دون مدرسين في التعليم الاساسي والثانوي في مادة من المواد على الأقل، ضعف الميزانية المرصودة للمؤسسات .. قانون المالية 2018 .. كل ذلك سيكون دافعا حتى تخوض الجامعة العامة للتعلم الثانوي جولة جديدة من الاشكال الاحتجاجية، ولرفع لائحة مهنية جديدة تضم مطالب مادية جديدة دفاعا عن المقدرة الشرائية لمنظورها وقد يؤدي ذلك الى الدخول في صراع جديد واحتقان اجتماعي جديد بداية من شهر جانفي 2018 في حال أدت الاجراءات الجبائية الجديدة الى إضعاف القدرة الشرائية للمدرسين.
يخوض أساتذة التعليم الاساسي والثانوي يوم 6 ديسمبر المقبل ، اضرابا احتجاجيا انذاريا بكافة المؤسسات التربوية ، وتجمعا وطنيا امام مجلس نواب الشعب او القصبة يوم 19 ديسمبر 2017 ، احتجاجا على تردي الوضع التربوي العام ، وعلى تفشي ظاهرة العنف الممنهج ، على سياسة ديوان الخدمات المدرسية ، على قانون التقاعد وحلوله الترقيعية ، وعلى قانون المالية لسنة 2018 وأيضا على سياسة وزارة الشباب والرياضة .
اعلن الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم الثانوي لسعد اليعقوبي امس خلال ندوة صحفية عن اهم المحاور التي من اجلها يضرب الاساتذة في السادس من الشهر المقبل، والتي تجعل السنة الدارسية الحالية من اسوء السنوات الدراسية على حد تعبيره إذ الى غاية اليوم هناك معاهد دون اساتذة وقرابة 900 الف تلميذ دون مدرسين في مادة من المواد في حين ان الثلاثي الاول من السنة الدراسية شارف على الانتهاء في المقابل اعلنت سلطة الاشراف عن غلق باب الانتدابات على حد قوله، وفي هذا الصدد اشار اليعقوبي الى ان الاحصائيات الرسمية تسجل نقصا بحوالي 1700 مدرس، ولم يتم انتداب الا 400 مدرس في صيغة العون الوقتي، ويوجد الى حد الان وفي مختلف المؤسسات التربوية بكامل تراب الجمهورية نقصا فضلا عن عدم تعيين المنتدبين الى غاية اليوم بصفة قانونية .
في السياق ذاته تطرق اليعقوبي الى ان وزارة التربية تعتمد على الية التعويض وهذه المسالة منافية لكل الاعراف الدولية، نظرا لعدم تمتع المدرس بكامل الحقوق سواء على مستوى التغطية الاجتماعية او الاجر او اي ضمانات اجتماعية وعلى سبيل المثال فان ولاية منوبة فقط فيها قرابة 70 مدرسا معوضا من بينهم من يدرس في الاقسام النهائية التي تحتاج الى الخبرة والدراية، و3 اقسام دون مدرس في مادة العربية، في باجة يوجد اكثر من 180 معوضا، كما يوجد قرابة 35 قسم دون مدرس في بعض المواد الاساسية ، في قفصة وفي معتمديتن فقط هناك 60 معوضا، اما صفاقس ففيها 90 معوضا و10 اقسام نهائية يتولى فيها التدريس معوّضون ، 38 قسم دون تدريس، في حين فاق عدد المدرسين المعوضين في سليانة 190 معوضا، كل هذه الامثلة دليل وفق نقابة التعليم الثانوي على عدم الرغبة من سلطة الاشراف في اصلاح المنظومة التربوية.
وضع كارثي
الوضع المادي والمعنوي «الكارثي» للمؤسسات كما وصفه اليعقوبي لا يقتصر على سد الشغورات وغلق باب الانتدابات والكم الهائل من المعوضين وعدم توفر الحد الادنى من الاطار التربوي، بل ينضاف اليه ضعف الميزانيات المرصودة لها حيث تبلغ المديونية في البعض منها اكثر من 50 بالمائة ، وعلى سبل الذكر نسبة المديونية بمعهد ابن ابي الضياف في منوبة تقدر بـ 40 الف دينار ، وبمعهد مجاز الباب قرابة 50 الف دينار وفي احد المعاهد الكبرى بسليانة تقدر 76 الف دينار.
في الاطار ذاته تم التطرق الى ديوان الخدمات المدرسية الذي تم إحداثه في عهد ناجي جلول من اجل تحسين الخدمات ، لكن الامر كان عكس ذلك ، فقد تم تركيز كل الصفقات العمومية بهذا الديوان دون اي اجراء رقابي ، وانجر عن ذلك «لحوم فاسدة» مواد غذائية فاسدة، مواد غذائية مهربة، وبالتالى تلاميذ دون اكل في المبيتات ، واعتبر النقابيون خلال الندوة ان الديوان تم تركيزه على قاعدة قانونية «فاسدة» وهو السبب الرئيسي في تدهور الوضع في المؤسسات التربوية ويجب اعادة النظر فيه.
مع بداية السنة والى غاية اليوم رصدت الجامعة العامة للتعليم الثانوي قرابة 100 اعتداء على الاطار التربوي ، وتؤكد الجامعة ان ظاهرة العنف اتخذت هذه السنة منحى اخر حيث تم الاعتداء بالسلاح الابيض على احد الاطارات التربوية، ولذلك كانت هناك دعوات لتجريم هذه الاعتداءات.
50 % من التلاميذ تعاطو المخدرات
من بين الظواهر الاخرى ، ظاهرة تعاطي المخدرات والإدمان عليها ووفق لسعد اليعوبي فان حوالي 50 بالمائة من التلاميذ في المعاهد جربوا او تعاطوا مواد مخدرة وتبلغ نسبة الادمان في صفوف التلاميذ ما بين 15 و20 بالمائة .
نقاط عدة جعلت من الجامعة العامة تقرر الاضراب نذكر منها ايضا تنكر وزارة الشباب والرياضة لتعهداتها، فضلا عن رفض الاساتذة لقانون المالية لسنة 2018 ، وشدّد اليعقوبي على ان الاساتذة لا يمكن ان يكونوا ضحايا مرتين، معتبرا ان القانون استهدف المقدرة الشرائية للاساتذة وتضاعف وتيرة الاداءات الجبائية .
فضلا عن قانون التقاعد حيث طالبت الجامعة بتفعيل اتفاق سنة 2011 ، وتصنيف مهنة المدرس من بين المهن الشاقة ، باعتبار ان نسبة كبيرة من المدرسين حوالي 3 الاف مدرس يلجؤون الى الاطباء النفسانيين مع نهاية السنة، وتتلقى الوزارة والنقابة في هذا الاطار مئات المطالب سنويا من اجل الاحالة للعمل الاداري ، اما معدل امل الحياة لدى المدرسين فهو يتراوح بين 63 و65 .
كل هذه الاسباب ستكون دافعا لرفع لائحة جديدة من المطالب المادية ، من اجل تحسين اوضاع المدرسين ..ميزانية 2018 ستدفع الى الدخول في صراع جديد واحتقان جديد على حد تعبير اليعقوبي.