رئيس الهيئة عديد التحفظات ضد مشروع القانون على مستوى الشكل وعلى مستوى المضمون. فعلى مستوى الشكل، تساءل اللجمي عن مدى ملاءمة الفصول المُحدثة للهيئة مع أحكام الدستور والقانون المنظم للاتصال السمعي البصري، مما قد يؤدي إلى الغموض والتضارب بين النصوص القانونية. حيث دعا إلى توحيد النصوص وتجميعها، باعتبار أن الفصل قد يؤدي إلى تشتيت صلاحيات الهيئة. وعلى مستوى المضمون، تطرق رئيس الهيئة إلى آلية الإعفاء التي تعتبر من الصلاحيات الحصرية لمجلس الهيئة، مطالبا بضرورة تحقيق التوازن بين مبدأي المراقبة والمساءلة فيما يخص الهيئات الدستورية، معتبرا أن الإحالة الصريحة صلب الفصل 33 من الأحكام المشتركة من شأنه تعريض أحكام مشروع القانون لعدم الدستورية. كما انتقد أيضا عدم تكريس الآليات المكرسة للاستقلالية المالية والإدارية للهيئة، حيث لم يتضمن مشروع القانون على حد تعبيره آليات عملية لتكريس هذه الاستقلالية وحل الإشكاليات القانونية التي قد تعترضها. وأضاف أن هناك غموضا في الصلاحيات الوظيفية للهيئة، على غرار أن أحكام مشروع القانون غامضة خاصة فيما يخص التداخل بين المهام والصلاحيات وتناسق اﻷحكام، إلى جانب غياب الضبط المحكم لمهام الجهاز التنفيذي ومجلس الهيئة والرئيس، مع غياب تحديد مهام المدير التنفيذي بصفته همزة الوصل بين المجلس والإدارة
في المقابل، تطرق النقاش العام بين أعضاء اللجنة إلى ضرورة تنظيم قطاع الصحافة الإلكترونية، بالاضافة إلى بعض الإشكاليات على مستوى عضوية النقابات اﻷكثر تمثيلا لمجلس الهيئة. وقال النائب عن كتلة الإتحاد الوطني الحر توفيق الجملي أن المشهد الإعلامي متعدد ومتنوع ولا يقتصر فقط على الاتصال السمعي البصري، مقترحا أن تُنظّم هذه الهيئة المشهد الإعلامي ككلّ، من إعلام سمعي وبصري وإلكتروني.