مشروع القانون يهدف أساسا إلى الحد من النزاعات الاجتماعية من خلال إرساء شراكة اجتماعية تقوم على توخي المفاوضة والحوار سبيلا لفض النزاعات إلى جانب تحقيق مبادئ العمل اللائق وتوفير مناخ اجتماعي سليم داخل المؤسسة الاقتصادية. وعلى المستوى الوطني، يهدف الحوار إلى الترفيع في الانتاجية وتحسين الأداء الاقتصادي، حيث يقوم الحوار على مبدإ الثلاثية والذي يتشكل من أطراف سياسية وفاعلة ممثلة من خلال الحكومات والنقابات العمالية وأصحاب العمل. ويندرج مشروع القانون المعروض في إطار تجسيم مختلف بنود العقد الاجتماعي الذي تم إبرامه بتاريخ 14 جانفي 2013، والذي يعتبر بمثابة الدستور الاجتماعي بالنظر إلى دوره في تطوير العلاقات الاجتماعية. هذا ويتولى المجلس الوطني للحوار الاجتماعي تنظيم وإدارة الحوار بمختلف أبعاده ومضامينه الواردة بالعقد الاجتماعي. وتماشيا مع مبدأ الثلاثية يختص المجلس بالنظر كذلك في المسائل الاجتماعية والاقتصــــادية ذات الاهتـمام المشترك بين الأطراف الممثلة والتي من شأنها ضمان العمل على إرساء مناخ اجتماعي محفز ودافع للاستثمار.
المصادقة على الفصول
لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية وبعد عقد جلستي استماع إلى كل من الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي والى ممثلين عن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، تمكنت من حصر التوافقات بخصوص مشروع القانون، وهو ما جعلها تنطلق في مناقشة الفصول والمصادقة عليها، حيث يتضمّن مشروع القانون المذكور 24 فصلا، موزعا على 3 أبواب. وشرع أعضاء اللجنة في مناقشة فصول المشروع حيث تم الحفاظ على العنوان والفصل الأول حسب ما ورد بصيغة المشروع الأصلية، على عكس الفصل الثاني المتعلق بتحديد مهام المجلس ومجال نظره حيث أكد بعض أعضاء اللجنة على ضرورة ضبط مشمولات المجلس بشكل واضح حتى لا تداخل بين مهام المجلس ومهام هيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة وهي هيئة دستورية سيتم تركيزها مستقبلا. واقترح بعض النواب حذف عبارة «مضامين العقد الاجتماعي» مشيرين إلى أن مؤسسة العقد الاجتماعي لم يقع تعريفها صلب مختلف القوانين وانه يمكن الاقتصار على الإشارة إلى العقد الاجتماعي صلب وثيقة شرح الأسباب فقط. وقد صوتت اللجنة على الفصل الثاني بعد إدخال تعديلات عليه وذلك في إطار الاستئناس بالمقترحات التعديلية المقدمة من كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية والجامعة العامة التونسية للشغل والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري.
الدور الاستشاري للمجلس
كما تمكنت اللجنة من الحسم في مقتضيات الفصل الثالث المتعلق بالدور الاستشاري للمجلس فيما يتعلق بمشاريع القوانين ومشاريع الأوامر الحكومية المرتبطة بالعلاقات الشغلية والمهنية ومشاريع القوانين ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية ومشاريع القوانين المرتبطة بمخططات التنمية. حيث تم التنصيص على ضرورة أن يستشار المجلس الوطني للحوار الاجتماعي وجوبا في مشاريع القوانين والأوامر الحكومية ذات الصلة بالعلاقة الشغلية والعلاقات المهنية والتكوين المهني والحماية الاجتماعية، في حين تبقى استشارة المجلس في بقية مشاريع القوانين امرا اختياريا. في المقابل، شكل الفصلان الرابع والسادس محور خلاف صلب اللجنة، حيث تم تأجيل النظر فيهما، وهما يتعلقان بالحصول على المعلومات وهيكلة المجلس.
من جهة أخرى، تبنت اللجنة مقترحات المنظمة الشغيلة في الفصلين الخامس والسابع، في حين تم تنقيح الفصل الثامن من مشروع القانون الذي يتعلق بتمثيلية المجلس. وفي هذا الإطار، اقترح أعضاء اللجنة تغيير عبارة المنظمات الأكثر تمثيلا واستبدالها بالتمثيل النسبي لكافة الأطراف، على أن يتم تحديد قواعد للتمثيل النسبي بأمر حكومي. كما تم التصويت على الفصول من 9 إلى الفصل الأخير 24 من مشروع القانون بأغلبية الحضور بصيغها الأصلية مع بعض التعديلات في مستوى الصياغة.
قانون التمثيلية النقابية
بالرغم من مصادقة اللجنة تقريبا على كافة فصول مشروع القانون، إلا أنه تم تـأجيل التصويت على المشروع برمته إلى حين إعداده في صيغته النهائية وإعداد تقرير اللجنة بشأنه. مشروع القانون من المنتظر أن تتم المصادقة عليه صلب الجلسة العامة، قبل نهاية السنة البرلمانية الحالية، بالرغم من وجود بعض النقاط الخلافية الجانبية تم طرحها من قبل كل من المنظمة الشغيلة ومنظمة الأعراف وتتمثل أساسا في أن لا يكون الحوار الاجتماعي منحصرا في الجانب المادي والزيادة في الأجور بل يجب أن يكون أشمل من ذلك، مع العمل على وضع قانون التمثيلية النقابية الذي يتيح للحكومة المجال لاستشارة النقابة في الشؤون الاجتماعية والاقتصادية خاصة في ظل تكريس التعددية وإمضاء تونس لاتفاقية حرية العمل النقابي.